اتصال هاتفي مهم أخبرني بان ألتزم بالاتفاق و ان كللت المهمة بالنجاح ستهطل مجموعة مزايا لا حصر لها على حياتي و انا كمرتزق قمت بعدة اغتيالات و لم يكن لدي ما اخسره في حياتي الشخصية لم تكن لي عائلة تحيط بي و لا اقارب اعرفهم حتى قبل ان اصبح مرتزقا لم اربح شيء في حياتي .. فماذا يخسر الذي لم يربح شيء في حياته ؟ .. من هذه الانطلاقة انحرفت بثقة الى منعرج اختصر به الطريق مرورا بجسر الدماء كي اصل الى ضفة الاثرياء ...هذه الخواطر تراودني دائما قبل ان انطلق الى مهتمي القادمة لانها جزء من تاريخي يشجعني على سفك دماء اخرى ليس من اجل الترفيه بل لاحقق ما لم استطع ان احققه قبل ان اصير الى ما صرت عليه اليوم.
قبل العملية بشهر حجزت غرفة في الطابق العاشر في فندق مكون من اربعة عشر طابقا يقابل مبنى ضخم فيه قاعة محاضرات في الطابق العاشر..دخلت الفندق و طلبت الغرفة و انا البس كمامة و سترة بغطاء الرأس مع هوية مزيفة, دخلت غرفتي و وضعت حقائبي على السرير و اتجهت بهدوء الى النافذة ازحت ستارها بلطف دون ضجة اراقب فيها قاعة المحاضرات و ذلك كان ديدني منذ اول يوم نمت فيه في غرفة الفندق اعتدت على النافذة المطلة و اعتدت على محيط قاعة المحاضرات و كل طوابق البناء المقابل ..بشكل اكثر دقة اصبحت جزءا من المكان .. اصبحت جزءا من هذا المحيط غرفة الفندق و قاعة المحاضرات المقابلة و الهواء الذي يضرب بين الفندق و مبنى قاعة المحاضرات .. انصهرت جيدا و ذلك كان اهم شيء عندي قبل ان انفذ عملياتي.
لمدة شهر و انا لم انزع كمامتي و لم اخلع غطاء الرأس الموجود في سترتي التي كنت البسها .. لم اغير من عاداتي استيقظ صباحا اتفادى كل من القهوة و الشاي و كل المحفزات كي لا اضطرب من كثرة النشاط بل و كنت اشرب مهدئات كي اظل هادئا مهما حدث و كي اعود جسمي على الهدوء خاصة اثناء التنفيذ و اي غلطة تساوي نهايتي .. على كل حال انا اتوقعها في اي لحظة لكن تلقيت تدريبا نفسيا خاصا يعلمني كيف احذف فكرة امكانية الفشل قبل ايام من تنفيذ العملية لان الجانب النفسي قد يصبح سلاحا ضدي ان لم اضبطه خاصة اثناء التنفيذ.
في اليوم الموعود على الساعة التاسعة صباحا تعاطيت مهدئا اصليا و فتحت حقائبي و بدأت بتركيب بندقية القنص بهدوء و سكينة كأني مقدم على عمل خيري اكملت تجهيز بندقيتي التي عاشت معي 5 سنوات و اصبحت ابنتي المدللة ..حفرت حفرة صغيرة نصف قطرها نفس نصف قطر فوهة البندقية في اقصى يمين النافذة لان منبر القاء كلمة "السفير" يوازي بدقة الثقبة التي احدثتها في النافذة ..انزلت ستائر النافذة الموصدة ..ثم جلست على السرير انتظر الساعة الثالثة ظهرا ..دقت ساعة يدي دقتين في اشارة الى انه بقي 10 دقائق على العملية .. ابتلعت قرصا اخر مهدئا كي تخف نبضات القلب قليلا .. وضعت فوهة البندقية في تلك الحفرة الضيقة ..صعد الى منبر القاء الكلمة احد الشخصيات البارزة ثم سلم الكلمة للسفير الذي كان جالسا ..نهض السفير و بدأ يمشي نحو المنبر ليستلم مكانه ويلقي كلمة و ما ان استقر جسده و اصبح مستقيما امسك بذلك الميكروفون ثم رفع رأسه و ثبت لمدة ثانية.. هناك..ضغطت الزناد و وضعت رصاصتي بين عينيه فسقط على الفور ... حدثت فوضى عارمة و البعض هارب و البعض الاخر منبطح على الارض ..ابتسمت و سحبت بعدها البندقية و فككتها على السريع ثم جهزت حقائبي لاجد فوضى في الفندق بعد سماعهم صوت اطلاق عيار ناري فدخلت بينهم و خرجت معهم الى خارج الفندق و في الحي فوضى عارمة لا تصفها كلمات.. زادت نبضات قلبي قليلا لكني تقدمت الى الامام حتى ابتعدت عن مكان الحدث.
اوقفت سيارة التاكسي و قلت له : المطار من فضلك...ركبت طائرتي و غادرت البلاد على الفور...
مرت شهور على الحادثة و انا في مكان بعيد في بلاد بعيدة اشاهد التلفاز و امامي كأس القهوة احتسيها و اراقب الاخبار و احيانا اخرج بسيارتي الجاغوار اشتري مستلزمات البيت من اكل و شرب و لباس ..و في احد الايام خرجت بسيارتي و اثناء الانعطاف كي ادخل الى الطريق السريع ..فجأة ..صدمتني دراجة نارية من جهة مقعد السائق لادخل في غيبوبة طويلة مع كسور في عدة مناطق من جسمي ... حملني الاسعاف نحو مستشفى هناك و قاموا بعمليات جراحية عديدة و مرت الايام حتى خرجت من هناك و قالوا لي : ان في الطريق السريع التي جرت فيها الحادثة كانت هناك سيارة السفير و رأت الحادث و قد تكفل ذلك السفير بكل مصاريف العلاج لك و لسائق الدراجة النارية ...و عندما سألتهم عن اسم السفير ... علمت ان السفير المقصود هو ابن السفير السابق المغدور و قد اصبح سفيرا مكان والده و ساعدني و هو لا يعرف اني قاتل اباه.
تمت.