قصة فتاة الخوف
اولا .....البداية :
اختصرت حياتها في دقيقة .....تقف على سقف العمارة و تنظر الى اسفل ، شاهق هذا الارتفاع ...ماذا اريد أن أفعل ؟ لماذا أنا هنا؟ و طاف بها طائف كان يدفعها لتقوم بآخر خطـوة في حياتها ....لكنها مشوشة ، هي حتى الآن لا تعلم لما تقف هنا ؟ ما الذي جعلها تنظر من هـذا العلو الشاهق ......بـدأ الناس يتوافدون و يشيرون اتجاهها ، حضرت الشرطة و رجال الحماية ، كثر اللغط و تعالت الأصوات ازداد التشويش في ذهنها ، ما الذي جعلني أقف هنا ؟ ماذا أريـد أن أفعل ؟......
ثم تـذكرت أخيرا ......... لقد أصْبحَتْ تعلم ما جعلها تحاول قتل نفسها .....أو على الأقل ما جعلها تصعد الى حيث لا يصعد الا من يريد ان يفعل ذلك .
الثانية ..........التذكر :
استعادت الفتاة بعضا من ذاكرتها ....لحظات قليلة كانت كافية لتعرف مالذي حدث لها في غضون الساعات الماضية ....تـذكرت صديقتها المزعومة التي تعرفت عليها من يومين فقط و فضلتها عن الأخريات عن تلك اللواتي كن لها أخوات و ينحدرن من نفس الجهـة من نفس الثقافة من نفس المفاهيم و التقاليد و العادات خرجت من تحت غطاء كان يدثرها لسنتين في الجامعة و ها هي اليوم تقع فريسـة سهلة .....لقد اعجبتها تلك البهرجة و ذاك الزخرف المزيف ،سيارات فارهة لطالما خطفت لبها و هي التي لم تكن تملك ثمن الحافلة تعيدها كل نهاية اسبوع لقريتها ..كان يصل الى مسامعها تلك الليالي الصاخبة التي تقضيها نوعية معينة من الفتيات كانت تميزهم عن غيرهن بلباسهن الفاضح و تصرفاتهن الهستيرية .... هي لم تجرب ذاك العالم بعـد ....كانت تريد أن تجربـه لكنها كانت تخشى على نفسها ....ثم كانت الاشارة التي جاءتها من صديقتها الجديدة ....ساعة واحدة كانت كافية لتجـد نفسها في منزل غريب مع أشخاص غرباء في وسط لم تكن تعلم أنه موجود الا في المسلسلات .........
الثالثة .......الواقعة
ياه كم كنت غبية .. تكلم نفسها، نفسها المحطمة .
في ذلك المنزل وقعت واقعتها و ضاع منها ما كانت تملكه هي و كل عائلتها و قريتها و كل مجتمعها ، لقد خيبت آمال أباها و أهلها و كل من يعرفها لم تكن في وعيها ساعة حدث الذي حدث ، ارادت ان تدفء بعضا من غرورها اقتربت كثيرا حتى احترقت بلهيب العار ، هذه جريمة لا تغتفر في منظور المجتمع ....مجتمع يرتكب كل محرمات الدنيا لكن كل شيء في تستر و خفاء، فان افتضح أمر أحد فتلك القاضية سينسى الجميع كل ما كان جميلا منه و لا يذكرون له الا تلك الحادثة .....مجتمع ينافق في كل شيء ، لكننا نعيش فيه و يعيش فينا نحيا فيه و يقتلنا ، كل هذا كان يدور في ذهن فتاتنا و هي تجـر أذيال خيبتها تلك الليلة المشؤومة، الليلة التي ستبقى في ذاكرتها القصيرة ، بمجرد أن تفطنت لفضيحتها قررت ان تضع حدا لحياتها .....
لكن ...هل نداوي الجرح بالجرح و السقم بالمرض هل نشرب السم لنعالج الألم ؟ يكلمها طيف حنون نابع من جانبها الخير .......لكن المفاجأة كانت حين اخبرتها تلك الصديقة المجرمة أن كل ما حدث معها تلك الليلة قد صُوِرَ و سيبثونه في الفيس بوك في مجموعة مخصصة للفضائح يتابعه أكثر من نصف طلاب الجامعة ......هم يتساءلون كل صباح عن الضحية التالية ، مسكينة هي.... و قعت في فخ يصعب الافلات منه .......
....الرابعة .......شيطان على الخط
وقع كلام صديقتها - و أي صديقة - عليها كالصاعقة توقف عقلها عن العمل لحظتها و امتلكها شيطان آخـر .....لكل ذنب شيطان مختلف لقد انهى شيطان الغرور و اللذة عمله و استدعي شيطان آخر أخبث منه ،انه يريد أن يقضي على البقية الباقية منها يريد أن ينهي علاقة الروح بالجسد لا أمل في تـوبة أو انابة ....دخل على الخط الأن فالعقل موقف عن العمل و الهلع و الخوف يسيطران عليه ، انها تحت تأثير الصدمة لا شيء يعمل كما يجب، تسير في شارع الوهم يظللها شيطان اليأس متثاقلة خـطواتها ....ماذا فعلت بنفسي ؟ من يقبل بي ؟ كيف يكون مصير عائلتي ؟ و ان نشرت صوري ماذا سأقول للناس ؟ يسأل شيطانها و يجيب نفسه ....لا شيء ... و تتنهد ثم تكمل مشيتها العاجزة انها تسيـر الى نهايتها و بداية قصة جديدة قصة انتحار فتاة لأسباب مجهولة ، في تلك اللحظة لحظة الضعف القاتل و الانهيار الكامل لم تـذكر الرحمان الرحيم لم تذكر الله ربها و لم تتضرع له ، قد ملكها الشيطان و استغل اللحظة، يريد ان يضم شخصا آخـر الى حـزبه ...........
...الخامسة ....نهاية ملاك
و استسلمت لقدرها أو بالأحرى استسلمت لقدر فرضه عليها شيطان الانتحار ، مضت الى بناية شاهقة صعدت السلالم لا تنظر الا الى موضع قـدمها ، و صلت الى الطابق الأخير و قصدت السطح لا شيء يمنعها الآن من تغطية فضيحتها ، ملكت شجاعة لم تكن تملكها من قبل "أنت لست شجاعة بل هذا منتهى الجبن و الضعف " ، تكلم صوت ما بداخلها رغم أنه بعيد لا تكاد تسمعه الا أن وقعـه كان كبيرا عليها، لقد جعلها تتوقف للحظة و تلتفت ، ازدادت حدة الصوت و بدأ يقترب ، من أعطاك حق انهاء علاقة روح و جسد لا تملكينهما ؟ من أعطاك حق قطع حبل موصول بين خالق و مخلوق؟ ، تنبه الشيطان الى الخطر الداهم و ركز وساوسه بكلماته الخبيثة يدسها كالسم في العسل كأنه ناصحها : الا تعلمين ما سيفعله الواقع بك ؟ و صور اليها في لحظات صورة أبيها و هو يخفي وجهه من الفضيحة و صورتها و الناس يلعنونها في الشارع ، لكن صوت النور بداخلها زعزعها و قوض وسوسة الشيطان ، يقول لها بحب : من جـزم لك بأن ما تتوقعينه سيقع ؟ توقفت فجأة على حافة الموت و نظرت خلفها ......كانت لحظة فزع فيها الشيطان ............. و تستمر معركة دنيا في لحظات .
السادسة ......آذان في وقت حرج
التفتت فلم ترى غير الفضيحة و كلام الناس ، نظرت الى أسفل فرأت جموع تتعالى أصواتها ......انها تعرف الآن ما حدث و اختصرت يومين من حياتها فى دقيقتين ..تكلم صوت النور في داخلها: أن اخسأ يا شيطان... و ان اذكري ربك يا أمـة الله ، كأنها لم تسمع اسم الله الا اليوم ، يا أنتِ مهما عظمت ذنوبك و مهما كانت خطوبك الله كفيلك هو أعظم منك و من كل شيء ، ليس كمثله شيء ، و رحمته التي وسعت كل شيء ألا تسع قلبك الصغير ......تنهدت ، نظرت الى السماء، رفعت يديها و قالت يا الله ........أسقط في يدي الشيطان و نكس على عقبيه ، انه يعرف مصيره الان ، سيطرد من مملكة الشياطين حتى تحين ساعتـه ، نظرت الى الأسفل ظن الناس أنها ستسقط ، ثم كان الفرج أذن مؤذن و تعجب الكل... ليس الموعد موعد صلاة ، لكن إمام المسجد رأى الفتاة فأراد أن ينبهها ........لقد أنقذها في آخر لحظة ......عندما قال المؤذن الله أكبر سقط كل باطل و انهارت امبراطورية الشيطان ........نزلت من على السطح و سقطت مغشيا عليها .......أنقذها المنقذون ، لكن كان من دعتـه هو من أنقذها ...........الله أكبر
السابعة و الأخيرة ....النجاة.
عندما استفاقت كانت بالمستشفى ، ليست هي نفس الفتاة ، فتاة أخرى يتكلم صوت النور بداخلها ما ذنبك أنت ؟ ما ذنب اهلك ؟ كيف يحق لمجتمع فاسد أن يحاكمك ؟ لو أبليت السرائر لهاجت الأرض و ماجت مما يفعله الناس كل يوم ، من له حق محاكمتك و الحكم عليك ؟ وكلي أمرك لله و توكلي عليه يا صغيرتي الحياة مهما قست و مهما طالت أيامها فانية صغيرتي اصبري و تصبري و توبي لربك ، لا شيء عليك ... هوني من أمرك ، دخل عليها أباها و أخواها و أمها تسبقهم أشواقهم و خوفهم ، و جـدوها تبتسم .... تعجبوا ، كانت بين موت و حياة ما بالها ؟ و كان الصوت بداخلها ما زال يكلمها أرأيت هاته الوجوه ماذا لو قتلت نفسك كيف يكون حالها ؟ ..........
.في مساء ذلك اليوم تم التبليغ على بيت مشبوه قرب الجامعة يستغل الفتيات الغافلات ، قبل وصول الشرطة قامت زعيمة العصابة بحذف كل الصور و الأفلام من الأجهزة ، كانت مستعدة للحظة كهذه ، لم يبقى من دليل على أي شيء ، ظهر الخبر في اخبار الثامنة من تلك الليلة ..........اتصلت بها صديقتها المشؤومة ...........لم يعد هناك ما يخيفك .......سامحيني أرجوك لقد اكتشفوا أني أحمل مرضا لا علاج له ..........
انتهت ,,,,,,,