ما بين الماضى والحاضر
أحيانا" كثيرة نعقد مقارنة ما بين الماضى والحاضر - هناك من يميل إلى الماضى ويتمنى لو عاش فيه فهو الأكثر هدوءا" وراحة للبال وقدرا" أكبر من الأخلاق وخلافه الكثير
-- وهناك من يميل إلى الحاضر بأنه الأكثر تقدما" فى كافة المجالات العلمية والإقتصادية والطبية وتكنولوجيا الإتصالات وسرعة المواصلات وخلافة الكثير
ولو دققنا قليلا" سنجد أن طبيعة البشر لا تختلف كثيرا" سواء فى الأزمان الماضية أو الحاضرة فالإنسان فى جميع الأحيان - يحب ويشتهى النساء وكثرة الأبناء أو ما يطلق عليه العزوة وكذلك الأموال بشتى أشكالها
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ [آل عمران " 14
بالإضافة للحروب والإنتصارات والتفوق عما سواه كما يسعى للريادة والسيادة عن غيره - هذا يحدث فى جميع الأزمان وبإختلاف الحضارات ولا فرق بينهما - وأيضا" فى جميع الأزمان والحضارات هناك الحكام والسادة والأثرياء كما أن هناك الفقراء والمساكين والمغلوبين على أمرهم
أذكر فيما مضى أنه كان يوجد قانون اسمه قانون السخرة العامة والخاصة - عندما تريد الدولة إقامة أى مشروع كانت تجلب الناس للعمل فيه بالسخرة (أى بلا مقابل ) مع ضربهم بالسياط لشحذ الهمة على العمل وكأنهم بهائم - كما كان هناك قانون للجلد - يحكم على المذنب سواء كان فى دين أو جريمة مفتراه بالجلد بالسياط -- بالإضافة لقانون يسمح للسادة الإقطاعين برى أراضيهم أولا" حتى إذا ما إنتهوا يروى باقى المساكين أراضيهم القليلة ولا ضير أن يموت زرعهم أو يموتوا هم أنفسهم من الجوع والتشرد
إلى أن جاء رئيس للوزراء شخصية قوية ومنصفة فأصدر قانون بإلغاء السخرة العامة والخاصة وإلغاء عقوبة الجلد تماما" حتى ولم يسدد المدين دينه وجعل عمليات الرى بالتناوب العادل بين المساكين والإقطاعين -- وكان رئيس الوزراء هذا بالقوة والشكيمة على تنفيذ القوانين التى أصدرها وغيرها الكثير من القوانين الإصلاحية ولم يكترث للعداوات التى أحاطت به سواء من حاكم البلاد أو من الإقطاعين وسادة الحكم
كان من القوة التى أرهبت الجميع وخشيه السادة لعله يكون مسنودا" من قوى أعظم مع أنه لم يكن مسنودا" إلا من الحق –ولكن الغريب والعجيب أنه عندما قامت ثورة شعبية كبيرة قادها قادة الجيش فى البلاد أطلق عليها فى وقتها بالهوجة - كانت أول مطالبها إقالة وزارة هذا الرجل -
يقال أنه فى هذا الماضى لم يكن هناك تلفاز ولا راديو ولا إنترنت وكان الناس فى راحة بال -- إن من يتحدث عن الماضى لا يعرفه ولم يعش فى أزمانه
-- نعم لم يكن كل هذا موجود - لكن كان موجود الفقر والجهل والمرض أيضا"
حتى عرف الناس العلم الحديث واكتشفوا بأن العلم محايد لا يميل إلى طرف قد يأتى بالخير وقد يأتى بالشر والضرر – بل إكتشفوا أن ضرره أكثر من نفعه - نعم إزدادت سرعة المواصلات كثيرا"بمئات وألاف الأضعاف عما كانت موجودة – وأيضا" إزدادت قوة السلاح وأصبحت أكثر فتكا"بألاف الأضعاف - زاد التقدم العلمى فى جميع المجالات ولكن نقصت الأخلاق والقيم والمبادئ وإرتفع الإدمان بين الشباب والكبار - إدمان كل شيئ فليس الإدمان هو فقط إدمان للمخدرات - فقد زادت نوعيات الإدمان -- أليس الإنترنت إدمانا"
والسؤال هنا : هل كنت تحب أن تعيش فى الماضى - أم أن الحاضر أحلى ؟
الموضوع للمناقشة
.