بمناسبة اليوم العالمي للمرأة جئت لأتحدث عن قصة أمي نعم إنها سيدة بسيطة ولدت وترعرعت في البادية أم لستة أبناء ولدوا في حي شعبي وسط مدينة البيضاء العاصمة الإقتصادية للمغرب لم يسبق لها أن زارت المدرسة أو عانقت أناملها قلما أتذكر جيدا كيف كانت تحارب من أجلنا لم تكن فقط ربة بيت بل خرجت للشارع لمساعدة والدي في تحمل أعباء الحياة كانت تشاركه الحلوة و المرة سأحكي لكم القليل عنها بإختصار إنها بائعة الربيع ( مولات الربيع ) بحي سيدي البرنوصي في كل يوم تستيقظ المسكينة مع الثالثة صباحا متوجهة نحو سوق الجملة ( مارشي كريو ) في الوقت الذي نكون فيه أنا و إخوتي غارقين في سبات عميق هناك تشتري بضاعتها البسيطة ( الربيع, المقدنوس, الحمص، الفلفل، الحامض...)
سمعت جميع أنواع السب وسط عالم مليء بالوحوش بعدها تعود مسرعة للمنزل في حدود الساعة الخامسة و النصف لتعد لنا وجبة الإفطار وتأخذنا إلى المدرسة لتخرج إلى الشارع لمزاولة تجارتها لم تعرف يوما الإحتفال بالأعياد أو العطل كما لم تعرف شيئا إسمه الأحد كان همها الوحيد توفير لقمة عيش حلال لي ولإخوتي.
لن أنسى هذه الواقعة عندما كنت في سن السادسة من عمري ألعب مع أصدقائي وفجأة جائت الشرطة لطرد الباعة الذين يقتتون لقمة عيشهم من ذلك العمل رأيتهم بأمي عين كيف إعتدو على والدتي بأسلوب همجي أخذوا كل بضاعتها وشحنوها داخل شاحنة حمراء دون أية رحمة أو شفقة. الأكثر من هذا حينما أخذوها في سيارة الشرطة تلك اللحظة تربى داخلي كره كبير لنظام الدولة المستبد حاولت الدفاع عنها لكن بحكم سني آنذاك لم أستطع اوقفوني الجيران وأخذوا يهدؤنني ... إلى هنا سأتوقف فقلمي لم يعد يتحمل الكتابة لأنه يتألم من شدة الحزن هذا مجرد جزء صغير من قصتي وهناك أشياء كثيرة وقعت في حياتي لا تفارقني أبدا.
اليوم أنا هنا في إسبانيا وقلبي هناك في المغرب لم أغامر من أجل النزهة عبرت عبر أزيد من ست بلدان متحديا كل المخاطر جبال، غابات،أنهار، شرطة حدود، حيونات مفترسة، البرد القارس، قطاع الطرق، جوع، عطش، ألم ومعانات ... نمت وسط الثلوج دون أن أبالي بشيء كلما تذكرتها كنت أشعر بقوة كبيرة تدفعني نحو الأفضل نعم جئت هنا لأجل مساعدة والداي لا اقل ولا اكثر ومحاولة إراحتهما فيما تبقى لهم من العمر. شكرا لكل النساء أينما وجدوا هم يستحقون أكثر من يوم واحد فكل الأيام هي عيدهم فهم نصف المجتمع ولولا تواجدهم لما كانت للرجل قيمة