ܓܨ في قبو الذكريات و الأسرار ܓܨ /بقلمي/
آخر
الصفحة
SHAADI

  • المشاركات: 46673
    نقاط التميز: 59014
مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
ناقد أدبي
فريق النقد الأدبي والقصصي
SHAADI

مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
ناقد أدبي
فريق النقد الأدبي والقصصي
المشاركات: 46673
نقاط التميز: 59014
معدل المشاركات يوميا: 6.6
الأيام منذ الإنضمام: 7080
  • 14:58 - 2021/09/15

 

 خرافات واساطير

 

في قبو ذلك البيت القديم العتيد والذي يعود لجد والده , قاد الفضول سامر نحو اكتشاف خبايا هذا القبو و أسراره الدفينة المدفونة ..

قبو كبير معتم لا يدخله ضوء الشمس , مكان مهجور مهمل , نادراً ما كان يستخدمه أصحابه , فهو مكان غير صحي ,عالي الرطوبة , بارد حتى في أشهر الصيف الحارة , تتكدس فيه أغراض سائبة تكسوها طبقة سميكة من الغبار الأبيض يكاد يحجبها تماماً و يخفيها , هي أغراض تركها أصحابها , ربما لأنها لم تعد تنفعهم أو أنها باتت غير صالحة للاستخدام و لا فائدة تُرجى منها ..

كل ما قد يخطر في بالك من أدوات منزلية كهربائية أو غير كهربائية,أثاث قديم,مواد بناء مستهلكة و غير ذلك سوف تجدها هنا في هذا القبو الموحش القاتم ..

كان والد سامر قد طلب منه أن يذهب قبله إلى منزل الجد على أن يلحق به ظهر ذلك اليوم قبيل موعده بقليل مع أحد تجار العقارات والذي قدّم عرضاً مغرياً منذ مدة لشراء هذا المنزل ..

وصل سامر إلى المنزل باكراً في الصباح , وضع دراجته في حديقة المنزل , أخرج مفتاح البيت الذي أعطاه إياه والده , وضعه في قفل الباب و أداره , فتح الباب ثم همّ منطلقاً نحو البهو الرئيسي الكبير الواسع ..

كانت هي مرات قليلة تلك التي حضر فيها سامر إلى هذا المنزل , فهو بالكاد يعرفه , منزل كبير ذو طابقين وعلّية و قبو ,  يحتوي على  خمس غرف نوم كبيرة في الطابق الثاني , بهو رئيسي واسع مع مطبخ في الطابق الأرضي , تحيط بالمنزل من الخارج حديقة كبيرة مزروعة بأشجار مثمرة وجدت من يعتني بها ..

جلس سامر يرتاح على الأريكة الفضفاضة وأخذ ينظر من حوله يتأمل البيت الفسيح البارد , نظر إلى الساعة في معصمه , ثم قال في سرّه:

"ما يزال هنالك وقت طويل حتى يصل أبي إلى هنا ! سأقوم بجولة في البيت "

نهض سامر من مكانه و أخذ يتجول في أرجاء المنزل الرحب مستعيناً بمصباح ضوئي صغير كان يحمله دوماً في جيبه , لم يكن خائفاً أبداً , كانت عيناه تلمعان و حدقاتهما تتسعان في ظلمة المكان , هي روح المغامرة و شوقها ..

وصل نحو بداية سلالم تقوده نحو قبو المنزل , تذكر أنه المكان الوحيد الذي لم يسبق له أن رآه هنا , كان والده يحذره دائماً من النزول للقبو خشية الانزلاق على سلالمه الخشنة المهترءة  و بسبب الظلمة الشديدة في المكان ..

" أنا الآن أصبحت أكثر نضجاً من ذي قبل , استطيع أن أفعل ذلك "  قال سامر لنفسه وهو يسلك بحذر شديد طريق السلالم المؤدية إلى قبو ذلك المنزل الكبير..

كان القبو يعجُّ بالأغراض البالية و الأشياء المتكدّسة المألوفة و غير مألوفة , أخذ سامر يشقُّ طريقه بصعوبة بينها وهو ممسك بعناية بمصباحه الكهربائي الصغير الخافت ,  أخذ يتفحّص كل ما يجده أمامه و كأنه يبحث عن شيء ما محدد  و أخيراً وقع بصره على صندق خشبي عتيق .!

كانت على الصندوق نقوشات و رسومات غير مفهومة تُوحي إلى أنها منذ زمن بعيد , ربما كان هذا الصندوق يخصُّ أحد أجداده الأوائل , تردد سامر قليلاً ثم فتح الصندوق , كان يوجد في الصندوق كتاب قديم , غليون تدخين (بايب) , بوصلة أثريّة قديمة , عدسة مكبّرة تستخدم لفحص الأشياء عن قرب أو للقراءة ...

أخذ سامر يتفحّص هذه الأشياء بدهشة و بعناية كبيرة ثم خاطب نفسه قائلاً:

"لمن تعود هذه الأشياء يا ترى؟ هل كان أحد أجدادي بحاراً مغامراً أو رحالةً مستكشفاً .!"

فتح سامر الكتاب و أخذ يقلّب صفحاته بحذر , لم يستطع أن يفهم شيئاً مما كُتب فيه , فالكتاب مكتوب بلغة لا يعرفها و لا يفهمها , أعاد الكتاب إلى الصندوق , أخذ الغليون ووضعه في فمه , رائحته نتنة كريهة ,  تناول البوصلة و أخذ يقلبها و يحرف إتجاهاتها , لا تبدو أنها بحالة جيدة , تركها وأخذ المكبرة , أخذ ينظر من خلالها إلى الأشياء من حوله , مكبّرة عادية لا تختلف عن باقي المكبّرات التي عرفها من قبل , تناول الكتاب من جديد , فتحه , وضع المكبّرة فوق ما هو مكتوب فيه فكانت المفاجأة ...!!

تحوّلت اللغة غير المفهومة الموجودة في الكتاب إلى لغة مفهومة واضحة و بات يستطيع قراءتها بيسر و سهولة ..

كان الكتاب يروي مغامرات بحّار و باحث مستكشف اسمه وفق الكتاب القبطان جيم , مغامرات بحرية شيقة و ممتعة راح  سامر يغوص في أعماق الكتاب و أسراره السخية الوافرة ..

إنها مكبّرة سحرية تُمكّنك من  قراءة كل لغات العالم وكأنها لغتك الأم ..

يالهول ما وجدت في هذا القبو المظلم غامض ..

فجأة جاءه صوت يعرفه جيداً :

"سامر , سامر " استيقظ يا بني ..

"علينا أن نسرع و نحاول إصلاح باب القبو بالأسفل قبل وصول تاجر العقارات .." قال والد سامر لسامر و الذي نهض من الأريكة و انتصب واقفاً في مكانه:

"أجل يا أبي , سنصلح باب القبو إن شاء الله  , هيّا بنا " قال سامر لأبيه.


^^^^^

تمّت بعون الله



 ܓܨ في قبو الذكريات و الأسرار ܓܨ /بقلمي/
بداية
الصفحة