
وسط غابة صنوبر خضراء وارفة الأشجار و في منزل جميل قرب نهر رافد جاري عاش قندس صغير اسمه سنان مع والديه الكهلين ..
كان سنان يقضي طوال يومه باللعب مع أصدقائه لا لا و بنان , يمرحون سويةً , يغنون الأغاني الجميلة , يرقصون , يقصّون القصص و يرون الحكايات , كانت أصوات ضحكاتهم البريئة المختلطة بزقزقة العصافير و صوت جريان مياه النهر تملاً فضاء الغابة السعيدة و تزيد من جمال طبيعتها و سحرها , وما أن يهبط الظلام بقليل حتى يعود الأصدقاء الثلاثة إلى بيوتهم و قد أنهكهم التعب و أعياهم ..
كان سنان يحبُّ الجميع كما أحبّوه , فهو كريم , شجاع , شهم و لا يبخل بالنصيحة الحكيمة أو إبداء الرأي السديد في حال طُلب منه ذلك ..
و في يوم من الأيام و بينما كان الأصدقاء الثلاثة كعادتهم يلعبون وسط الغابة الكبيرة , وإذ بهم يسمعون صوتاً ينادي من بعيد و كأن أحداً ما يستغيث أو يطلب المساعدة .!
سنان : هل تسمعون ما اسمع ؟
لا لا : أجل يا صديقي و كأن هناك من يصرخ مستنجداً !
بنان : يبدو أنه صوت يأتي من مكان ليس ببعيد من هنا ؟
سنان : هيا ننطلق و نتبيّن مصدر هذا الصوت , لعل هناك من يحتاج مساعدتنا !
هبّ الثلاثة و انطلقوا بإتجاه مصدر الصوت و الذي كان يخرج إليهم بشكل متقطع و يخفت بين الفينة و الأخرى ..
انتشروا بين الأشجار الكبيرة و أخذوا يتتبعون بشيء من الفضول و الاهتمام الصوت الصادر , كان كل شيء من حولهم يوحي بالسكينة و الأمان إلا ذلك الصوت العابر ..
فجأة اختفى الصوت , تجمّد الأصدقاء الثلاثة في أمكنتهم ..
" هل لاحظتم ذلك؟ " قال سنان و تابع بالقول:
" أخشى أن يكون مكروهاً ما قد ألمّ بصاحب الصوت "
" اعتقد أننا بتنا على مقربة جداً من مصدر الصوت " قالت لا لا
" انظروا هناك ! " قال بنان مشيراً نحو تلة صغيرة بين الأشجار ..!
اقترب الثلاثة من التلة الصغيرة وصعدوا فوقها فكانت المفاجأة ..!!
قطة صغيرة مستلقية بلا حراك بين الشجيرات الكثيفة و كأنها قد تأذت بفعل سقطة قوية ما ..
" هل هي بخير ؟ " قالت لا لا
اقترب سنان منها ليطمئن :
" الحمد لله , إنها تتنفس ! يبدو أنها فقدت وعيها بسبب الإعياء و التعب و أثر الصدمة"
"لنفعل شيئأً ما في الحال"
قام الثلاثة برفعها و محاولة إيقاظها , و استطاعوا بعد جهد ليس بقليل من أن يجعلوها تسترد وعيها و تفتح أعينها ..
سقوها القليل من الماء , ابتسمت شاكرةً و أشارت إلى قدمها و التي كان من الواضح أنها قد تأذت قليلاً ..!
" لا تقلقي يا عزيزتي سيكون كل شيء على ما يرام إن شاء الله " قال الأصدقاء الثلاثة للقطة المصابة..
أسرع بنان بالجري نحو القرية ليستدعي الطبيب نعمان بينما بقي كل من لا لا و سنان بجانب القطة المسكينة يشدّون من أزرها و يرفعون من معنوياتها ..
بعد قليل وصل الطبيب نعمان و مساعدته الممرضة حيث قاما بما يلزم من اسعافات أولية و تضميد جراح القطة الصغيرة و التي باتت بوضع أفضل يمكّنها من السير قليلاً و العودة إلى القرية ..
سار الجميع مع القطة نحو القرية بينما كانت الشمس تميل نحو الغروب , مرّ الوقت سريعاً , وصل الجميع إلى القرية , توجّهوا مباشرة نحو بيت القطة الصغيرة حيث كانت أمها تنتظرها و هي قلقلة عليها ..
فرحتْ كثيراً لمّا رأتهم , شكرتهم و دعتهم لتناول الحساء الساخن و الذي كانت قد أعدته من قبل , جلس الجميع لتناول العشاء ثم انصرفوا بعد أن أطمئنوا بأن القطة بدأت تسترد عافيتها ..
" سأمرّ غداً بمشيئة الله لأنظف جرحها و أغير الضماد " قال الطبيب نعمان و هو يهمّ بالانصراف ..
شكرته أم القطة كما شكرت سنان و رفاقه لشجاعتهم و شهامتهم ..
عاد سنان إلى بيته و هو مليء بالنشوة و السرور , لقد كان متلهّفاً للقاء والديه ليقصّ عليهم ما جرى معه هذا اليوم ..
سيكون والداه فخوران به و بما فعل , فعمل الخير دوماً يستحق الثناء و التقدير .
^^^^^
تمت بفضل الله