رن هاتفه المحمول معلناً وصول رسالة نصية ،
أسرع الى الهاتف ، أدخل رمز الحماية ، وقرأ اسم المرسل مراراً ،
يكاد لا يصدق أن الرسالة منها ،
فتح الرسالة ليجد أنه ليس هناك محتوى لعرضه !
تجمّد ملهم في مكانه .. تيبّست أطرافه كلها .. شعر بخدر خفيف يتسرب من جدران أوعيته الدموية ..
كيف يحصل هذا ؟ و لماذا الرسالة فارغة ؟
سبع سنوات مرت على آخر تواصل بينهما , أبلغته وقتها و بكل فظاظة أنها لم تعد له , و أنها سوف تتزوج من إبن خالتها الثري والذي يعمل بالتجارة ..
كان يعرفه جيداً , رجل في الخمسين من عمره , يكبرها بعشرين سنة , شيء ما قد حصل و قلب الأمور رأساً على عقب , تبخّرت أحلامهما الوردية و تلاشت في الأفق البعيد ..
اتخذت قرارها النهائي , كلمات قليلة واهنة أرسلتها إليه عبر هاتفها الجوال كانت كفيلة بقطع علاقة لم تكن بالعابرة أبداً ..
حاول الإتصال بها بعدها فكان عدم الرد مصير كل محاولاته العابثة , عضّ ملهم على جرحه الغائر و استسلم لآهات اليأس و الأحزان ..
كان أمراً صعباً جداً , فقلبه الهائم تعلّق بمن لم يعد له , سوف يذهب حبه إلى عالم البرود و النكران , و ليعاود الخوض في تجارب عاطفية عنيدة من جديد ..
لكنه لن يهب حبه اليافع هذه المرة لمن لا يستحق ..
رغم كل هذا , فهو نسي أو تناسى حذف اسمها من قائمة الأسماء الموجودة في جواله ..
لا يدري فقد تضعه الأقدار في مواقف غرائبية يجهل مكنوناتها و تجبره على الخوض في اختيارات أحلاها مر ..
هو لا يعرف ماذا تريد منه الآن بعد كل هذا الوقت الصادم ؟ لم تعد تعني له شيئاً الآن ! رغم أنه ما يزال يعيش فراغاً عاطفياً مهيناً حتى هذه اللحظة !
يبدو أن رسالتها له قد حرّكت في داخله مشاعر فضفاضة كانت قد اندثرت منذ مدة ليست بقريبة , و أدارت عاصفة هوجاء من ذكريات غادرة أطبق عليها كتمان مرير ..
لماذا أرسلت برسالة فارغة ؟ هل كانت تقصد أن لديها الكثير من الكلام الذي لن تستطيع ان تعبر عنه بشراهة من خلال الكلمات أو الرسائل !
ربما هي تنتظر مبادرته الآن ! هو يعرف تماماً أن دور الأنثى في مثل هذه الأمور يكون غالباً دور المنتظر للمبادرة لا المبادر !
إنه الحياء و الخجل الذي يزين الأنثى قبل أن يزينها جمالها و تبرّجها اللامحدودين ..
أخذت أصابع يده ترتجف و هو يقبض على هاتفه الجوال .. إختار رقمها و ضغط على أيقونة الإتصال و انتظر ..
كانت دقات قلبه تتسارع و كأنه يركض في ماراثون و يقترب من خط نهايته دون أن يعرف إن كان هو أول من سيصل أم غيره ..
سمع صوتاً صادراً من هاتف المتلقي ..
آلو .. آلو
لم يكن صوتها أبداً , فمن المستحيل أن ينسى ذلك الصوت الذي ألفته أذنيه سنوات طويلة ..
صوت من هذا يا ترى ؟؟ أطلق سؤاله هذا في داخله
متعجّباً قبل أن يتجرأ و يقول :
عذراً , هل استطيع أن أكلّم نجوى ؟؟
من ؟؟ نجوى !!
لا أعرف أحداً بهذا الأسم ؟ يبدو أنك أخطأت بطلب الرقم !
تأكد ملهم من الرقم مرةً أخرى ثم قال :
هل هذا رقم نجوى ؟؟
لا أدري .! فأنا إمرأة عجوز اشترى لها أولادها منذ أيام قليلة هاتفاً جوالاً جديداً !
^^^^^
تمت بعون الله تعالى