لم يكن يوماً عادياً أبداً...
كان صباحاً رمادياً امتزجت فيه تقلبات الطقس المريرة بالأحاسيس البشرية الداكنة ..
خرج محمود من بيته المتواضع في أحد أحياء المدينة باكراً ذاك الصباح يقصد السوق الكبيرة..
تحسس جيب سترته البالية بشيء من القلق و الريبة..
صعد الحافلة المكتظة و هو يرتعد من البرد..
قال في سره : كم أحتاج الآن كاسأً ساخناً من الشاي ..!!
مضت الحافلة في طريقها و محمود يقف في منتصفها يتأمل كل شيء حوله , يحاول أن يُشغل نفسه علّه يقتل الانتظار الماكر ..
عاد ليشعر بالبرد , فطلب من أحد الجالسين أن يغلق النافذة إلا أنه تفاجأ تماماً من أن النافذة كانت مغلقة فخجل من نفسه ..
البرد شديد جداً هذه الأيام , أخذ يفرك كلتا يديه بقوة و يضعهما على وجهه..
شعر محمود أن جميع من بالحافلة ينظر إليه نظرات عابثة , فأدار نظره عنهم وأخذ ينظر إلى خارج الحافلة..
مضت دقائق كثيرة و محمود على حاله هذه , ما يزال يشعر بالبرد , ضم ذراعيه نحو صدره وأخذ يحرك قدميه..
توقفت الحافلة فجأة لسبب ما , ارتجل محمود منها وأخذ يسير في الشارع و بعد وقت ليس بقليل وصل السوق الكبيرة..
كان يعرف تماماً ما يريد شراءه , دس يده في جيب سترته بسرعة فأطمئن ..
عاد ليشعر بالبرد من جديد , قصد عدداً كبيراً من المتاجر في السوق , لم يكن يجد ما يرغب بشرائه..
كان معظم الباعة يقولون له لقد تأخرت , ما تريده لا نبيعه عادةً في هذا الوقت من السنة..
أدرك محمود أنه لا جدوى من بقائه في السوق وعليه أن يعود أدراجه فوراً..
همّ يسير نحو موقف الحافلات و هو يفتح أزرار قميصه والذي كان بلا جيوب ..!!
صعد إلى الحافلة شبه الخاوية من الركاب و جلس في مكان ما قرب النافذة أراد أن يفتحها لكنها كان مفتوحة من قبل .
^^^^^
تمت بعون الله