الفصل الأول
في الوقت الذي كان ممسكا بيديها الناعمتين بادرها بالقول وهو يرتجف :
- أرجوك تزوجيني ، كانت من سماته البارزة عيناه الزرقاوين ، تلألأت هذه الأعين لأول كلمة من فمها
أفلتت يدها البيضاء من بين يده وارتسمت على ملامحها علامات الإرتياب والشك وابتعدت قليلا
واستدارت وتطاير شعرها الأسود الحريري على وجهها وهي توجه له كلاما كله ترفع وغطرسة وهي تقول :
- هل نظرت إلى نفسك حتى تعرف قدرك ، أنت مثل الشحات ، لم تحمل نفسك حتى عناء تصفيف شعرك ، أما
ملابسك فتلك قصة أخرى ، لا ذوق ولا تناسق ، أمرك عجيب أيها الإنسان .
دون أن تكمل كلامها اتجهت نحو البيت ، طرقت الباب واستدارت تنظر من حولها ، تسلل كلام إلى مسامعها
يطلب منها الدخول.
فتحت الباب حيث وجدت أمامها سيدة في كامل أناقتها ، انحت بأدب قائلة :
- سمو الملك طلبك في جناحه أميرة فجر
أومأت فجر برأسها وكأنها توافقها على طلبها ، ثم قصدت غرفة والدها الملك
طرقت الباب وجاءها صوت من الداخل يطلب من التقدم ، دخلت ووجه لها كلامه :
- تعالي بالقرب من والدك يا عزيزتي ، لا تعلمين كم اشتقت إليك ، تقدمت نحوه وأسندت جسدها إلى الشرفة التي
تطل على الحديقة ، تلك الحديقة التي تتميز بكل أنواع الأشجار التي تدخل الفرح والسرور إلى النفس.
ظلت فجر واقفة دون أن تنبس بكلمة وهي في قرارة نفسها تنتظر ماذا سيقول لها والدها ، وفي لحظة تفكير عابر
وجه لها والدها كلامه :
- ابنتي ، لقد كبرت ، وأنت تعرفين أنك وصلت سن الزواج ، وتعرفين أيضا أنه تقدم إلى خطبتك الكثير من الشباب
المرموقين ، علاقتي كبيرة ومميزة من هؤلاء الشخصيات ، وخاصة الإمبراطور إدوارد ، أنا بصراحة أريدك لإب....
لم تنتظر والدها حتى يتم كلامه حتى انفجرت وصرخت في وجهه :
- لا وألف لا ، سبق وأن أخبرتك مرارا وتكرارا أني لا أحبذ هذه الزيجات ، أنا أقولها بكل صراحة لا أحب أن أتزوج
شخصا لا أحبه ولا أكن له أي مشاعر ، لا أريد هذا أبدا ، سالت دمعة من عينيها دون أن تتم كلامها.
خرجت من الغرفة وهي في حالة غير طبيعية ، كان الغضب مسيطر عليها ، ملامحها تقول ذلك ، تركت والدها
وخرجت وهو الآخر في حالة غير طبيعية من تصرف ابنته التي عصت رغبته ، ذهبت تجري وهي تبكي ، وفي
لحظة ودون سابق إنذار وجدت نفسها أمام الشاب الذي صرح لها برغبته في الزواج منها ، الشاب الذي احتقرته
ونعتته بأقدح الألقاب .
خاطبها قائلا :
- ما بك تبكين ولست على غير ما يرام ؟ ما بك ، ما زلت ...
قالت له :
- وأنت ماذا يهمك من الأمر ؟ وماذا تفعل هنا ؟ وما أوقفك في طريقي ياصاحب الملابس الرثة ؟
جلس بالقرب منها وبدأ يمسح دموعها من على خدها بكل رقة وحنان ، احمرت خجلا وابتعدت منه قليلا
قال لها :
- ناديني بوليامس
قالت :
- وليامس ذو الملابس الرثة
تنفست الصعداء وأخذت تلعب بزهرة كانت بيدها والتي قطفتها من الأرض ، نظرت إلى الفتى الذي كان يرمقها
بعينيه الزرقاوين .
قالت مخاطبة نفسها دون أن يسمعها أحد :
- رغم ملابسه الرثة ولباسه الغير الأنيق يبقى فتى وسيما ، بل وسيما فوق العادة ، له عينين رائعتين كلون السماء
حين تنعكس على البحر ، وكأنها كلما نظرت إليه تغرق بين دفتي عينيه كغرق السفينة بين الموج العاتي.
صرخت حتى تبعد وجه وليامس من مخيلتها وعقلها ، علم الشاب ما تحس به الفتاة وانفجر ضاحكا ، رفع خصلات شعره
الأشقر عن عينيه بيده اليسرى وهو يقول ويمسح عينيه من الدموع من كثرة الضحك.
قال ضاحكا :
- انظري انظري إلى وجهك الذي يحمل تعابير مضحكة
صرخت في وجهه وهي تقول :
- أيها المجنون ابتعد .
تراجعت واتخذت طريقها إل البيت
ظل وليامس يراقبها وهي تبتعد عنه ، ناداها وهو يضحك :
- فجر ، فجر ، أعدك أن أصمت ولا أجيبك
لم تعره أدنى اهتمام وزادت من سرعة مشيها إلى أن وصلت إلى البيت ، دخلت غرفتها وارتدت ملابس النوم البيضاء
واستلقت على السرير وذهبت في نوم عميق .
يتبع ...