حقق ما كان بالأمس مستحيلا، إنها الوحدة العربية والسفر لكل بلاد الأمة بدون تأشيرة ودون خوف من الحروب والدمار، بعد أن عم الأمن والأمان.
في الموقع الوحيد الذي كان يجمع الأصدقاء بدون شروط غير الإحترام، اتفق "سطاعش" (16) منهم أن يقوموا برحلة، تقررت أن تكون في المغرب لأن السمان من اقترحها وقد جهز مايلزم بمساعدة رضوان.
وصل الجميع إلى مدينة الدار البيضاء المغربية، بعضهم جوا وبعضهم بحرا والآخر برا، تراءى لنا السمان من بعيد في حافلة تستوعب أكثر من خمسين شخصا، وبجانبه سيدة أنيقة وجميلة لم يختلف اثنان أنها زوجته ريماس، كان أسعد شخص بوجودها بعد السمان هو قريب الطيب لأن لهجتهما متشابهة.
توقفت الحافلة وهاهو رضوان يخرج رأسه من الباب الخلفي مرحبا، يحمل لائحة بأسماءنا وكأنه ناظر مدرسة، توجهت نحوه منيرة مسرعة:
- المقعد الأمامي قرب النافدة لي😊
- اصعدي أيتها الحمراء، لكل واحدة منكن مكان قرب النافذة، اخترنا حافلة كبيرة لهذا السبب.
انتشرنا في الحافلة كجرذان تسكن.
تسكن الرجل الصغير الذي استولى على المقاعد الخمسة الأخيرة بعد شجار مع راشيل وتهديدها بحشراته التي يحملها في صندوق يحمل العجب، فارتعبت وهربت هي وريم لكنهما قالتا له:
-طيب أربح بالمقاعد لكن استعد للحرب مع النساء
جلست ريم و وراشيل وهاجر خلف منيرة مباشرة يتبادلان أطراف الحديث تقاطهم كل مرة فراشة ولا أذكر أنها استقرت في مقعد معين، تنتقل من مكان لآخر تستفز هذا و تضحك مع ذاك..،كأنها فعلا فراشة تحلق بأجنحتها
دارويسا صامتة وتحمل علب طعام لكن الجميع كان متوجس منها ومن علبة طعامها لأنها معروفة بسوابقها في الأطعمة الغربية للغاية خصوصا أرجل الدجاج 🤢 كانت تقسم أنها تحمل طعاما جميلا لكن كل شخص تقترب منه يقول:
-أنا صائم دارويسا ...شكرا
، فلينة غطت وجهها بستارة الحافلة تتأمل الطريق، وكل مرة تصرخ على السمان ليخفف السرعة إذا لاحظت طائرا أو دابة أو أي حيوان آخر لتلتقط صورة،والسمان كان ينصت دوما لصراخها ويخفف السير ، فتصرخ منيرة
-أسرع بنا أسرع
قلب طفلة فتحت الباب الخلفي للحافلة وجلست في الدرج مستمتعة بالهواء العليل ينهرها عن ذلك رضوان كل مرة خوفا من شرطة الطريق،
في المقعد قبل الأخير من صف الرجال كان يجلس فيلسوف، يحمل ورقة وقلم محاولا كتابة قصة ولم يتمكن من ذلك إلا بعد أن غير المكان لأن رائحة قدمي تسكن الذي تمدد في الخلف خدرت عقله وبعثرت أفكاره، إنتهاء لم يتوقف عن الكلام مع قريب وكأنهما في زاوية سؤال مني وسؤال منك.
وفجأة سمعنا صرخة بالخلف والتفتنا جهتها، راشيل وريم خطتا وجه تسكن قلبي بسبب رائحة قدميه واحتلاله للمقاعد،
كانت الوجهة أكادير جنوب المغرب حيث الجو دافئ والبحر الساحر سيحرر أفكار الكتاب لاستغلال الرحلة في كتابة أجمل القصص، أفرغت فراشة كل ما في بطنها وسط الحافلة مما أثر في همسات وتقيأت هي الأخرى، لم يشفق عليهما أحد بعد أن أمرهما رضوان بتنظيف الحافلة.
بعد ساعات من الطريق الممتع، خاصة بعد أن غنت لنا ريماس ومحمد أغنية شامية رائعة رددها معهم الجميع:
منتدانا أحلى تشيكلة
ورد وفل ومسك وعنبر
منتدانا لمة أحباب
بأحلى شباب بيعلا ويكبر
منتدانا بالصوت الناعم
أخوات رجال وكلام مقدر
منتدانا أرقى إشراف
عاالأحباب عيون بتسهر
..
القصص بالصوت العربي
وبالإيمان الصوت معطر
القصص وكلمتنا وحدة
بدنا أدبنا يتطور
القصص ومهما أختلفنا
للأصل منرجع للمصدر
القصص والسجن الأدبي
من قلبه الإبداع يتفجر
..
بالقصص قهوتنا الصبح
حلوة ووسط ومن غير سكر
بالقصص وجبتنا الظهر
صوت وصورة ما بيتأخر
وباالواحة سهرتنا منورة
بالكلمة الحلوة منتحضر
..
القصص منتدانا الأحلى
فيه كبرنا وفينا بيكبر
مناوفينا وإلنا البيت
وباالود البيت بيتعمر
وصلنا أخيرا إلى شاطئ البحر انطلق الشبان للسباحة إلا السمان بقي بجانب زوجته خوفا عليها وعلى حملها، أما الجنس اللطيف فبعضهن تمنع حفاظا على زينتهن والأخريات لا يجدن السباحة، لعبنا الكرة في فريقين تغلب فريق نون النسوة لكثرتنا ههه، ذهبت همسات وأليكسندرا وهاجر لجمع الصدف، منيرة وفراشة ودارويسا تسلقن صخرة كبيرة يتأملن منها البحر وربما كان في ذهن كل واحدة أن تجرب رمي الأخرى من الأعلى، رشيل وقلب طفلة شيدوا قلعة من الرمال كانت رائعة قبل أن يهدمها تسكن بضربة كرة، فلينة مسترخية تحت أشعة الشمس قرب ريماس، أما البقية ذهبوا للصيد وعادوا بعد ساعات بخفي حنين..
أصرت ريم أن نبقى لمشاهدة غروب الشمس فوافقها الجميع، كان المنظر رائعا خاصة بحضور أجمل الأصدقاء.
إنتهت الرحلة وقررنا العودة لمراكش ومنها إلى الدار البيضاء، فحدث ما لم يكن في الحسبان، في الطريق السيار أخرج تسكن فأرا من صندوقه وبدأ صراخ الفتيات في الخلف، أما منيرة فصرخة واحدة منها كانت كافية لتفزع ريماس التي بدت عليها علامات الطلق، ارتعب السمان وهو يعلم أن المسافة بيننا وأقرب مستشفى بعيدة جدا، طلب منه محمد أن يتولى القيادة ويهتم هو بزوجته، لكنه رفض لاعتقاده أنه سيقود أسرع، كانت ريماس تصرخ من شدة الألم والفتيات تصرخن خوفا من الفئران وما كان له إلا أن استسلم وتوقف.
قالت الفلينة بنبرة واثقة
-أنا سأتولى توليدها
اندهش الجميع، وسألها إنتهاء
-هل سبق لك أن قمت بذلك؟
-نعم، ساعدت بقرة ذات مرة وكان كل شيء على مايرام.
صرخ السمان
-وهل توليد زوجتي مثل توليد بقرة؟
-اتركها إذن على هذا الحال حتى تفقد الإثنين، وصعدت للحافلة
-انزلي وليقدر الله خيرا
استطاعت فلينة أن تنقد الإثنين بمساعدة ريم وهاجر، وأدوات تسكن الذي أكد أنه عقمها بمادة كحولية، لفت قلب طفلة المولود في ثوب حريري أخدته من كتف همسات، وأعطته لفيلسوف الذي كبر وأذن في أذنه، واهتم البقية بريماس، نظف محمد الحافلة من الفئران وأكملنا الطريق، تنازل تسكن عن مكانه لريماس التي بدت أقوى مما يوحي شكلها، وأكملنا الطريق، ذهبنا سطاعش وعدنا سبعطاعش، مع المولود الجديد الذي اختار له رضوان اسم"شحطوط"