ذكـــ(رغماً عنكم أنا حرّ طليق...بقلمي# سجن القصص# )ـــرى
آخر
الصفحة
ضاحكة الفكرة

  • المشاركات: 13453
    نقاط التميز: 10583
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
ضاحكة الفكرة

كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
المشاركات: 13453
نقاط التميز: 10583
معدل المشاركات يوميا: 3.3
الأيام منذ الإنضمام: 4080
  • 00:57 - 2019/12/23

حين تصحو الذكريات..

وينتشر الصخب..

لا يملكُ القلبُ سوى أن يتوقف

عن الخفقان , وينصت!

 

 

 

هوى قلبُها..وتجمّدت في مكانها !!

لم تستطع أن ترصد مشاعرها..وجهُها مشدوه.. وبلا ملامح تقريباً..

وكأن كلّ شيءٍ في صفحةِ وجهها قد توقف حائراً كيف يترجم المشاعر

المتضاربة داخلها لما هي مقبلةٌ عليه..


   لمس الأستاذ محمود كتف ابنته رنا لمّا رآها واجمةً متجمّدة , وتدارك الأمر

فشكر الطبيب:

** سنباشر التنفيذ سريعاً دكتور أسامة , شكراً لك.. شكراً من الأعماق لكلّ

ما تبذله.. فالأمر ليس هيّن , وينطوي على مخاطر أمنيّة قد تَمَسّك أنـ.....

 

- رجاءً لا تكمل أستاذ محمود..

هذا أقلّ القليل الذي يمكن أن أقدّمه في مجالي. نسأل الله أن يتمّ الأمر على

خير.. 

المهمّ أنّ العيّنة قد وصلتنا بأمان , وتأكّدنا من حيويتها وصلاحيتها للزراعة..

فلنستغلّ كل ثانية من الوقت لصالحنا . ليس سهلاً أبداً أن تهرّب هذه العيّنة

من المعتقل , وإن نجحت مرّة قد لا تنجح مرّة آخرى..

لكن كونوا مطمئنين , هذه ثالث عملية أجريها من هذا النوع بهذه التفاصيل..

 الليلة يجب أن تبيت السيدة رنا في المشفى لنباشر الإجراءات لعملية الحقن المجهري..

 

** إن شاء الله دكتور سنكون هنا الساعة الخامسة مساءً..

 

قالها الأستاذ محمود وهو يمسك يد ابنته خارجين من العيادة.

 

"آه يا نديم" , تنهدت رنا  تحدّث نفسها , ثم بقيت صامتةً 

والأستاذ محمود يقود سيارته بهدوء وارتياح..

 

بَريقُ فرحةٍ غامرةِ يشعّ من عينيه , خاطَبَ ابنته بحبٍّ دافئ ليشتت

عنها توتّرها:

** أنا مشتااق!

مشتاقٌ جداً لرؤية حفيدي الغالي..

يا الله , اكتب له الحياة.. وأمدّ بعمري لأرى نديم خارج المعتقل يحتضن 

هذا الصغير الحبيب .

 

ترقرقت دمعةٌ ساخنة من عيني رنا لذكرى زوجها نديم..

لكن بحكمة الأب .. مسح دمعتها بكلماته المرحة المشاكسة:

** أريده ذكيّاً مثلكِ يا رنا..جميلاً مثلي ههههه , ذا صلعةٍ حسناء

لامعةٍ كصلعتي..

 

_ أبييييي..... قالتها رنا بدلال وتسللت في الدمع بسمة..

هل رأيتَ طفلاً يولد أصلع يا أبي!!

 

** نعم , هذه هي التي أبحثُ عنها..

هذه الابتسامة التي تُسكِن فؤادي وتُحيل عالمي فرحاً ملوناً

بألوان العيد يا رنا..

لا تحزني , ابتسمي وكوني قوية كما عهدتكِ دوماً.

 

_________________________________________

 يا اللاااه !

كأنّي أسمع كلماتك لي تنطقها الآن الآن يا أبي!

نظرت إلى والدها الذي أعياه المرض .. غير أن وجهه لا زال يشعّ

بالنور والوقار..

ها هو ذا في الصفوف الأولى لمقاعد أهالي الخريجين المميزين على دفعاتهم.

 

 

يا اللاااه!

تنهدت رنا تحدث نفسها..

أكثرُ من عشرين عاماً مضت بلمح البصر!

أحسّ يوم أنجبتك يا مأمون كأنه الأمس !!  رائحتك التي تشبه رائحة الندى

في صباحات الصيف..

صوتك الذي سمعته لأول مرة فملأ حياتي سكوناً وهدوء..

وذلك الاتصال الذي كان من والدك صدفة يوم ولادتك دون أن يعلم أنك رأيت النور!

(وأنّى له أن يعلم)..

وبعدها أعوامٌ طويلة عشناها وحدنا أنا وأنت ..

عشناها بحلوها ومُرّها ووالدك بعيدٌ عنّا خلف القضبان..

لولا دفء جدّك الذي احتضننا.

وذلك اليوم الغريب..

الحلوُ اللذيذ..الشّاقّ الطويل..

يوم خرج والدك من المعتقل ورآك لأول مرة وأنت ابن عشرة أعوام!

كيف ارتبكتَ وخجلتَ منه ..

وكيف استغرقت وقتاً طويلاً لتألَفَهُ ولا تستحي! sample imagesample image

وها أنت الآن..

تقف شامخاً كأبيك.. شوكةً في حلق أعدائك..

تقول لهم بشهادتك وتميّزك "رغم أنوفكم , أنا حرّ وملكتُ حرّيّتي قبل أن أُخلق"!

صنعنا حياةً من وسط القهر والموت الذي صنعتموه بزنازينكم..

 

انقطع حبل أفكار رنا حين أمسك نديم يدها واعتليا المنصّة في حفل تكريم

أهالي المميزين وسط تصفيقٍ حارّ ..

ونظرات والدها تحتضنها بدفء قمراً لا يخبو نورُهُ أبداً.

 

 

تمّت sample imagesample image


 


 

 

 

 

 

 

 


 

 

 

 


 

 


 ذكـــ(رغماً عنكم أنا حرّ طليق...بقلمي# سجن القصص# )ـــرى
بداية
الصفحة