شجرة الفلين | | كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة | مشرفة سابقة | المشاركات: 4091 نقاط التميز: 2506 |  | معدل المشاركات يوميا: 1.9 | الأيام منذ الإنضمام: 2131 | | - جدتي لا تحبني، هي تحب أخي أكثر مني، أنا غير محبوبة كلمات نطقتها بثينة ذات العشر سنوات وهي تحكي لي سبب بكائها المرير الذي سمعته ما إن دخلتُ للمنزل هذا المساء. جدتها التي حكت عنها هي أمي، وأعرف حق المعرفة أن أمي لربما تميل بمشاعرها لابني الأكبر بحكم أنه حفيدها الأول وهي من استقبلته أيامه الأولى وأرضعته وسهرت معه لياليه كون زوجتي قد وضعت في العيانة المركزة لعشرة أيام إثر مضاعفات بعد الولادة، لكنها لا تفرق بين أبنائي في المعاملة، وهذا ما أنا متأكد منه. فلماذا تحس ابنتي بهذا الشعور؟ وقفتُ حائرا أمام دموعها الحارقة لا أعرف ماذا أفعل وكيف أقول. فسألتها: - لما تقولين هذا؟ ماذا حدث؟ حاولتْ ذكر الموقف بصوتها المتقطع وهي تمسح دموعها: - كنتُ أرسم بأقلامي الملونة فجاء حسام إلي وأخذ رسمتي، بدأت أطارده وحين نلت منه أخذت رسمتي من بين يديه فصرخ باكيا فجاءت جدتي تهرول لترى ما حدث له وحين قال لها ضربتني أخذته في حضنها و نهرتني في حين أني لم أضربه أبدا. لم تسمح لي أن أدافع عن نفسي حتى أنها لا تحبني لا تحبني. أكملتْ حديثها وازداد بكاءها، تمنيتُ لو لم أطلب منها السرد كوني الآن دخلتُ في متاهاة زادت الأمور تعقيدا علي. أخذتُها في حضني أحاول تهدئتَها ووعدتُها أني غدا سأخرج معها في نزهة بمفردنا. ابتسمتْ راضية، مسحتُ ما تبقى من العبرات العالقة في عينيها العسليتين بعدها وضعتُها في فراشها، تمنيتُ لها ليلة هادئة ،أطفأتُ الضوء ثم غادرتُ غرفتها أفكر ما عساي أفعل، فعلى الأقل أعطيت نفسي مهلة للتفكير حتى صباح الغد. في صباح الغد استيقظتْ بثينة متحمسة للموعد الذي ضربناه معا، ارتدتْ ثيابها واتجهت لغرفتي تطرق على الباب طرقات خفيفة وتنادي علي أن أستيقظ. ابتسمتُ وأنا أردد أذكار صباحي. أمنتُ على دعائي وقمتُ أفتح لها الباب. ثم قلت مازحا بعد تحية الصباح: - أراك مبكرة هذا اليوم! ابتسمت وردت بحماس: - هيا أبي لنخرج كما وعدتني البارحة أشرت لها أن تخفض صوتها وقلت هامسا: - لا تصرخي حتى لا يستيقظ أخواك حتى نتمكن من الخروج بمفردنا. أغلقت فمها بيدها وأنا أتأملها باسما ثم أردفت: - هيا اسبقيني للباب سأحضر سترتي وألحق بك. بدأتْ تتقدم بهدوء على رؤوس أصابع قدمها تحت نظراتي إلى أن وصلت إلى الباب، دخلتُ الغرفة آخذا سترتي فانتبهت زوجتي إلي وقالت: - حسن إلى أين في هذا الوقت المبكر؟ رددت عليها بفخر: - في مشوار مع أميرتي الشقراء أول محطة كانت محلبة عمي كمال، تناولنا فطورا مغربيا تقليديا بامتياز بعدها اتجهنا صوب الملاهي. استمتعتْ ولعبتْ حتى أني شاركتها عدة ألعاب دون أن تطلب مني ذلك، فتلك المتعة حرمتُ منها منذ سنوات لابأس بتذكير نفسي بها. بعد ساعات اتجهنا صوب المطعم لتناول الغذاء، جعلتها تختار ما تشاء تناوله، وبعد الغذاء طلبتْ المثلجات فلبيتُ بسرور. كانت سعيدة جدا وفي لحظة صفاء ذهنها استغليتُ الفرصة وسألتها: - هل يا ترى لا أحب حسام مثلما أحبك؟ نظرت إلي لا تفهم من أين حل هذا السؤال في مثل هذه اللحظة، أعدت السؤال بصيغة أخرى: -تعيشين هذه اللحظات وحدك، كوني لم أصطحب معنا حسام هل يعني أني لا أحبه؟ أشارت برأسها نافية الاجابة، فأكملت: - هناك مواقف تضطرنا للتعامل معها بطريقتنا التي قد تكون خاطئة وقد تكون صائبة لكن حقا في تلك اللحظة لا نقصد من خلال تصرفنا أي سوء لأي طرف. فهمت؟ أعادت نفس الإشارة، فضربت على جبهتها البيضاء بلطف قائلا: - ألا يعرف رأسك غير هذه الحركة؟ ثم أكملت شارحا بالخشيبات: - جدتك يومها حين سمعت صراخ أخيك خافت عليه وحين سمعته يشكو ضربك له عاتبتك، وعتابها هذا هو التصرف المعقول الذي وجدته في تلك اللحظة لتسكت أخاك وتنبهك حتى لا تعيدي الأمر، لكن إن رأيناه من وجهة نظرك فهو تصرف ظالم منها لأنك لم تضربيه في الأصل، أليس كذلك؟ أشارت بالإيجاب هذه المرة مما أسعدني فأكملت محاضرتي: - خطأ تصرفها لا يعني بتاتا أنها لا تحبك، أو أنها تحبه أكثر منك، والدليل حالما سمعت بكاءك وعدتك بالنزهة حتى تنسي ما حصل وأطيب خاطرك لكن إن رأينا تصرفي من وجهة نظر حسام فهو تصرف ظالم مني في حقه، هو أيضا يريد اللعب وتناول الغذاء في الخارج وشراء المثلجات أيضا، أليس كذلك؟ طاطأت رأسها وكأنها آسفة على أنانيتها وعدم تفكيرها في أخيها هذا اليوم، مما دفعني لتقبيل جبينها والقول: - أحبك أكثر لطيبة قلبك هذه، فلا تجعلي شيئا يسوده كيفما كان. وتذكري أن أي تصرف لأي شخص هو فقط ردة فعل على موقف ما قد تحتمل الصواب وكذا الخطأ، ولسنا نعيش لمراقبة تصرفات الاخرين وتحليلها أو تقييمها، بل نحن مسؤولون فقط على مراقبة تصرفاتنا نحن حتى لا نجرح أحدا ممن حولنا. اتفقنا؟ - اتفقنا. قالتها وعيناها متلألئة تدل على استيعابها للفكرة مما أراح قلبي. - هيا أكملي مثلجاتك لنعود للبيت. نظرت إلي وقالت: - أبي اشتر لحسام المثلجات نأخذها معنا للبيت. ابتسمت راضيا وقلت مقبلا خدها: - بثينة أنت أفضل بنت في الدنيا . اشترينا المثلجات وعدنا وهي تطوي الأرض طيا حتى تصل بسرعة لترى فرحة أخيها بها. النهاية |
|