حب مع وقف التنفيذ
اهداء
للعاشقين بلا امل
للذين يتنفسون الحب و يختنقون به
عزيزتي رهف
اكتب إليك من طليطلة ..من مدينة تنام على حزنها و تستيقظ معه تماما مثلي ..حزني يشاركني نفس البيت ..يجلس مقابلا لي و أنا اشرب قهوتي الصباحية و أدندن أغنية فرنسية "on n’oublie jamais , on vit avec!" ..يشاركني سريري و يقبلني على خدي قبل النوم و يتمنى لي ليلة خالية من الأحلام ..هاته المدينة تروقني جدا لكن تحزنني جدا ربما لأنها أصبحت اليوم toledo و مازلت بقلب عربي أرى في كاتدرائيتها العملاقة مسجدا كبيرا يصلي فيه الناس و يتحدثون العربية !
تصلني رسالة من رفيقة في الجامعة تقول لي فيها اشتقنا لك متى ستأتين ..تعرفين رهف يتعبني الرحيل و الوداع و يسعدني اللقاء ..أكون سعيدة جدا و أنا التقي برفاق الدرب و في سري أدعو الله أن يمنحني القوة لأودعهم مرة أخرى ! هكذا حياتي لقاء و ووداع و سفر و بحث عن السعادة أنا التي يعشقها الحظ السيئ أكثر من أي شخص اعرفه .
على غير عادتي لم اخبر صديقنا المشترك بموعد وصولي أحببت أن أفاجأه ..أن انظر في عيونه و هو يراني بعد غياب..أن اعرف ما الذي أريده منه و ما الذي يريده مني في لحظة ذهول ..ارتديت ملابسي و غيرتها حوالي العشر مرات قبل أن اختار أخيرا ما يروقني (أو ربما ما يروقه ) ..وضعت كحلا عربيا ثم غسلت وجهي ..عرفت أنني سأبكي و سيحولني الكحل العربي إلى "لوحة زيتية" ..لا أدر لم ابك عند اللقاء و أصمت عند الفراق في تناقض رهيب .
أغلقت باب الشقة و عدت إليها لأتفقد أنني لم انس شيئا مرتين ..تعرفينني إنسانة مهووسة و أفكر دوما بأنني نسيت شيئا ما أو سأفقد شيئا ما..أغادر أخيرا انظر لنفسي في كل مرآة تصادفني أتأكد من أنني نسقت الألوان كما يجب و انه سيجدني جميلة هو الذي لا ينفك يقول "qué guapa" فقط ليرى الحمرة التي تعلو وجهي ..ذلك الشرير الذي يستمتع بمشاكستي و يناديني من بعيد "loca" ليثير جنوني فأضحك من طفوليته طويلا .
أمشي في شوارع المدينة استعيد الفتح الإسلامي بقيادة طارق ابن زياد و أرى في نهر "تاجة" صور الحضارة الإسلامية تنعكس على صفحة مائه و يحزنني استيلاء "الفونسو " على المدينة و بداية سقوط الأندلس ..أنظر إلى "قنطرة المنصور" فأتذكر "قنطرة سيدي راشد" و أشعر بطعم "الجوزية" في فمي ..يصادفني مسجد "باب المردوم " و الذي حوله الأسبان إلى كنيسة "نور المسيح " بعد سقوط طليطلة فيعظم حزني .
أخيرا أصل للجامعة أقابل الكثيرين ..ابتسم للجميع و ابحث عنه بقلبي ..أسأل عنه زميلا هناك فيجيبني بأنه سيحضر بعد قليل ..بعد نصف ساعة و أنا انزل من المصعد يقابلني وجها لوجه ..اخبره احدهم أني هنا فكاد يجن ..تفاجأ جدا لم يصدق أنني سأخفي عليه موعد رحلتي "أنا التي تعشق الخروج عن المألوف" كعادته لا يقبلني و لا يحضنني و لا يمد لي يده ..يحترم ديني أكثر من الجميع ..يخفق قلبي و أنا أراه ..يتغير لوني ..اشعر بالحمرة تعلوني ..تتلعثم كلماتي فجأة تحضنني إحداهن فتنقذني من الموقف و يبتسم هو لي و لا نقول شيئا ..معه نظرة واحدة تكفي تقول عيوننا كل ما تعجز عنه ألسنتنا .
عزيزتي رهف أجهل ماذا افعل معه ..قلبي يقودني إليه و عقلي يعيدني إلى الصواب ..صل من اجلي و من اجله ..صل أن أجد حلا لمشاعرنا المختلطة ..صل أن أتجاوز "روح الملك الفونسو" التي أراها فيه وان يتجاوز هو "كاثوليكيته" و يطرق باب إسلامنا ..صل من اجلي طويلا يا رهف ..أخاف أن افقده و أخاف أكثر أن أواجه عالمي لأكون معه !
صل من اجلنا يا رهف