بوح المــــــســـاء ... بقلمي
آخر
الصفحة
مجد الخواطر
  • المشاركات: 883
    نقاط التميز: 822
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
مجد الخواطر
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 883
نقاط التميز: 822
معدل المشاركات يوميا: 0.3
الأيام منذ الإنضمام: 3477
  • 21:31 - 2016/11/04

فوق تلك التلة التي احتضنتها أشجار الصنوبر لتغطي بين جفنيها أهوال القدر


كان يجلس القرفصاء وعيناه لم تفارقا عتمة السماء التي استظلت بها النجوم ولو للحظة،


نحيل الجسم قد لامس الفقر تفاصيل جيوبه الرثة وملابس لم تعد تقيه برد الشتاء، قد حوته الوحدة في إشفاق يهدهد

 

سكناته المتألمة التي تصّعد كما الدخان المحترق بإبهام إصبعه الذي يرفعه عاليا بين الفينة والأخرى  ،


وذاك الزبد الذي غطى جوانب شفتيه قد شق بأحرف لاهثة أبجدية الألم و انكسار القلوب


                                                                             

أعلم أيها القارئ الكريم  أنك وأنت تقرأ هذه الكلمات أحسست بمشاعر أثقلتها الأشجان و فتحت أبواب الذكرى لديك ولكن لهذا

 

الرجل قصة و إليك تفاصيلها .

 

على أرصفة النسيان وقف متأملا ملامح تلك الوجوه العابرة يتفرس في كل جزئياتها الصغيرة عسى يجد من بينهم أناسا يعرفهم حق المعرفة،


فقط أصبحوا الآن أطياف أشباح مارة فوق نكبة الساعة ووداع الثواني السعيدة التي تبدلت كوابيس مزعجة تأتيه في لحظة غفوة

 

وهو ممد جسمه على شوارع المدينة،


ليكزه قرع النعال وزحم الطرقات ليوقظه على سماع الشتائم و السخرية التي تتلقفها أذنيه ككل صباح .

 

لم يتصور أن ذاك النور الذي رآه سنينا و هو يتحلق حوله يلامس خطاه وحتى العرق الذي لثم ظهره من شدة التعب وهو يسابق الوقت


و الواقع حتى يوفر لهم ما لم تنله نفسه يوما ، آآه من الأشواق و الغياب ضيف لا يفارق ليلاه هكذا ظل يردد

 

وهو يبث شكواه لليل أصبح كما الصديق


الذي ظل له وفيا رغم أنه لا يرد عليه بل يبقى صامتا مستمعا بانتباه شديد .



 وللحظة سقطت بين جفنيه دمعة أحرقت كل تفاصيل الحياة لديه لتشتعل النار في صدره وتختنق أنفاسه أكثر فأكثر

 

وهو يرى أمامه تلك المشاهد التي تتكرر دائما


لكن وقعها بالقلب يختلف يزداد من المرارة ألما و بالبعد باعا طويلا .


كانت الوعود كثيرة ذلك اليوم وابتسامة الوجوه لم يرها إلا وهو محاط بهم بتلك السيارة التي بدأت تلتهم الطريق تسابق الزمن من أجل لحظة قادمة،


لم يكن على علم بها فقط عاش متعة الأجواء و غبطة السعادة وهم يصفون له كيف أنه سيقضي معهم أجمل تفاصيل الزهو

 

و أسمى تعابير الرضى تعانق جبينه المتورد كما الربيع ، وفجأة أحس بدوار كأن الذكرى تخونه أو أنها بدأت تطمس شيئا فشيئا


سوى جزئية أنه رأى مبنى ضخم توشح بالبياض وبين النوافذ رسائل الوحدة والاغتراب ، فرك عينيه والدهشة تلوح فوق حاجبيه

 

أصبحت السيارة مثل نقطة على مد الأفق


سقط من فرط المصيبة التي ألمت به وما كانت رجلاه تقدران حمل ذاك الشحوب الذي غطى تجاعيد كبره لترسم خديه خطين من الدموع ،


انزوى بركن ذلك المبنى محاولا استجماع أحرف الرثاء التي يتمتم بها ، وهكذا أصبح كما الغريب في وطن من الحرمان .


قد أشفقت على نفسيتك المتأثرة أيها القارئ الكريم لكن لنفكر ولو لبرهة كيف أن بعضا من أشباه البشر لفظوا على قارعة الطريق


من بنوا لهم من لبنة الشقاء والكد سعادتهم المزهرة ليقطفوا الوردة ويتركوا غارسها بين زوايا الإبعاد والإهمال ..                   

 

      

 

 

 بوح المــــــســـاء ... بقلمي
بداية
الصفحة