هذه قصة عبارة عن مقتطفات كنت قد طرحتها في زاوية "اكمل المشهد" مع الحرف نسافر.

اردت اعادة طرحها هنا آملة ان تليق بذائقتكم و تحظى بالتقييم حتى و ان كان سلبا.

♡♡♡♡♡♡♡♡

 

كان الشروق يعم المكان و البحر هادئ...

جماله يبث الانتعاش في الارواح...

جالس هو بمفرده ...

شارد الذهن يسترجع ذكريات ماضيه حين كان يقابلها هنا في نفس هذا المكان ...

كان كل شيئ على ما يرام لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

احس يومها ان طبول قلبه اخذت تقرع و كأن حدثا ما قادم لا محالة...

فجأة حل الجمود و توقف الزمن و نزلت الصاعقه على رأسه غير مدرك للحقيقه ...

رباه!!! فحبيبته التي استكانت بين احضانه وديعه ...حالمه ..

بل جازمة بأن لا قوة فوق الارض بامكانها تفريقهما ..

ها هي اليوم ترحل دون وداع... و على حين غرة ...

ليس طوعا منها بل كرها ..

نزولا عند رغبة والدها الذي جاءه عقد عمل هناك خلف الجزيرة ....

دربها طويل ...فكيف السبيل الى اللحاق بها؟ 

ألق بجسده المتهالك على محاذاة الشاطئ و راح يتأمل الرائح والغادي

بنظرات لا تعكس سوى الخواءيذكر ماضيها ببحة إشتياق ممزوجة بألم فيرتجف القلب لهفاو شوقا اليها.

أغمض عينيه ، وأستجلب حكايا الماضي الجميل. 

اطلق تنهيدة حنين.ها هو يترنح على حبال الألم  فمن بعد رحيلها

شعرأن الكون يضيق به.. روتين خانق...لقد تركته فريسة لوحدة لا ترحم.

أرخى نظراته بحزن لتقع عيناه على محتوى شنطته التي لا تفارقه اينما حل و اينما رحل ...

مد يده ليخرج مدونته ليضيف بعض المأساة عليها ..

اخذ يقلب صفحاتها (المدونة) ليقع ناظره على تلك الوردة..

يذكر جيدا كم كانت بيضاء .. جميلة حين اهدته اياها ذات صباح ربيعي.

لكن يبدو ان الزمن نال من نصاعة بياضها فجفت و استقرت جثة هامدة بين الصفحات...

صنعت له ذكرى يلجأ اليها كلما اشتد به الشوق لحبيبته...

فيتسلل الى غرفته ..يفتح مدونته ليحادثها (حبيبته) و يسامرها كتابيا

و عيناه مسمرتان على الوردة البيضاءفيرى فيها انعكاس صورتها ..

فينتابه شعور بانها بالقرب منه..فيشكو لها آهاته ..

تنهمر دموعه.فيحس بلمستها الحانية و هي تمسح وجنتيه..

تشعره بنشوة الحب تسري في جسده ...

فيخال صوتها و هي تناديه ...تركض بين احضان الطبيعة ..

يبحث عنها بمخيلته و قلبه...فيرى انعكاس صورتها في الوردة..

كلما اقترب منها اختفت وبقي طيفها بين يديه ...داخل تلك الوردة.. 

فتح عينيه فجأه ..في عالمه الواقعي ... ليداعب اذنه صوت طفولي رقيق. ...

بعث في روحه نوعا من الرقة فابتسم في صحوته

وهو يراقب اقتراب طفلة صغيرة قطعت حبل افكاره

لتطلب منه في براءة مساعدتها..

فقد استعصى عليها فتح قنينة زجاجية فما كان منه الا التجاوب معها بكل حب .

ارجع خصائل شعرها وراء اذنيها و همس لها:هات لنرى...

امسك القنينة و اذا به يرى بداخله ثلاث فراشات...

رغم جمالهن الا انهن قد شارفن على فقد الحركة،

فسأل الطفلة بفضول :من اين لك بهذه الفراشات الجميلة و لماذا تحجزينها هنا؟

ردت الطفلة بعفوية قائلة:لقد اصطادها اخي للتو من حديقة جدتي

و حجزها داخل القنينه و اغلق عليها باحكام حتى لا تهرب .

لكنني اشفقت عليها و اردت اطلاق سراحها فلم اتمكن من فتح القنينة.

ابتسم الشاب من براءتها و مسح على شعرها

و اراد ان يخلق جوا من المتعة و الاثارة ليدخل السرور على قلب الطفلة

فأخذ القنينة متظاهرا بعجزه على فتحها محاولا عبثا ان يفعل لكن دون جدوى

و البنت تتأمله في دهشة و خيبة خوفا من أن تلقى الفراشات مصرعهن.

أخذت تصرخ و تردد و تتوسل :ارجوك عمو افتحها بسرعه...

ساعدها على التحليق من جديد ... لا تتركها محجوزة هنا.. ستموت ... 

أخذ الشاب يهدئ من روعها و يقول: لنجرب هذه الطريقة ...

بدأ يتمتم بكلمات غير مفهومة يمازح الطفلة طالبا منها اعادة تكرار الكلمات

و هو يضحك من تقليدها المتلعثم الى ان قال :هيا استعدي للمشهد العظيم يا فتاة ...

فتح القنينة و رجها يمينا و شمالا لترى الطفله بعينين منبهرين و فاه مفتوح

خروج الفراشات الثلاث الواحدة تلوى الاخرى و تحليقهن في الجو البديع

لتتوارى في الافق البعيد و الطفلة تصفق تارة و تلوح بيديها الصغيرتين و هي تودع الفراشات الثلاث .