إرتسمت بين تلك الشوارع الواسعة إبتسامة إعتلت حدود الكلمات فأزهرت على أسوار المدينة ، بعض الأمنيات التي كتبتها وداد بطفولتها البريئة و أحرف الزمان تخلد قوافي الذكريات كعادتها ، بعينين عسليتين وشعر أسود بضفيرتين و وجنيتين حمراوين قد عانقتا الحب فإرتمى الحسن بين شفاهها الدافئة ممسكة تلك الدمية القطنية ولسان يتعثربين الحروف تقرب وجهها صوب أمها كأنها قمر يرتجي بعض العسل: "أمي أتعلمين كم أحبك " أشارت بيديها الصغيرتين اللتان إتسعتا بطول حنانها ثم لامست طرف ردائها تشده إليها أكثر، تأملت تلك التجاعيد التي تجلت بمحياها ووشم غطى أعلى جبهتها وحزن عميق صاحب أوتار قلبها سألتها بتوجس :"مالي أراك حزينة ! أخبريني" مسحت على رأسها بود تنهدت تنهيدة طويلة "إنه الوطن يا بنيتي،وشوق لوالدك الذي أخذ عنوة للمشاركة في الحرب أتذكر ذلك اليوم جيدا كأنه إغتراب عبر حدودالفراق"، لم تستطع حبس تلك الدموع التي ترقرت بين المقل مدت وداد مقدمة ثوبها حتى تكفكف ذاك الشجون القاتل: " لا عليك يا أمي أنا معك ..هيا..هيا إبتثمي أو أبك أنا أيضا".. وبينما هم كذلك إذ بأصوات تعالت خلف المنزل و إهتزاز يدنو أكثر فأكثر إقتربا صوب قفل الباب، كانت جموعا غفيرة قد كتبت بين تلك اللافتات المرفوعة "الحرية للجزائر،الشعب يطالب بالإستقلال" " ياااا له من مثهد عظيم يا أمي كأنها عثافير جميلة "، مشت مسرعة تحاول أن تتقدم تلك الصفوف في عفوية بالغة لم تستمع لنداءات أمها المتكررة بالرجوع دنت من ذاك الرجل ذو اللحية البيضاء لتتمتم حروفها هامسة "إرفعني فوق رأثك أريد أن أعتلي القمة وأثمع صوتي أنا أيضا" إرتسمت بين شفتيه ضحكة خفيفة "لك ذلك يا بنيتي،أراك شجاعة رغم صغر سنك".. تخطت تلك الحدود الصامتة و بقيت تلوح بيديها الصغيرتين بفاه تلامسه النسمات الباردة، و لأن الهدوء قد يخبأ بين أنفاسه لحظات صعبة كانت سطوح المباني قبلة لجنود الإحتلال ترقب المكان عن بعد بعيون تترصد كل شيء،تبادل لإشارات و موت قد قارب من حمل مسافريه إلى محطة الشهادة، أطلقت تلك العيارات المتتابعة لتخترق ذاك الجسد الهزيل ومناديل محمرة ببياض تلك القلوب كورقة تطايرت مع الريح، لتزف تلك العيون العسلية صوب الخلود ممسكة راية العلم و الروح الجميلة قد تزينت مثل شموع السلام .. بقلم مجد الخواطر 08/05/2016 |