▐◄ رحلة الموت ▐◄ بقلمـــــــــــــــــــــــــي▐◄
آخر
الصفحة
المحب الصغير MFM

  • المشاركات:
    32462
مشرف القصص القصيرة
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
المحب الصغير MFM

مشرف القصص القصيرة
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 32462
معدل المشاركات يوميا: 5.4
الأيام منذ الإنضمام: 6033
  • 11:21 - 2016/04/09

 رحلة الموت 

صباح الخير زوجتي م العزيزة ، يبدو أنّ هذا اليوم أفضل من غيره ، الجوّ صاحٍ على غير العادة ، ولاتوجد أصوات مرعبة كما كل صباح ، لهذا سأتقدّم لاجازة لمدة يوم كي نخرج بها مع أطفالنا برحلة داخل البلدة ، حسناً حبيبي بالفعل اليوم يبدو مريح ، سأخبر الأطفال بأن لايذهبوا للمدرسة اذاً ، فرح الأطفال كثيراً بالخبر ، ف لهم فترة كبيرة لم يخرجوا برحلة بسبب الوضع الكارثي ، انطلق السيد سالم وعائلته ب سيارتهم وبدأوا بالغناء والضحك والفرح ، لاشيء يساوي فرحتهم اليوم ، جلسوا في الحديقة ولعبوا بالكرة ، تناولوا طعام الغداء والابتسامة تعلوا وجوههم ، وفي بداية الّليل حان وقت العودة ، وأثناء عودتهم للمنزل رأوا تجمّع كبير للسكّان والأمن والشرطة بكل مكان ، اقتربوا وسألوا مالأمر؟ أجابهم جارهم صاروخ سقط على بنائك فتدمّر بالكامل!! ، أووه ماذا تقول ؟ أرجوك أخبرني أنّك تمزح ,.,لا أبداً ياجاري ، جبر الله مصيبتكم والحمدلله أنكم خارج المنزل ، تماسك سالم نفسه أمام أطفاله وأخبرهم : حسناً لن نعود للمنزل هذا اليوم ، لنذهب للفندق، فرح الأطفال بالخبر ، أمّا الزوجة فالدموع انحسرت بأعينها فهي تعرف حقيقة الأمر ، جلس مع زوجته في المساء والأطفال نيام يسألها : ماذا نفعل؟ بيتنا أصبح رماد ، وكل شيء فيه تدمّر ، خسرت كلّ شيء يا الله ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، قالت له أرجوك : كل شيء إلا الهجرة ، فأجاب سالم : اذاً تعرفين ما أود  فعله ، بالفعل سنهاجر ، سأبيع سيارتي الّذي لا أملك شيئاً غيرها ،.. أرجوك يا سالم الّا هذا وبدأت تبكي ، ولكنّه كان قد حسم الأمر وقرّر الرحيل إلى أحد الدول العربية ، فتقدّم للسفارة الأولى وتم رفض إعطائه الفيزا ، والثانية والثالثة وووووو الخ... ، ماذا؟ حتى غضب من أحد السفارات وبدأ يصرخ : لأنّي سوري مرفوض من جميع الأخوة العرب؟ ألسنا أخوة في الإسلام والعقيدة والروح والتاريخ ؟ ألا لعنة الله على من فعل ببلدي هذا ، عادت لزوجته يبكي من الحرقة ويقول لها حبيبتي ، العرب لن يستقبلوننا ، حتى تركيا فرضت الفيزا علينا منذ فترة وجيزة ، لم يعد لدينا سوى خيار أوروبا ،... نعم؟ ماذا تقول؟ بحر ؟ بلم ؟ غرق ؟ أزمير ؟ اليونان ؟ لا أرجوك أرجوك لدينا أطفال ، قال لها ومالحل؟ ذهبت لأستأجر منزل هنا أصبحت الأسعار لاتطاق!؟ الدولار أصبح عشرة أضعاف والراتب لايزيد ، ولا أملك المال الكافي لدفع ما يطلبون ، لم يكترث سالم لكلام زوجته ، وبالفعل بدأت بحزم الأمتعة ، وجهّز طفليه للرحيل أيضاً ، وبدايةً من طريق الموت الأوّل وهو من سوريا إلى تركيّا ، التقوا مع أحد المهرّبين ، كم تريد؟ على الكبار 350 دولار والصغار 200 ، أرجوك هذا كثير ، حسناً اذهبوا لوحدكم ، لالا رضينا وحسبنا الله ، دفعوا له المبلغ وانطلقوا برحلة العذاب بين الجبال والوديان ، وتحت الأمطار ولكن لاحل آخر ، وصلوا عند الحدود فتم اطلاق النار +عليهم من قبل العناصر على الطرف الآخر ، فتركهم المهرب تحت ضربات النار وهرب ومعه المال ،  وبقوا وحدهم مختبئين بين الأشجار طوال المساء ، وفي صباح اليوم التالي عثروا على مهاجرين مثلهم ومعهم مهرب آخر ، تفاوضوا معه فطلب على الكبار 250 دولار والصغار مجاناً ، قبلوا مضطرين ، وبالفعل استطاع ايصالهم إلى تركيّا بسلام ، وبعدها بسرعةٍ ذهبوا لأزمير ، عاصمة الهجرة والموت..، العثور تاجر موت (ابن حلال) تلك المهمة الأصعب ، حتى عثروا على شخص يدعى أبو ثروت ، قال لهم : لاتقلقوا ، الأمر ميسر كثيراً ، ثلاثون شخصاً على البلم ، وبنصف ساعة ستصلون للجزيرة اليونانية ، وعلى كل شخص دفع مبلغ ثمان مئة دولار ، والصغار أربع مئة ، تم دفع المبلغ ، وجلسوا بفندق ينتظرون أن يجهز مركب الموت للسفر ، بعد ثلاثة أيام اتصال المهرّب بهم هيا كونوا جاهزين ، سنتجه نحو البلم ، ذهب سالم وعائلته فوجوا العائلات والشباب كلّهم مرتبكون ، خائفون من مصيرٍ مجهول ،..
ذهب بهم المهرّب إلى مكان البلم ، قال لهم كل أربعون شخصاً يصعدون لبلم ، وهنا بدأ الصراخ كيف هذا؟ اتفقنا أن نكون فقط ثلاثون ، ردّ عليهم ، هذا الموجود ، ولن أعيد المال ، ومن يغيّر رأيه بالرحيل يقتل ، صمت الجميع وقبلوا بالأمر الواقع ، وركب سالم وعائلته بالبلم ، وانطلق بهم.. ، مضت أوّل عشر دقائق بأمانٍ وسلام ، وبدأ الارتياح يسيطر على الجميع ، حتى هبت رياحٌ قويّة وبدأ البلم يتأرجح ، الأمر طبيعي جداً ، فهو يحمل زيادة عن طاقته عشرة أشخاص ، وقف المهرب وقال: البلم سيغرق ، وسيأتي قارب لانقاذي ، أما أنتم فتدبروا أنفسكم ، مسكه الناس وهددوه ولكن لايمكنهم فعل أي شيء معه ، فهو من يمكنه ايصالهم أو النجاة بهم ، فقالوا له أرجوك أنقذنا ، فأجابهم لابد من يترك عشر أشخاص البلم ويكملوا بسباحة أو خفر السواحل يساعدهم ، أو سأترككم وأمضي ، جمع سالم عائلته حوله وبدأ يرتجف خوفاً عليها ، ونظر له المهرب قائلاً : عليك أن تستغني عن أحد أفراد عائلتك إما الطفلتين أو زوجك أو نفسك!!، فرفض وبشدّة ، وطبعاً الكل رفض معه ، استمرّت هذه الحالة حتى تم انقلب بهم البلم ، وبدأ الناس ينتشرون بمنتصف البحر ، بالفعل المهرب جاء من ينقذه بسرعة ، أما سالم استطاع امساك أحد أطفاله ، ولكن مصيبة" زوجتي لاتعرف السباحة ! ، وأين طفلي الثاني؟ وضع طفله الأول على ظهره حتّى عثر على زوجته تقاوم الغرق فأمسك بها وحينها فقدت وعيها ، فسقط طفله من على ظهره ، حاول إنقاذه وامساكه ، ولكنّه فلت من يديه وهو يبكيي بشدّة وينادي أرجوك يا أبي لا أريد الموت ، وسالم المسكين ليس بيده أي حل  سوى التألّم بحرقة ، حاول السباحة نحو طفله الذي يناجيه ، وطفله الآخر تائه في وسط البحر ، وزوجته على ظهره ، آهٍ ماهذا الحال آه ، وبعدها بدقائق عثر على جثة ابنه الثاني تطوف ك ملاك جميل غادر الحياة أمام أعين والده ، أيّ صدمةٍ تلقّاها بذاك اليوم ، وضع طفلته على ظهره حتى جاء خفر السواحل وأنقذهم ، وعت الزوجة وهي على الجزيرة اليونانية ، رأت سالم فوقها ف حمدت الله أنهما بخير ، لم تجد طفليها ، وقبل أن تسأل سقطت دمعة حارقة من زوجها على وجهها ، وقال لها : اطمئني تم انقاذهم وسنعثر عليهم ، ارتاحت الأم نسبيّاً ، ولكن حرقة الأب كانت واضحة الذي يحاول اخفائها خوفاً على صدمة أمّهم ، حتى جاء خفر السواحل ليسألهم : لمن تعود جثث هؤلاء الناس؟ كان من بين ال أربعين شخصاً ، خمسة عشر غارقون ، فرأت الأمّ جثّت طفليها ، لم تستوعب ما رأت ، وهنا انهار الأب الجسور بكاءً وهو يقول : حاولت انقائهم ولكنّ القدر أخذهم مني ، والأمّ بدأت ترتجف حتى وقعت من أثر الصدمة ، نعم لم تتحمل الأم  تلك الصدمة ، لم يتحمّل قلبها فراق فلذات أكبادها ، لم تكن عائلته الوحيدة المتضررة ، بتل كالرحلة تفي خمسة أطفال بالإضافة لطفليه ، كان الأمر فجيعة لايتخيلها أحد ، بعدها أكمل سالم وزوجته طريقهم مع بقية الناس نحو أوروبا ، حتى وصلوها بخيرٍ وسلام ، ولكن بعد فقدان كل مافي قلوبهم من محبة ، وحنان..


شكراً ألمانيا ، شكراً السويد ، شكراً الدانمارك ، شكراً اليونان ، شكراً هولندا ، شكراً النرويج ، شكراً النمسا..


شكراً لأخوّتكم ومحبّتكم.


،،


ولتشكر السودان الشقيقة الّتي مازالت ترفض فرض فيزا على أخوانها السوريين...


تنويه هام:

نلوم الحكّام وليس الشعوب..

 ▐◄ رحلة الموت ▐◄ بقلمـــــــــــــــــــــــــي▐◄
بداية
الصفحة