المللُ يلفّها هذه الليلة من كل جانب، و صريرُ الرياح خارجًا يزيد من وحشة اللّيل و رعبه،
تجلسُ "ن " وحيدة، لا تجد ما تفعله رغم كمّ الواجبات التي تنتظرها ...
تفتح التلفاز تقلّب قنواته تستقرّ على إحداها،
...
( ما هذا العالمُ الغريب ؟ أين أنا ؟ ) كانت " ن " تردّد بصوت مرتجف ..

فقد وجدت نفسها في مكان لمْ تعهده مِن قبل ! دماءٌ تتناثر في كل مكان، تلاكم و خبطات و ضربٌ ،
سقوط ٌللقتلى جموعًا جموعًا ...
فجأة :
" dongi dom dongi dom، ...." تصدح أغنية راقصة وسط الزحمة و الدماء، و يقفز جمعٌ من الشبان
فتيانا و فتيات يرقصون

، وسط الحقول الخضراء ( التي زُرِعتْ فجأة !

) و يغنون معا ،
يحفظون نفس الأغنية باحتراف، و يؤدون نفس حركات الرقصات باتقان ، كيف اجتمعوا، و تجانسوا هكذا ؟! من أين طلعوا ؟ ( دفشْهم المخرج دفش ، لا تخافي

)
تحاول "ن " مجاراتهم في الغناء فتردد معهم لأن لحن الأغنية راقها ، و لكنها لا تتقن لغتهم فغنّت الكلمات المترجمة " اعتقدتُو أنكا ابنييي ، لكنكا غرييييب و لستَ ابنيييييييي
يالا خيبتي ..." كانت تلحّنها على نفس الريتم ، و كم كان لحنها فاشلاً ، ما علاقة الكلمات بالأحداث ؟ ثم لقد أوحى اللحن و ملامح المغنّين المتأثرة بوجود كلمات حب راقية و مؤثرة،
لتكون في الأخيرة هذه الترجمة !

، عن أي إبنٍ يغنّون ؟
" ربما الخلل فيَّ " صاحت "ن" .
انصرفت من هناك خائبة ، تمشي وسط طريق طويل، سراب لا أحد غيرها في الطريق الموحش، فجأة ترى جمعا آخر غفيرا من الناس،تنطلق نحوهم
لأنها خائفة من الوحدة و الظلمة ... تصل هنا و يا ليتها ما وصلت !
ذاك الجمع كان يتعبّد شيئا مخيفا و مقزّزا، يبدو فيلا ؟ أو بقرة ؟
آه ما أبشعه ! كيف يقتربون منه دون خوف و يوجهون له دعواتهم، و أمانيهم ... ؟
له خرطوم طويل، جثة سمينة، قصير أيضا ، له ثمانية أذرع ، ! أَمْ هي أرجل ؟
لا يهم فقد كانت مُوزّعة في كل جسمه

هاهم يجرونه في عربة، متضرعين له بأن يحقق أحلامهم

، يجرون إ
لآهَهُم حسب اعتقادهم

تهرب بعيدا عنهم ووجوهم الملطّخة بحنّاء لونها بين الأسود و الأحمر القاني يضعونها بين عيونهم فيَبدون كَبُوم الشؤمِ

" حبيبي دائما " هذا ما كان مكتوبا على اللافتة الضخمة التي واجهتها في نهاية ذاك الطريق ،
أسرعت تلك الحالمة نحوها ، وجدت بطلا وسيما جدا عيناه بريئتين،

، يفكر في محبوبته بدفء ،و هو جالس في مكتبه ، رنّ هاتفه ، ردّ عليه تبدلت ملامحه من محب عاشق
إلى مُكشّر مرعب ( أصبح بشعا جدا ) ، كانت المتصلة زوجة أخيه تخبره ان أحدا صبّ( سائلا حامضا ) على وجه زوجته حبيبته...رمى هاتفه على الأرض ( ركزت الكاميرا على هذه اللقطة كثيرا .

.)
و أسرع يجري للبيت ضاغطا على مكبح السيارة و الغبار يتطاير من تحت عجلاتها ،
وصل هناك ...تفحص زوجته اطمئن عليها، فالحامض المُحرِق أثّر على رجليها فقط ، ( رغم أن الشرير رماه على وجهها و "ن" شاهدة على ذلك

، كادت تصيح تكشف الأمر لكن من يهتم ؟ )
لا علينا ، لا عليها ....
بعدها أخْرَج البطل الوسيم هاتفه من جيبه و كلّم الشرير و توعده بالقتل لأنه أحرق زوجته ...
تنبّهت "ن" :
" اهههه هْنا و حَبَّسْ ( تَوَقَّفْ )، الهاتف رميته في مكتبك على الأرض، مِن أين أتاك هذا ؟ ربحته ( بونيس ) ؟

اكثرتم من كذبكم سأنسحب "

/
غادرت "ن" ذاك العالم ، استيقظت الآن ، كانت نائمة ، لا تدري هل ما عاشتهُ كان كابوسا أو أنها فعلا كانت تتفرج على قناة الكذب بامتياز ...
القناة التي سمعتْ فيها دعاءً لن تنساه من أحدهم
يوجهه لـــــــ " ما يعبده هو " ! ( أيها القدير لماذا تضيف توابلاً حارة على قصة حبهما الحُلوة ؟ )


و في هذه القناة أيضا يتحدث الأشرار إلى أنفسهم متوعّدين أَعداءهم بصوت مسموع ، أ لا يخشون أن يُكشَفوا ؟!
و فيها حدث في فيلم قديم أنْ انتقم البطل لموت أبيه، لم يترك لا أخضر و لا يابس إلا و أحرقه ، كما قتل الجميع و عاش هو و عائلته بسلام
رغم أن والده مات موتا عاديا متأثا بمرضه !.