:انت مطرود
لم يغضب ككل مرة عندما يطرد، ففي تلك اللحظة إنصب فكره بعيدا، إنصب عند زوجته المريضة ،ديون المنزل، مصاريف إبنته العانس
التي لم يتقدم لها أي خاطب ،حتى الآن، ليس لقلة جمالها، بل لأن شباب اليوم ليسوا في حاجة إلى الجمال، بقدر حاجتهم إلى دخل إحتياطي، من إمرأة عاملة، أو على الأقل إرث ضخم سيحول إلى رصيده بعد أن تتيتم.
شعر بالضيق من مكانه ففضل الخروج، قبل أن ينفجر على صاحب المقهى رئيسه السابق
كان يتمشى ببطئ، ثم توقف أمام الشارع لعبوره، نظر إلى الجهة المقابلة، رأى سيارة فخمة تدل على رقي صاحبها،و من النافذة رأى وجهه الوسيم،تقدم بخطواته للمرور إلى الجهة الأخرى من الشارع، غبطه على النعمة التي هو فيها، و تمنى لو يكون مكانه، له خدم و سيارات و قصور، إسم معروف، و منصب عالي
أفاق من أوهامه على صوت صراخ بعض الشباب، كانوا ينبهونه على السيارة القادمة، لكنه لم ينتبه إلا بعد فوات الأوان
أدار رأسه بفزع، و لم يرى غير ضوء مشع ثم حل مكانه ظلام دامس..
قصر ضخم، أربع سيارات حديثة، مصطفة أمام باب كبير، الذي بدوره يؤدي إلى حديقة واسعة، تنقلك من مكانك إلى الهدوء، و الشعور بالراحة الذي نحس به جميعا، كلما ذهبنا إلى إحدى القرى البعيددة عن الصخب، إستمررت بالتقدم ووجدت أمامي بابا آخر مزخرف بطريقة مفعمة بالحيوية أكثر من اللازم، ما يدل عى ذوق صاحبه الغريب، تجاوزت الممر الذي يصطف على جانبه الخدم ليرحبوا بي، فوصلت إلى غرفتي، إستلقيت على السرير الضخم و صفقت بيداي، بعد ثوان وصلت الخادمة و بيدها ما لذ و طاب، وضعته فوق الطاولة و ابتدأت الأكل، بينما سكريتيري يروي علي أهم التطورات التي شهدتها شركاتي، بينما يضيف بعض المدح، لربما هو صادق، أو أنه طلب غير مباشر للترقية، أمرته بالمغادرة فخرج و الخدم، بقيت وحيدا..في الظلام
أحس..نعم أحس بأناس حولي، صوت بكاء، نبرة صوت مألوفة، صاحبتها إبنتي و البكاء من زوجتي، قتلني الفضول فما إنتظرت بل فتحت عيناي بسرعة، كلاهما بجانبي و الطبيب أيضا، عرفت ذلك بملابسه، رأيت البسمة تتعلق على وجهه، خاطبهما و طلب منهما الخروج و هو يطمأنهما انه أفاق، لا ادري من..، بعد أن خرجا أشار بيده إلي مبرزا ثلاثة أصابع، و سألني إن كنت أرى، لم أجب فطلب مني الإستراحة قليلا، توجه للخروج لكني أوقفته عندما أمسكت يدي يده، كانت حركة لاشعورية
و سألته:ماذا حدث لي
تبسم و رد:قبل شهرين، أصبت في حادثة سير و طول هذه المدة كنت في غيبوبة
طمأنني ثم خرج، بينما إبتسمت بسخرية