سر صريعة هوى الأندلس قصة قصيرة بقلمي
ط·آ¢ط·آ®ط·آ±
ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ©
موعد مع الفجر
  • ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾: 463
    ط¸â€ ط¸â€ڑط·آ§ط·آ· ط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ²: 511
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
ناقدة أدبية
موعد مع الفجر
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
ناقدة أدبية
ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾: 463
ط¸â€ ط¸â€ڑط·آ§ط·آ· ط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ²: 511
ط¸â€¦ط·آ¹ط·آ¯ط¸â€‍ ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾ ط¸ظ¹ط¸ث†ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ§: 0.1
ط·آ§ط¸â€‍ط·آ£ط¸ظ¹ط·آ§ط¸â€¦ ط¸â€¦ط¸â€ ط·آ° ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¥ط¸â€ ط·آ¶ط¸â€¦ط·آ§ط¸â€¦: 3839
  • 22:33 - 2016/02/06

سر صريعة هوى الأندلس

 

     لم يقف طبيبٌ لزينب الراوي على سرّ المرض الذي اعتراها فجأة واستبد بها إلى أن كاد يفقدها السيطرة على عقلها.

     لقد عُرفت طيلة سنيها العشرين متزنة الخطوات في الحياة والأحداث، منكبة على دراستها بجد ونشاط، تعرفها مكتبات المدينة العمومية، وتشهد لها بطول الصبر ودوام الأناة.

     إلى أن جرّها هاجس التاريخ إليه، ودلف بها إلى ردهات الماضي، وتنقّل بها بين دهاليزه وحناياه، وجَرَّها جرّاً إلى هذا الصقع من الدنيا الذي تسمّى ذات يوم ببلاد الأندلس الفاتنة، ثم توالت عليها القرون، فآلت إلى أرض خصبة عمّرها أهلها الأصليون، واحتفظت منها المؤلفات بالأخبار تشهد عليها بقايا من بقايا ما دُمّر واندثر من تلك الحقبة المتميزة الخالدة.

     فليكن.

     أحبّت هذه البلاد حبّاً جمّاً، وشدّت الرحال فجاست في دروب مدنها، وطافت بجبالها، وطوّفت بسهولها، والتقت أناسها، وزارت متاحفها، وحاولت أن تزاوج بين الحاضر والماضي، في معادلة طرحتها على نفسها، وحاولت ان تجد لها الحل الذي يريحها.

     لكن شيئاً من ذلك كله لم تتوفق فيه إلى ما يرضيها، ويهدئ من روعها، ويهنأ له بالها.

.


     وعندما التقت إسماعيل، كان هو قد انمحى من ذهنه تماماً ذاك الماضي الزاهي، بل صار يعتبره إحدى حكايات الجدات العابرة؛ فهؤلاء أناس طرقوا تلك البقاع، ومكثوا هناك ما مكثوا، ثم ارتحلوا أو رُحِّلوا، فآل بهم الأمر إلى أن يؤوبوا إلى مرتعهم الأول، فعادت مياههم لتصب في نفس واديهم؛ فأي مشكلة هنا؟ وأي لغز ينطوي عليه هذا الوضع؟

     كذلك كان هو يطرح المسألة، ويأنس إلى ما أصابه فيها من حل، ويريح نفسه من عناء اللهث طلباً للماء وراء السحاب الخُلَّب!

.


     ولم يكن حال زينب كحال إسماعيل. وراحت تبحث عبثاً عمَّا يقنعه لينضمّ إلى صفّها. ولم يكن هو أيضاً بالشخص الهيّن، السهل إقناعه. لقد كان حروناً في جميع اختياراته، مثبّتاً عينيه كلتيهما على المستقبل، وعلى المستقبل وحده، وما أكثر الشباب مثله الذين حدّدوا لأنفسهم نفس الاختيار، واقتنعوا به، ولم يعودوا يرتضون بغيره بديلا.

.


     وجاء اليوم الذي بدأ فيه هوسُها بالأندلس يطفو على السطح، فصارت تنطق خلال نومها بأسماء مدنها، ولا شيء يلفت انتباهها في نهارها، خارج عملها، غير أخبار هذه المنطقة من العالم.

     فهل تحوّل حبها للأندلس إلى عقدة نفسية مستديمة، لا يُرجى معها علاج؟

     وكانت العلاقة بينها وبين إسماعيل قد تطورت إلى مرحلة الخطوبة.

     وفي إحدى زياراته لبيتها، التقى بجدها، فاكتشف منه سرّ عقدتها. لقد حدثه العجوز الذي فقد جميع أسنانه، ويرضى أكثر عندما يتخلص من طاقم أسنانه الصناعي، ويتحدث بفم ثرمان، يطرطقه كيف شاء، لا تعترضه عوائق ولا تصده حدود، ويبتسم ابتسامته المحببة، فيذكّر إسماعيل بضحكة ابن أخته الذي يتقدم حثيثاً نحو إبراز أولى أسنانه.

     وما لبث الرجل أن دخل إلى بيت نومه، وعاد منه يحمل صندوقاً صغيراً، يحرص عليه حرص الوالدة الحنون على وليدها أسير قماطه في أحضانها، وسرعان ما فتحه وأخرج منه مفتاحاً غريباً، في حجم كف يد رجل توسط به العمر، أو هو يتجاوز الكف طولا ببوصات قليلة.

     قال العجوز وبريق انتصار يلتمع في عينيه:

     ـ هذا مفتاح بيتنا بغرناطة!

     ـ ألا تزال الدار قائمة هناك؟

     زاغت عيناه وقال كمن مُسّ في عزة نفسه وكرامة مَحْتِدِه:

     ـ أفي هذا شك؟ بيتنا قائمٌ هناك، وسيأتي اليوم الذي سنعود فيه إليه!

    

     ها إسماعيل يلتقي بمن هو أعند منه؛ فكيف السبيل إلى التفاهم معه؟

.


     قال إسماعيل للطبيب النفسي الذي أقنع زينب بزيارته:

     ـ لقد غرس فيها جدها "فيروس"ّ الأوبة إلى الأندلس، فهي به مبلبلة الفكر، عرضةً، إن هي مكثت على هذه الحال، لماليخوليا قد تضحّي من جرائها بهذا الواقع لتعانق ذلك الماضي الذي دثرته الآن أستار النسيان!

     قال الطبيب بلسان واثق:

     ـ الآن فهمنا المراد. وليست هذه هي الحالة الوحيدة التي تحت يدي من هذا القبيل. فليرتح بالك، وليهدأ جأشك، ولتهنأ الهناء كله، فعمّا قريب، إن شاء الله، سيبلغك ما يرضيك.    

 سر صريعة هوى الأندلس قصة قصيرة بقلمي
ط·آ¨ط·آ¯ط·آ§ط¸ظ¹ط·آ©
ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ©