حفيف أجنحة الملائكة قصة قصيرة بقلمي
ط¢ط®ط±
ط§ظ„طµظپط­ط©
موعد مع الفجر
  • ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 463
    ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 511
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
ناقدة أدبية
موعد مع الفجر
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
ناقدة أدبية
ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 463
ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 511
ظ…ط¹ط¯ظ„ ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ ظٹظˆظ…ظٹط§: 0.1
ط§ظ„ط£ظٹط§ظ… ظ…ظ†ط° ط§ظ„ط¥ظ†ط¶ظ…ط§ظ…: 3835
  • 14:15 - 2016/01/28

حفيف أجنحة الملائكة

 

     لا تعرف سلطان الحبّ، ولا أين يقيم، كما لا تعرف متى يزور القلوب، ولِمَ يزورّ عن بعضها ازورار الشمس عن الكهف المعلوم وأصحابه ذوي العدد المجهول؛ ولكنها تعرف أنه قطّرَ في قلبها تقطيراً، حب هاته الكائنات العلوية التي تدعى بالملائكة.

     فإنها صارت تحبهم صباحها ومساءها، وتشغف بهم ليلها ونهارها، وتترصد مقدمهم علها تحظى بلقائهم أو استقبالهم لدى المنّ عليها بطرق بابها، والجوس في حياضها.

     لم تحظ بشيء من ذلك كله، ولكنها، وعند حلول الفجر، كانت تسمع حفيفاً، تأكد لها حدساً، بعد أن دققت فيه سمعاً، بأنه منسوب إلى حركات أجنحة الملائكة.

     لكأنما تناهى إلى سمعها لحن مّا. شيء كالموسيقى.

     هل لأجنحة الملائكة موسيقى ما؟ تذكرت أنها ربما سبق ووقفت على شيء مثل هذا.

 

     في ذلك الصباح المعتدل، هجرها النوم باكراً، فخرجت إلى حديقة البيت، تتفقد نباتاتها. وفي تلك الزاوية الشرقية الشمالية، وقف أمامها طيف.  كان بهاؤه يفوق الوصف، ونوره يعمّ المكان. اقترب منها وسألها بلطف:

     ـ كأني بكِ ترغبين في التعرّف إلينا وفهم واقع الحال لدينا.

     ـ ...

     ـ لا تتبكمي هكذا! فإنما نحن مخلوقون مثلكم.. المادة فقط تختلف.

     ـ المادة؟..

     ـ أقصد النور والطين.. لذلك أنتِ لا ترينني بالدقة المطلوبة، لانعدام الكثافة المادية..

     ـ ما دام اللقاء قد تحقق، فإنني في شوق لمعرفة كل ما يتعلق بكم..

     ـ دعكِ الآن من كل هذا.. وأخبريني أولا.. لِمَ أنتِ مهتمة بنا كل هذا الاهتمام؟

     ـ رغبتي أكيدة وعميقة، ولكنها، للأسف الشديد، لن تتحقق..

     ـ ماذا تقصدين بالضبط؟

     ـ كل رغبتي أن ألتحق بدائرة عالم الملائكة..

     ـ أن تصيري ملاكاً؟!

     ـ لا، لا.. فأنا أعلم أن هذا مستحيل.. وإن كان لا شيء في الكون يستحيل على الخالق، سبحانه..

     ـ فإن كنتِ على دراية بهذا كله، فما هو طلبك بالتحديد؟

     ـ تعال معي إلى الخارج، وسأخبرك بحقيقة رغبتي بالملموس..

 

     ها هما الآن يسيران جنباً إلى جنب في أزقة الحارة ودروب الأسواق. أشارت إلى سائل يرتدي أسمالا، ويرفع يده نحو كل عابر. وطرقت به ردهات المستشفى؛ فكان تكدس المرضى وتوجعهم مما يمزق نياط الفؤاد. وزارت وإياه قاعات المحاكم؛ فرأيا وسمعا من مآسي الناس، ما تتقطع له الأنفاس. وجرَت معه على القنوات؛ فشاهدا من آثار الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية والحوادث الكارتية، ما تنهدّ له رباطة جأش أشجع الشجعان.

     عادت بالملاك إلى نفس الركن من الحديقة، وقالت له تتابع حديثاً انقطع:

     ـ بسبب هذا كله، وما ماثله، وهو لا يكاد يعد أو يحصى، وددت أن لو تحققت رغبتي وألحقني الله بدائرة الملائكة.. فإن لم أكن إحداهم، فلا أقلّ من أن أكون على الدوام قريبة منهم..

     حدّق فيها الملاك مأخوذاً بما شاهد، وقال لها بصوت هامس:

     ـ .. أتدرين ما حدث؟.. فلقد أعْطِيتُ منحة أن أزورك وأقدم لك ما يلزم من عزاء.. وأن أفهمك الحدود المرسومة.. وأن أقنعك بالإقلاع عن التشبث بما هو من قبيل الثريا في أعالي العلياء.. ولكنني..

     وأحنى الملاك رأسه، وكأنه يتفادى نوبة دوار، ثم تابع قائلا:

     ـ ولكنني عندما رأيت ما شاهدته معك في عالمكم.. شدهني هذا التنوع الخصب الذي هاهنا.. فتعلقتُ بعالمكم ودنياكم.. وتصاعدت مني الابتهالات بأن لو يُبْقَى عليّ هنا دون العودة بي إلى هناك..

     ـ عجباً!!.. فلندع الله تعالى، ولنتبادل الموقعين إذن..

     أطلق الملاك نهدة حرّى، وقال وهو يحرك جناحيه اللذين توالدا أجنحة عدة ويلتحق بالفضاء:

     ـ آه لو كان ذلك ممكناً!!.. الوداع.. الوداع يا ملاكي الأرضي!!..

     وابتعد الملاك عن مجال إدراكها، ولم يتجلجل في أعماقها سوى حفيفِ أجنحته وهو يتباعد صُعُداً إلى عنان السماء.

 حفيف أجنحة الملائكة قصة قصيرة بقلمي
ط¨ط¯ط§ظٹط©
ط§ظ„طµظپط­ط©