منديل الأخلاق الذميمة قصة قصيرة بقلمي
ط·آ¢ط·آ®ط·آ±
ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ©
موعد مع الفجر
  • ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾: 463
    ط¸â€ ط¸â€ڑط·آ§ط·آ· ط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ²: 511
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
ناقدة أدبية
موعد مع الفجر
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
ناقدة أدبية
ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾: 463
ط¸â€ ط¸â€ڑط·آ§ط·آ· ط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ²: 511
ط¸â€¦ط·آ¹ط·آ¯ط¸â€‍ ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾ ط¸ظ¹ط¸ث†ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ§: 0.1
ط·آ§ط¸â€‍ط·آ£ط¸ظ¹ط·آ§ط¸â€¦ ط¸â€¦ط¸â€ ط·آ° ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¥ط¸â€ ط·آ¶ط¸â€¦ط·آ§ط¸â€¦: 3846
  • 12:59 - 2016/01/12

منديل الأخلاق الذميمة

 

لا تزال تذكر، وكأن الأمر قد حدث البارحة فحسب،

مناداة والدها لها، وموافاتها إياه في حجرة مكتبه،

وجلوسها أمامه على المقعد القريب من مقعده، حسب إشارته لها بذلك،

وتطلعها إليه وهو ينقّل ناظريه بينها وبين منديل أبيض محفوف بنقرات متقنة في الحواشي المطرّزة بخيط حريري أخضر، داكن الخضرة.

 

قال وهو يشير إلى المنديل المنبسط أمامه فوق المكتب،

بعد أن صمت هنيهة قدّرت أنها أكثر من ثلاث دقائق:

  ـ أوَ تدرين ما هذا؟

ـ ومن أين لي أن أدري؟ إنه، فيما يبدو ، منديل قديم.. فهل ينطوي على سرّ من الأسرار؟


ابتسم الوالد في حنوّ ظاهر.

 

تسحرها بسمته، وتكاد تذوب كشمعة مضيئة،

 تحت نظراته ونبرات صوته المشتملة على العطف الأبوي كله في أبهى تجلياته.

 

ودخلت والدتها، في تلك اللحظة، إلى المكتب،

راغبة في أن تقول شيئاً لأبيها،

فرفع هذا يده في وجهها مستمهلا بأدبٍ جمٍّ، إن كان الأمر يتحمّل الاستمهال.

وفهمت الوالدة عنه طقوس لحظته تلك،

فعاملته وكأنه في إحدى خلواته اليُوغَوِية ـ نسبة إلى اليوغا ـ التي اعتاد أن يمارسها بين الحين والآخر.

فقد كان والدها شغوفاً بثقافة الهند والصين واليابان وما إليها من بلدان،

دون إهمال الغوص في تاريخ بلاده،

وما تهبّ عليه به أجواء العصر من أخبار بلدان القارتين الأوروبية والأمريكية وغيرهما من باقي القارات.

 

عادت الأم من حيث أتت، جاعلة زوجها يفهم أن الأمر قابلٌ للتأجيل.


رضيَ الوالد عن حاله، فارتشف رشفة خفيفة من فنجان قهوته القابع دوْماً بالقرب من يمناه،

وتابع قوله وهو ينظر إلى قطعة القماش المربعة البيضاء تماماً كلوحة خلت من أي أثر لفرشاة:

ـ هذا المنديل، يا بنيّتي، هو مِلْكٌ لجدِّك، سلمَه لأبي، وهذا الأخير تنازل لي عنه، وأنا اليوم أختارك أنتِ لأسلمك إياه، على أنني أعددتُ نسختين منه لأخويك أيضاً.

قالت متهيبة:

ـ وهل هذا المنديل ذو تأثير خفي؟

ولم تكن هي تؤمن بالكثير مما حفلت به أجواء حكايات الطفولة،

وأشرطة القصص الخرافية التي تضمنت العديد من خوارق أساطير الأولين والأخيرين.

 

ولكن والدها انتشلها من وهدة شكها قائلا بحسم:

ـ في صباح أحد الأيام، وقد كنت أنتوي الخروج إلى عملي بعد تناولي لطعام فطوري، ناداني والدي، وبسط أمامي هذا المنديل، يتوسط بيننا، تماماً كما أفعل به الآن معك، وأشار إليه وقال لي بصوت خفيض:

ـ أتعلم ما سِرُّ هذا المنديل؟

وحكى لي قصته، ثم قال:

ـ... فإن استطعتَ الآن أن تفعل ما أقوله لك بالحرف الواحد، فقد نِلتَ سَاعِدَ تأييدٍ، وزِنْداً جَديداً، رافداً لك في الحياة من كل ما يتخللها من دوّامات الأحداث والمآسي والآفات.

ولما أجبته بالسمع والطاعة، تابع قائلا:

ـ هذا المنديل موروث من رجل ذي مواهب لَدُنِيَّة. ومن بركاته أنك كلما أَفْرَدْتَهُ وقرأتَ عليه ما تيسَّر من الذكر الحكيم، ومن أي سورة كانت من الكتاب المبين، فإنك ما إن توشك أن تنهي قراءتك، حتى يُفَرِّجَ الله تعالى كربتك، وينتشلك من ورطتك، ويرزقك من خيراته ما لا يخطر لك ببال.


واستمر والد زهرة الناجي يحكي قصته مع المنديل ولحظة تسلمه من جدّها:

قلتُ جزعاً وأنا أحدّق في المنديل وأدقق التحديق، محاولا أن أخفي ـ مع ذلك ـ ما أُبْطِنه من استنكار:

ـ ولكن هذا يجعل بين العبد والخالق واسطة في رفع الطلب وانتظار تحقيق المراد، وقد عَلَّمْتَنَا منذ بداية تدرجنا على درب الحياة ألا نتخذ من شيء أو من أحد، حتى وإن كان المبعوث إلى العالمين عليه الصلاة والسلام نفسه، واسطة بيننا وبين الله. وكنتَ دائماً تردد الآية الكريمة: "وَهُوَ مَعَكُمُ أَيْنَمَا كُنْتُمْ". فإذا كان الله سبحانه معنا بصفة دائمة...

فقاطعني الوالد مبتسماً مسروراً غاية السرور بسماعه لمثل هذا الكلام،

مشيراً إليّ بيده أن تمهّل يا هذا،

وقال حاسماً:

ـ لا، لا، لا يذهبنَّ بك الظن إلى أمور غيبية يَمُجُّهَا الذوق قبل الدين. وإنما لكل شيء طقوسه، وهيئات تنزيله، وطرق التعامل معه. فالتقرّب من الله هو بالنوافل، وأعمال البِرّ، وإتيان الصالحات من الأقوال والأفعال، بعد القيام بالفرائض طبعاً على أحسن وجه ممكن. فالله معنا ولكن ينبغي أن نحبَّه الحبّ الذي هو أهل له، حتى يحبنا بدوره الحب الذي يقربنا منه ويقرّبه منا؛ فتتقوّى سائر حواسنا، ونكتسب عِلْماً أعلى لا قِبَلَ لنا به من قبل، وهذا داخل في نطاق ما لا يوفيه الوصف حقه، وإنما هو وليد التجريب، بل والتجربة الأصيلة فحسب لا غير.

وعندما لاحظ أنني أحنيت رأسي كالمستسلم لمنطق أقبله فقط لأنه صادر عن والدي الذي أُجِلُّه الإجلال كله،

وأثق فيه الثقة التي لا تهتز لي معها شعرة شك واحدة، لا في رأسي وحده، بل وفي جسمي برمته،

قال:

ـ إن في الدنيا لأسراراً عديدة لا يزال أمام العقل البشري مسافات طويلة للإلمام فحسب ببعضها.. وبأخذنا للأمور بظاهرها الخيّر، نَسْلَمُ من الكثير من مواقع المِطَبَّات، ونتخلص من العديد من أسباب الحيرة، ومواضع البلبلة العاصفة بالكثير من القلوب مهزوزة الإيمان، ضعيفة التصديق بآيات الرحمن.

 

طوى المنديل، وقدمه إليها وكأنما هو ينتزع من نفسه أثمن ما يملك ليقدمه طواعية لمن اعتبرها استمراره في الحياة.


وأدهش ما أدهشها وقتها قوله وهو يسلمها الهدية المحاطة بهالة من الأسرار:

ـ هذا منديل أول ما يخلصكِ منه الأخلاق الذميمة. فكلما ضايقك خلق ذميم ما، فافتحيه أمامك كما تفتحين كتاباً، واقرئي ما تيسر من الذكر الحكيم، وتمَعَّنِي في مآرب المقروء، ثم اختمي بحسن الدعاء. جرّبي وسترين أن الماء ـ هنا ـ لا يُكذِّبُ السّبّاح، بل يؤيده ويزيد من دفعه للسير بخطى واثقة في طريق الصواب.

 

وكان أن فَعَلَتْ.

 

وكان أن نالت ما نالته من غرائب الاتفاق.

 

*****

 منديل الأخلاق الذميمة قصة قصيرة بقلمي
ط·آ¨ط·آ¯ط·آ§ط¸ظ¹ط·آ©
ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ©