*** .. ضريبة .. ***

                           .............بقلمي ...

    بهدوء و سكينة يرتشف الكافيه لاتيه المعتاد .. قهوة أكثر بقليل من الحليب .. و سكرة واحدة كما اعتاد .. يرفقها بحلوى الفراولة بالكريمة المخفوقة كما يحب .. ينظر لساعة يده .. وقت الذهاب رسمت له بعقاربها .. 

    حمل نفسه الحالمة و حقيبة لملم بها قصص حياته .. أوراق تحكي عن مغامراته .. زاهية بعضها بالإنتصارات و ممزقة أخرى بالنكسات .. يضع سيفه المدادي في جيب سترته .. يرتشف واقفا آخر قطرات القهوة و يحمل بقايا أشلائه و أفكاره نحو سلة المهملات .. 

    يقف مكانه .. يلتفت .. و بعينين ملؤهما الحيرة ينظر نحو مكان جلوسه .. يرتب بيديه على جيوبه الأمامية ثم الخلفية .. يدور حول نفسه بحركة رشيقة يتحسس حقيبته .. باستغراب يبتسم من نفسه .. عن ماذا يبحث هو .. كل شيء في مكانه .. فلماذا هذا الإحساس و كأنه يفتقد لشيء ما .. إحساس الخصاص الذي ينخر فكره فجأة .. ينظر داخل الحقيبة .. أوراقه البيضاء موجودة .. الحمراء و السوداء كذلك .. فلما القلق .. 

    يبادره النادل الذي يراقبه من مدة  بالكلام ..

** أيمكنني أن أساعدك بشيء سيدي ..؟ 

    ينظر إليه بحيرة ..

** أظنني أضعت شيئا .. لكنني لا أعرف ما هو ! 

    تجيبه نظرات الإستغراب تعلو محيا هذا الأخير فيردف ..

** لا تهتم .. فهذا يحصل لي غالبا .. شكرا على أي حال .. 

    يتجه نحو المخرج وهو يتحسس نفسه كمن أصابته الهلوسة .. يقترب النادل من طاولته فيرى ورقة على الأرض .. يسرع بها نحوه و هو ينادي .. 

** سيدي .. سيدي .. !!

    يلتفت فينطق الآخر .. 

** أظن هته الورقة لك ! لقد نسيت أن تدفع ثمن ما استهلكت ..

    يرفع رأسه من على الورقة و بابتسامة يرد وهو يسحب من جيبه بعض الأوراق النقدية ..

** آه .. الثمن .. 

** تيقن يا ولدي .. لقد دفعته و لازلت على مر الزمان ..