** شيخ القرية ** بقلمـــ ندى ـــــــــــــي
ط·آ¢ط·آ®ط·آ±
ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ©
فتاة الكمان

  • ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾: 3991
    ط¸â€ ط¸â€ڑط·آ§ط·آ· ط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ²: 3328
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
الفارسة الأولى لمسابقة قلعة القصص
فتاة الكمان

كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
الفارسة الأولى لمسابقة قلعة القصص
ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾: 3991
ط¸â€ ط¸â€ڑط·آ§ط·آ· ط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ²: 3328
ط¸â€¦ط·آ¹ط·آ¯ط¸â€‍ ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾ ط¸ظ¹ط¸ث†ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ§: 0.7
ط·آ§ط¸â€‍ط·آ£ط¸ظ¹ط·آ§ط¸â€¦ ط¸â€¦ط¸â€ ط·آ° ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¥ط¸â€ ط·آ¶ط¸â€¦ط·آ§ط¸â€¦: 5958
  • 23:37 - 2015/03/14

 

برنوس أبيض ناصع يعكس روحا نقية ، و* بليغة* ذهبية تخفي آلام رجلين مولعتان بالوقوف في جوف الليل لأداء ركعات خاشعة لرب الكون وخالقه ،

لحية بيضاء كثيفة ، تتشابك فيها الشعيرات كتشابك التجارب والعثرات والابتلاءات التي اعترت حياة * الشيخ*.

كنا نتدافع في الساحة المتصلة بسوق القرية راكضين نحو *القبة الخضراء *، عشرة صبية تتراقص أرواحهم في نسيم الريف .

كانت قريتنا منطقة تشع بالبساطة والامل وحب العمل والاخلاص فيه ، لم نكن نعرف عن المدينة شيئا ، غير انها تعج بالبنايات الكبرى والتجار والمصانع

و كل من له والد يعمل هناك ، يرتدي ثيابا أفخم من تلك الممزقة المرقعة التي نستر بها اجسادنا النحيلة .

كنا نركض الى *القبة* كل مساء ، حيث نجد  *الشيخ* جالسا يقرأ كتابا ذو غلاف بني من الجلد ، لمعة في عينيه تلفت انتباهي كلما أبصرت الكتاب بين يديه

يغلقه ويضعه جانبنا ليرحب بنا ويمسح على رؤوسنا ويثني علينا لعدم تخلفنا عن الموعد، ثم يحدثنا عن ضرورة الالتزام بالوقت .

يعدنا وما إن يتأكد

 من حضورنا جميعا يشرع في سرد قصص الانبياء علينا ، ونحن جالسون على الارض يلهبنا شوق المعرفة ، وشغفنا الكبير بجلسات *الشيخ *

ودروسه ، لقد كان نبعا من الثقافة والعلم الخالص نستقي منه الخبرة في دروس الحياة ، الادب واللباقة ، وأهم من ذلك ، نتعلم منه اكثر عن ديننا وحياة 

الانبياء والمرسلين .

 

في ذاك اليوم كنا قد أنهينا شطرا من قصة خير البشرية ، حبيب المسلمين المصطفى صلى الله عليه وسلم ، كان يوما حارا على غير العادة 

ولم يغادر الحر حتى بعد الظهيرة ، طاف بنا *الشيخ* أرجاء القرية ، يطأطئ رأسه و يرد السلام على كل من يمر بجانبه ،ونحن نتبعه

وتعتلي وجوهنا نظرة الغرور ، فنحن رغم بساطتنا كنا نحظى بمحبة الشيخ وعنايته ، على خلاف الصبية الاخرين ، أما معلمنا فقد ارتسمت على وجهه ابتسامة

جميلة .

كنت شديد الاعجاب بهيبة *الشيخ *

ومكانته الرفيعة بين الناس فالجميع يحترمه احتراما بالغا . كنت أطمح دائما أن اكون مثله ، وكان لي طموح آخر اخفيه بداخلي ، وهو

أن يتسنى لي قراءة ذلك الكتاب الذي يحمله دائما.

وصلنا الى قمة الهضبة هناك ، جلسنا على العشب نتأفف من الحر ، نظر الينا ثم طلب منا أن نكف عما نحن فيه ، ثم أشار الى القرية وقال:

تبدو القرية صغيرة مقارنة بالمدينة هناك ،الا ان قلوب أهلها تسع المدينة ومن فيها ...

اعتدلنا في جلوسنا منتبهين لإرشادات *الشيخ* وكلامه ، فكل ما ينطق به عبرة نرسخها في عقولنا التواقة لاستقبال المزيد من خبراته.

 

في اليوم التالي طلب منا أن نحفظ سورة القصص، ومن يحفظها ويتلوها بإتقان يحصل على مكافأة ،

حفظتها وكان مناي أن أتلو الايات الكريمة على مسامع *الشيخ* دون أي خطأ أو توقف ، وبالفعل حصل ذلك ، أما بقية الصبية فقد  

كانوا يتعثرون في التلاوة كأن ينسوا تكملة الاية فيتوقفون هنيهة ثم يواصلوا ، ومنهم من لم يتمكن من حفظها كاملة. 

دخل الى بيته ثم عاد إلينا حاملا الكتاب البني ، انتابني الخجل في اللحظات الاولى  لكن سرعان ما انبثق شعاع السرور من عيناي وكدت اقفز من الفرح 

قدمه لي وطلب مني ان احافظ عليه :

-ستحتاجونه لاحقا ، تعاونوا على فهمه و التوسع في معلوماته ، هذا كنزكم... ورثتكم إياه يا صغاري.

ابتسامة تبهج القلب ارتسمت على ثغره الطيب بعدما أنهى حديثه ، ثم افترقنا .

بعد ثلاثة أيام التقينا على عتبة مقرنا ، على غير العادة تأخر *الشيخ *

انتظرنا وقتا طويلا ثم قررنا الذهاب الى منزله ، كلما اقتربنا علا صوت القرآن الكريم ، وزادت الحركة من حولنا ، وصلنا لنجد بيته يعج بالناس 

وكأنما تدفقت المدينة في قريتنا ، أشخاص كثر يسدون الباب ، لم ندرك ما حصل ،سأل أحدنا رجلا من المارة فأخبره أن *الشيخ* قد توفي.

أجهشنا بالبكاء ، بعضنا يخفى دموعه ،والبعض الاخر يبكي بحرقة ، أما أنا فقد تقدمت خطوتين نحو بيته مذهولا موجوعا، لأشاهد الجميع يغرقون في حزن شديد.

ما زلت أذكر ذلك المشهد ، وأشعر برهبة ذلك اليوم الذي فقدت فيه القرية بدرها .

ها أنا أعيش الان في حضن المدينة ،

وأعود كل مرة لزيارة القرية التي استحالت مشروعا آخر للحكومة ، تحطم هذا البيت وتدمر ذاك لتبني مؤسسات ومراكز وغيرها ،

و بقيت *القبة* صامدة لم تمسها آلات التحطيم البشعة تلك ..

أفتح الكتاب ذو الغلاف البني كل ليلة ، أقرأ  للمرة ...حسنا توقفت عن العد منذ مدة ، اقرأ تفاصيل الفقه وزوارق نجاة المؤمن ،

مازلت اتواصل مع الصبية التسعة الذين صاروا رجالا تفخر بهم روح القرية ، نسترجع تلك اللحظات ،وكيف كنا نحيي ذكرى *الشيخ* بقراءة صفحات الكتاب

والتمعن فيهاكما أوصانا ،ونبحث هنا وهناك عن دلالات المفاهيم التي يحويها .

والان نعمل على توريث تلك الجلسات ، وشغف الحصول على معرفة قيمة لمواجهة الحياة  لجيل قادم

نتكهن بهشاشة ثقافته وهوان عزيمته و قصر بصيرته .

 

           * تمت *





 ** شيخ القرية ** بقلمـــ ندى ـــــــــــــي
ط·آ¨ط·آ¯ط·آ§ط¸ظ¹ط·آ©
ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ©