إدريس البيض التميمي | كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة | ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 439 ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 744 |  | ظ…ط¹ط¯ظ„ ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ ظٹظˆظ…ظٹط§: 0.1 | ط§ظ„ط£ظٹط§ظ… ظ…ظ†ط° ط§ظ„ط¥ظ†ط¶ظ…ط§ظ…: 4644 | | الطوق الأسود
لم يكن أول لقاء لي مع الموت أمرا عاديا، فلم أفقد خلاله أبي أو أمي، لكنني فقدت حينها صديقا عزيزا قضيت صحبته جزءا غير يسير من سنوات طفولتي، كنت أحاوره طوال الوقت، أشكو له همومي الطفولية، أشاركه يومياتي المحزنة كما المفرحة ، أحدثه عن شغب زملاء الفصل.... كنت كلما عدت إلى بيتنا المتواضع أتناول طعامي على عجل كي أحظى بلحظات أختلي فيها به ، لحظات صرت أختلسها اختلاسا ، أقتطعها من وقت لعبي أو حتى دراستي فلم أكن آبه للأمر ، لم يكن اللعب مع أقراني أو دراستي مغريان لي بالقدر الذي يدفعني لمفارقة صديقي لأجلهما . فكرت غير ما مرة أن أصطحبه معي إلى المدرسة لكنني كنت أعدل عن الأمر حتى لا أعرضه للأذى .في أحد الأيام عدت من المدرسة وجدته نائما على غير عادته ، استفسرت عن الأمر فعلمت أنه مريض جدا ، جلست بقربه أبكي لساعات طويلة ، كنت أرقبه بعيون دامعة تعتصر حزنا و ألما . ظل طوال اليوم على حاله تلك ، لم يتناول شيئا إلى أن مالت الشمس نحو المغيب و اكتسح لونها الأرجواني نافذة الغرفة ، حينها ظننت أنني رأيته يفتح عينيه فاقتربت منه أكثر ، و كم كانت فرحتي كبيرة حينما فتحها ثانية و لمدة أطول من سابقتها ، كدت أطير من السعادة ، نمت تلك الليلة بقربه كأسعد طفل في الكون كله . استمرت الحياة بعدها تجري في مسارها بأفراحها و أحزانها ، بنجاحاتها و إخفاقاتها ، لكن وجوده بقربي كان يجلي عني كل الهموم ، و يمنحني متعة الحياة الطفولية فكم لعبنا و كم تسلينا معا ..... إلى أن جاء ذاك اليوم الكئيب الذي لن أنساه ما حييت ، حين قدر لصديقي الوديع أن يلقى مصرعه على يد أحد إخوتي بغير قصد ، كنت أنظر إليه و هو يحتضر دون أن أستطيع فعل شيء لمساعدته ، اختلطت دماؤه بدموعي و أنا أحضنه بين ذراعي ، خفت شدة الموت عليه شيئا فشيئا إلى أن سكنت حركاته و خمد كلية . أدركت حينها أنه قد مات بالقدر الذي أدركت به حقيقة الموت و قسوته كما مرارة الفراق و لوعته . حملته بين يدي و شيعته إلى مثواه الأخير ، لم يصحبني في الظلمة الحالكة تلك الليلة غير أخي الذي لا يكبرني إلا بسنتين ، دفنته تحت شجرة زيتون عجوز أظنها شاركتني حزني و ألمي حينها ، عدت أدراجي و تركته وحيدا في تلك الليلة الخريفية الباردة و الموحشة ، ظللت طيلة الليل أنصت لعويل الرياح و هي تتلاعب بأغصان أشجار الزيتون قرب نافذتي إلى أن انبلج الصبح عن يوم لم أنعم فيه و لا بعده بصحبة صديقي ذكر اليمام ذي الطوق الأسود . |
|