بسم الله الرحمن الرحيم
عبير الغُربة
أستيقظ باكراً ، كان الحزنُ بادياً على ملامحه. ينظر إلى التاريخ فيزداد ألم قلبه ، لأنه اليوم هو 21-3-2014 الموافق لعيد الأم ، الذي كان يحتفل به سنوياً معها.
لكن و بسبب سفره و غربته قرر أن يكتب لها رسالة علّها تخفف من ألم شوقه لها.
إلى أمي الحبيبة
هي رسالة أكتبها بإحساس المغترب ليس غُربة بسبب المكان أو الزمان ، بل غرُبة بسبب غيابك.
( أمي )
الكلمة التي كنتُ أنطقها ، فيأتيني بعدها السؤال:"مالك في حاجة ؟ "
دائماً تكونين جاهزة لتلبية النداء ، حتى و أنت ِ في أحلك الظروف و اللحظات.
لم تشتكي يوماً لنا ، لم توقظي أحدنا ليلاً وأنت ِ مُتعبة ، لكنك تستيقظين عندما تشعرين
بأن أحداً منا لا يستطيع النوم ، تجلسين ساهرة بجانبه تداوينه بوضع يديك ِ على جبينه
ثم تقرأين عليه الآيات و الأدعية ، لتخففي عليه بلمسة منك ِ ، تماماً كالملائكة تحمليننا بين يديك ِ
من جزيرة الألم لتذهبين بنا إلى عالم الراحة في إهتمامك ِ.
هل تعلمين بأنني أحزن في هذا اليوم من كل عام !!
لأن تاريخ 21-3 يذكرني كم كنتُ مقصراً لأنني لم أستطع أن أحتفل بك ِ خلال 364 يوماً ،
لأحتفل بك ِ في يوم ٍ واحد يسمى بعيد الأم !!
كما أنني احاول جاهداً أن لا أضيع هذا اليوم ، لأنه اليوم الوحيد الذي أسرق فيه قُبلة من جبينك الناصع ، كما قبلة منك ِ على خدي !!
أكون سعيداً كالطفل ، و أصرخ في داخلي :" أمي قبلّتني ، و أخيراً ".
لكنني اليوم و أنا في مكان ٍ آخر لا أدري متى ستكون قُبلتي القادمة ، و لا أدري متى سيصرخ الطفل الذي في داخلي مرة أخرى !!
هل تعلمين بأنني ما زلتُ أستيقظ أملاً أن أجدك خلفي في الصباح ، متجهاً إلى المطبخ لأجد كوب الشاي المليء ببركاتك و رائحة يديك ، و دعواتك التي لا نسمعها لكننا نراها في كل دروب حياتنا ،
فلولا دعواتك لما زلنا على قيد الحياة حتى الآن ،
و لمْا وصلنا إلى هذه المراحل من علم ، أخلاق ، أدب و صحة !!
أنت سبب وجودنا ، تفوقنا ، سعادتنا ، آمالنا ، أحلامنا !
أنت كما في قالت ريمي عن أمها :
أنتِ الأمان .. أنتِ الحنان .. من تحت قدميك لنا الجنان
عندما تضحكين .. تضحك الحياة
تزهر الآمال في طريقنا .. نحس بالأمان
أمي .. أمي .. أمي
نبض قلبي .. نبع الحنان
أحبُ هذه الأغنية كثيراً لأنها تتحدث عنك ِ ، تتحدث عن قصة عطاء طويلة ، و قصة نضال ، وفاء
، حروب ، و دروب كثيرة كنت ِ أنت ِ شمعتها !!
قاومت ِ المرض ، التعب ، و القدر.
قاومت ِ الصعاب ، الأقارب و الفتر.
قاومت ِ السنين ، الظروف و الزمن.
قاومت ِ العواصف ، الإرهاق و أخترتِ الأمّر.
كنت ِ تفتحين جناحيك ِ خوفاً علينا من المطر ، تنتظرين قدومنا لتتأكدي بأننا عدنا سالمين من القدر!
تتحدثين إلينا لتطمئني علينا من الحياة و الشرر.
~.~.~.~~.~.~.~.~.
كل الهدايا و القُبل ، ستكون قليلة أمامك ِ لأنك أكبر من كل العطايا ،
تكفيني عطايا الله بأن أهداني إياك ، فهذه أجمل الهدايا و أعظمها.
و أدعو الله أن يحفظها و يجعلها في القُرب دوماً و معها كل السعادة و الهناء.
( يا رب )
لم أستطع أن أهديك وردة كل عام ، لكن تقبّلي حروفي المتواضعة بعبير الشوق و الحب
من إبنك المشتاق و المُحب .. منتصر
لم يستطع أن يعيد قراءتها ، لكنها كان آملاً أن لا تعتقد بأنه قد نسيها ، فأتصل بها لينال بركاتها عبر الهاتف و قال لها:" رسالتي ستأتيك مع أخي أنظري إلى الباب ستجدينه حاملاً حاسبه المحمول ،
إقرأيها و أدعي لي يا أماه ".
تمت كتابة الرسالة بتاريخ 20 - 3 - 2014
،، منتصر