إن الأمواتَ لا يَسْمَعُون،كمثل المنفيين بِبُعدِ المسافة ـ تمامًا ـ لا يُدركون الكلام،و رغم علمي اليقين أنك لن تقرأ ما سأقول،
إلا أنني سأكتب ما أريد، ربما سَتَـــَـتغير الأقدار،ربما قد تتذكر رحيلي بما يليق و مقام الكلمات فتركن
إلى ذكرياتي المُعـــلقة بزاوية من منفاك،عساك تَقْتَرِنُ بي...بنسمات عطري التي تجتذبها سجائر الخيالات...
،
كلُ يومٍ مضى من ـ حياتِنَا ـ كان على قدرٍ من الحنان معنا...رأيتني فأحببتني،سمعتُك فعشقتك،كان كلُ تَعَقُلٍ يأتينا على غرةٍ
من الجنون يَسكُبُ لنا مقدارًا من الحب البريء،ما مرتْ سنةٌ منذ تعارفنا حتى أصبحنا على شرعِ الدين خطيبين بمقامِ
عصفوري السلام، تَــــرْكني لي بهمومك و تطمح لرفع شفاهي على كلماتكِ الأنيقة،ورغم أنك كنت تكبرني في عمرك
و مقامك إلا أنك كنتَ طفلي المدلل،و رغم عصبيتي الممزوجة بالتغنج إلا أنك كنت تحبُني كل يومٍ أكثر،مضيتُ تشاركني
تفاصيل حياتك و كُل أحداثك،حتى ساعات عملك حتى سهراتك فيه كنتُ أتشاركُها معك صُبحًا بالكلمات،و بكل شيءٍ فيك...
حتى تلك الليلة التي تأخرتَ فيها عني بدافعِ سفرٍ عائلي جعلتني أنزلُ دموع الشوق،ثُم دموع الخوف من الفقدان حين
علمتُ بحادثك،حين علمت بمقتل والدك،حين علمتُ بفتحِ بابٍ لمعاناتك،لآلامك التي خلقتك شخصًا آخر غير الذي
عرفتُ يومًا، مضيتَ تمقتُ الحياة و تمقتُ نفسَك كأنك من كتبت القدر،هربتَ من الواقع لخيالك الأصم
،كنت طيفًا أتمَ فَهم معنى الرحيل و فتح بوابة الجحيم لحياته، و كمثل كفن يضُم جسدًا أصم حضنتك الحياة،
ما تركتني أشاركُك،ما شفع حبي عندك في شيء،غير إبتسامةٍ طافرةٍ ساذجة ترمقني إياها حينما تراني أبكي! ...
انزويتَ إلى بلادٍ غير بلادك،انزويت مع صديقِ عُمركِ،كُنتما ـ لَك ـ كمثل جرح قد وجدَ بلسمًا يبرأ به بعد أن طاله الوجع،
تلك الضحكات التي خلقها هو فيك ، تلك الحياة التي بعثَها لك،ذلك الشوق الذي حررهُ هو فيكَ نحوي،ذلك العشق الذي تشاركه هو معك إتجاهي...
عُدتَ إلي وقد زادتك الأيام وسامةً،عُدتَ تستطعم الحُب في كأنك صغير رُدّ لحضنه أمه بعدَ طول غياب،مكثنَا و الأيام كأنها
ساعاتٌ تمر مرورَ سحابةِ ربيعٍ هادئة،عرّفتني بصديقك، كنتُ أدين له بكلِ نفسٍ أشارِكُكَ فيه الحياة،
مرّت الحكاية كأنها شمس الصباح التي تغري بحلول ربيع المساء،حتى إذا ما حلّ ما كان إلا شتاءًا أصمًا لا يهبنا سِوَى الغيوم،
ثملنا من جُرُعات السعادة،تنَفَسْنــا عبق الأمل ،ثُم في لحظةِ حماقةٍ ـ منهُ ـ أخبركَ صديقُك بحبه لي،لا أدري أي سذاجة تلك التي
جعَلتْك تحاول نسياني،تحاول أن تمحو حياتي بأفكاركِ الغريبة،أنا ما خُنتُك،وربي ما خُنتُك، ما كُنتُ إلا إنسانَا عاشَ حين زمان،
عاش بنبضٍ وهبته أنت له،و في لحظةِ غضبٍ أوقفته...
ربما أن الحياة عندكَ أصبحت تحنُ إلى ماضٍ لم تعرفني فيه و لم تعرف فيه صديقَك ذاك حتــى،ربما هاته التخيلات التي تأتيني
في نومي ضاربةً على حلمي الوردي نحو العدم ما هي إلا حقيقة لم و ـ لن ـ أصدِقُها يومًا،أنتَ لم تتكلم عن هذا أبدًا،بمُكابرتك التي عهدتُك
لم تخبرني ما كان،أنا ما فقهتُ شيئًا...
كنتُما معًا حينمَا تَكلم،حينما أخبرك أن كلامه ذاك عني كان في لحظةِ ضعفٍ لم يدركها هُو،سَكَتَّ قبل أن تمحو إسمي من شفاهك،
خاطبته بي كأني نكرة أنك لا تهتم،أنا له،ما كان الحُب ليُضيّع بين صديقين أبدًا...لكنكَ يا سيدي نَسَيْتَ أنه يُضّيع روحين...
أتذّكر أحجية هَمَسْتَ بها ذات يومٍ في أذني: " أيعقل أن نفترق بيدِ البشر؟" و في حضنِ الحُب قبّلت وجنتي،
و في جّدٍ أجبت : " لا يَد تعلو يد القدر،قدري معكِ أميرتي "...
وجنتي!!..قد سمعت على فاه جدتي بكَذِب الأحجيات،أن كثير منها يأتي نتيجة للصدف التي تجلبها الأفكار،
و بعضُها يكون من العدم و يسير ـ نَحْوَ ـ العدم أيضًا،أحجيتُك اليومَ كمثلِ سرابٍ تراه ولا تصِلُه، مُجَرَد ~~ نَفحَةِ حبٍ عابرة ~~...
صدِيقك ما أحبني يومًا ولكنه أحبَك أقل مما أفعل،هربتَ من القدر بِقراركِ الغبي ذاك،وَعدتَ أنك ستنساني لكنك ما فعلت،
لا أزال أسمع صوت أنفاسك حينَ تَسقُط اللقاءات صُدفَةً،حينَ تلتقي الذكريات عنوةً،حينَ تتشابكُ القلوب عشقًا يَصِلُ الأحلام...
أنتَ الآن بعيدٌ حدّ النجوم،لا أكاد أسمع نفسي وسط ضوضاء ضحكاتك المشتعلة حُبًا ،أنتَ الآن
لن تقرأ كلماتي و لن تمسَح آلامي،أنت الآن طيفٌ مرتحِلٌ يمُرُ على ذكرى الحياة،يستنشق من الطرقات ثُم يخمدُ
إلى روحي حين يحِلُ مساء الذكريات...تلك الأحجية جعلتني أومن بالقدر أكثر،أومن بالخُرافات و الحكايات،أومن بأن الحُب
همسةُ ذكرى تقبع في حنين الكلمات،تمسحُ على جبين الأمنيات حين عذابٍ مشتعل،
حين موتِ الحياة...حين قبلةِ الودآع...
،،
كِتـــمانُكَ الموجِعُ سَلَــكَ كُلَ أملٍ يَهِبُ الأنثــى الحيآة،
مَــا أصعـــبَ الحُلم الكاذب!