الدكتور ميم *********_********* بقلمي
ط¢ط®ط±
ط§ظ„طµظپط­ط©
علي بو
  • ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 908
    ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 572
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
علي بو
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 908
ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 572
ظ…ط¹ط¯ظ„ ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ ظٹظˆظ…ظٹط§: 0.1
ط§ظ„ط£ظٹط§ظ… ظ…ظ†ط° ط§ظ„ط¥ظ†ط¶ظ…ط§ظ…: 6334
  • 03:48 - 2014/02/20

 

 

 

 

الدكتور ميم

 



طفل، شاب، ثم كهل... الشباب، الشباب هو كل ما يهمنا، ففيه يتم المرء تشكيل تمثاله الذي سيبقى عليه إلى الأبد.. لم يكن الدكتور ميم ممن يحلمون بالهندسة فيمتهنون المحاماة أو الحلاقة، بل كان من المؤمنين بأن خير الأمور تسطير هدف و بذل الغالي و النفيس لتحقيقه...


لم تكن مهنة الطبيب كما كانت عليه في خيالاته الصبيانية المقتبسة من أفلام السينما: تسرع إليه ممرضة لاهثة تخبره بضرورة التحاقه بغرفة العمليات لإجراء تدخل دقيق مستعجل؛ غرف المستشفى ملأى عن آخرها بمرضى الطاعون و أنينهم الذي يلف المكان، ينتقل هو تارة من سرير إلى آخر يدون ملاحظاته، يحفز المرضى، يطمئنهم و يعطي تعليماته للممرضين، و تارة أخرى يجلس على مكتبه منهمكاً في كتابة برقية يطلب فيها مزيداً من الأغطية و الدواء...


هل حسناً فعل باختياره لهذه المهنة ؟ هذا هو السؤال الذي كان يطغى على ذهنه كلما خلى إلى نفسه متذكرا الواقع المرير: يمضي يومه جالسا على مكتب أغبر مهترئ تناثرت فوقه الأقلام و الأوراق؛ يفحص مرضى الحمى و الزكام و يصف الدواء، ثم يعود بعد ذلك إلى بيته المظلم ليلتهم رقائق البطاطس و عصير الليمون.. ممرضته البدينة تقتاد المريض إلى حجرة الفحص في خطوات متثاقلة و قسمات وجه توحي أنها قد ماتت منذ دهر فبقي الجسد يؤدي الواجب المطلوب في حين تنتظر الروح الإذن بالرحيل..

لم يعد الطبيب في حاجة إلى خدمات الممرضة، أصبح المريض يعرف الطريق جيدا إلى حجرته، أين يجلس، أين يستلقي، متى يملئ رئته بالهواء و متى يفرغها، متى يفتح عينيه و متى يخرج لسانه، يحفظ عن ظهر قلب جرعات الدواء ووقت إستعماله... غدى المريض طبيب نفسه و أصبحت زياراته لمكتب الدكتور ميم من باب الإنسانية و الشفقة على هذى المخلوق التعيس..

أكان على الدكتور ميم الكهل النحيل الطويل الأصلع بعينيه السوداوين و شاربه الخفيف الذي نسي أصول الطب و احتفظ منها فقط بالقليل، أن يتمنى وقوع كارثة كي يستعيد مكانته و تدب الحياة في عروقه من جديد ؟


أيقظه رنين الهاتف من سباته، تشير الساعة إلى ما بعد منتصف الليل، صوت لاهث يطلب حضوره عاجلا؛ دخل المشفى مذهولا منبهرا بذلك الكم الهائل من المرضى الذين لا يعلمون أين و متى سيُحقَنون بالدواء، و خطوات الممرضة البدينة السريعة الرشيقة التي تنتقل في نشاط و عبوس من مريض لآخر.. أخرج كتبه القديمة، نفض عنها الغبار و طفق يدرس محاولا استرجاع ما ضاع منه من فنون الطب التي أصبح في أمس الحاجة إليها أكثر من أي وقت آخر..

بعد أيام من العمل و الكد في سبيل راحة المرضى، أصيب بالمرض، سرى الخدر في أطرافه بعد نشاطها، انطفأ بريق عينيه ثانية بعد لمعان لم يدم طويلا. عُوِّضَ بطبيب آخر و طُلِب منه البقاء في غرفة الحجر الصحي تحت العناية لكنه فضل بيته في انتظار الفرج بعد تلقيه آخر الأخبار بخصوص عدم فعالية اللقاح الذي أُبتُكِر على وجه السرعة و أن الأبحاث جارية على قدم و ساق..


تأمل المدينة من شرفته، صمت رهيب يعكس حجم الكارثة التي حلت بالعالم.. قد نسي فعلا أصول الطب و فنونه لكنه يعلم تمام اليقين أنه سيموت وحيداً محاطاً برقائق البطاطس الوفيّة المتناثرة من حوله في كل مكان...



 الدكتور ميم *********_********* بقلمي
ط¨ط¯ط§ظٹط©
ط§ظ„طµظپط­ط©