الرسالة التاسعة بعد المائة
بالساعات و الدقائق احسب فترة غيابك..و كالمجانين احدث صورك و احكي لك عن كل جديد في رسائلي..هاهو الصيف يمضي بسرعة و الناس يغادرون الشواطئ و العطلات و الراحة المؤقتة ليبدؤوا من جديد سنة عمل أخرى..
و جاء أيلول يحمل لي كل أحزان العالم و انزويت في غرفتي كقطة مشردة في شارع بائس..غدا ألتقي الرفاق و سيسألونني عنك فماذا أقول..كان أيلول موعد لم الشمل السعيد و كان الجميع ينتظر أن أقدمك إليهم ووعدتني بالحضور هذه السنة هم سمعوا عنك و لم يروك بحكم انك تسكن بعيدا عن مدينتي مشغولا طول الوقت بضمان لقمة العيش الكريم لأم أحبها و أخت احن إليها و أخ يأتيني صوته من أعماق الذاكرة "أختي سلمى نشتاق لك" ..أنا أيضا أشتاق لكم جميعا ..و لكني لا أجرؤ على رؤيتكم...حتى مدينتك أصبحت أتجنبها و العن هواءها و ازدحامها أنا التي كنت معجبة بها و بزرقة بحر يعانقها في جذل و بلطف أهلها مقارنة بمدن أخرى ...
أتراك نسيتني..يرعبني السؤال فكيف ب "الجواب"..
مشكلتي أنني أحببتك حبا تجاوزني و سكن الجميع فأصيب الرفاق بعدوى الحديث عنك و انتظارك بلهفة..فبأي لغة أشرح لهم أننا افترقنا و أنني تهشمت كزجاجة مرآة إلى آلاف القطع و انتهيت...من أين أستمد القوة لاقف بينهم و أنت لست معي؟
حبيبي الذي أعدمني في لحظة شجاعة "عنترية" خوفا علي من مصير مجهول معه.. لو تعلم كم هي موحشة جزر الهجر..لو تدري كيف يهاجمني الأرق و كيف ذبلت و صارت "الزهرة شجرة"...لو تدري أن الموت معك بردا و جوعا كان أرحم من موتي هنا في غرفة مكيفة و أمام مائدة شهية..لو تركت لي الفرصة لأقنعك أنني ولدت بسيطة و فقيرة و ما يملكه والدي لا يعنيني و أنني موافقة على البدء معك من الصفر بل تحت الصفر و سنبني عشنا قشة قشة..ليتك فهمت أنني أن أحببت لندن فأحب أكثر أن تكون رفيق رحلتي و إن أحببت كأي أنثى هدية من حبيبي تبقى أنت هديتي الأغلى و الأروع..كيف اتهمتني بالرومانسية المجنونة و بان عقلي في سبات..أنا أحببتك بقلبي و عقلي و حواسي كلها..و كل ذرة في جسدي تمنت الالتحام بك و كل فكرة في عقلي أرادت أن تعانق أفكارك..أنا لست مزاجية في الحب..قد أكون مزاجية في أي شيء آخر لكن أمام الحب إما أن أكون أو لا أكون..إما أن احبك حد الموت أو لا احبك أبدا..و أنت رجل "نسبي" في كل شيء..
صدقني حاولت نسيانك بكل ما أوتيت من قوة و من صبر لكنني فشلت..أقول حاولت "نسيانك" و ليس التوقف عن حبك فكلانا يعلم أن ذلك مستحيل..