بســـم الله الرحمــن الرحيم،
السلام عليكم ورحمة الله،،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلاة الأوهام.
لكل من يعشق الهوآمش،
لمن إختار السفر بين لحظات المغفرة...بعد أن جرفته تيارات الخطيئة،
لمـــن يطمَحُ أن يمسحَ جبينه من آثار سجود الحب الوآهم،
بعــد أن أيــقن أن فلسفـــات العشق مجرد ~~ أوهآم~~،
تغطيــــــها آمالنـــــا الزائفـــــة،
إلى أن... يغتـــالنا "الـــــــواقع" على حين غرة منــــآ~~
،،،
تمامًا،كالهائم وسط الأوهام،نزلت إلى الدور السفلي...وجدته هناك يحمل إبتسامته على فاهه،وترسم يديه رجفة محب مضطرب،قد قارب حلمه حتى صار فيه...كنت ألبس له الأبيض كما تمنيت ذات يوم أن أفعل هذا لك،و تماما كمثل لون قلبه الصافي!!!
بينما ارتدى هو لي الأسود،تماما كمثل "لون قلبي"!
تعارجت الأيام بعدها شوطا من الزمان،كان كطفل بريئ يتمسك ببطانيته إذا ما حلّت عليه أوهامه الخيالية السوداء،لم أكن أبالي بمشاعره إتجاهي،لم أكن أعي واقعي،ولا حتى من أكون،فكيف يمكن أن أعرفه هو وقد كان "لاشيء"بالنسبة لي،ولم يزد يوما على أن يكون "صفة" كتبوها لنا على دفتر واحد،أنه زوجي، فهل يمكن للورق أن يعرف أكثر مما تعرفه عنه "أنفاسي الملطخة بالتضحية"؟
كمثل أي زوج لم ينجب بعد،قصدنا المشفى علّني أجد كفنا يواريني هناك،وعله يجد سببا مقنعا لتساؤلاته "الغبية تلك"،كالمنهار وقف أمامي،تستقطبه جيوش الثرى بعد أن أخبره الطبيب أنني عاقر،سارع لإحتضاني عساه يعزيني،و كأنه يعلن خوفه من فقداني،و يلصق علي بحُضنه الخانقِ رغبتُه الجامحة في بقائي معه،ألحفني بيديه و صدره بينما أسدلت أنا جسمي كأني أطالبة بالرحيل بعيدًا عني،لم يؤثر في الخبرُ مقدار ذرة،فقد كنت أعلم حين أنجبتك أنني لن أستطيع الولادة بعدك،أنك حين خرجت مني،أخرجت معك حياتي،
فهل "يلد الأموات"؟؟
كنا طوال الطريق ننصت للدموع،دموع الحزن تملأ عينيه،بينما تغتال أواصلي دموع الصمت،تماما كمثل اليوم الذيأعلنت له فيه أنني سأتزوجه...بقي يضغط على يدي و يصب عليا عبارات الإيمان بالقدر،يمارس تراتيله على أذني الصماء،بينما أزيد أنا من لعاناتي على الحياة...أليس ذلك نفس كلامك معي حين قتلتني؟حين إِغتلْتَ أطياف ورودي في مزرعتنا التي كونتها لي و بعد ان إنبثقت أول براعم السعادة فيها؟سَكَنْتُ إلى زاوية النافذة،أواجه زجاجا أسوداً كي لا أراه بجنبي،وكل ما وددت فعله حينها أن أجعله يخرص ولو لدقيقة بل لثانية من نواحه الذي أقلق سكينتي.
نهضت في صباحي على وقع قبلة منه على جبيني،تصانعت الفرح،و هو يسكب لي كأسا من العصير،ثم يقدِّمها لي ويطلب مني أن أفتح فاهي كمثل الطفل الصغير،حملقت فيه كثيرا بغرابة أحسَ حينها كأني مجروحة فراح يحتضنني بينما كان لسان حالي يشفق عليه و على تصرفاته معي،لم أكن حينها أعي أن الحب قد يفعل كل هاته الأشياء،بل ظننتها سذاجة منه، فرحت أبتسم ابتسامة حزينة مشفقة عليه،
تماما كحين يشفق الغني على نواح فقير مُعدم فلا يكون منه إلا أن يبسم له!!!
خرجت بعيدًا عن "منزله" لأكلم قليلاً البحر ،و لأمارس ما تبقى لي من طقوسي العشقية معك،و كلقاء جمعنا ذات يومٍ رحت أعيد التمثيلية ،أتخيلك هناك واقف و عيونك ـ رغم صغرها ـ تبصرني بكلي،تعجبت لجبروتك حين طلبتُ منك الرحيل خوفا من أقع فريسة حبك،فسحبتني من يدي و بقيتَ تتأمل وجهي،كنت أشعر حينها بأن أواصلي قد أجتثت،نسيت حينها النطق،و ما عاد صدري يتنفس،ابتسمتَ في وجهي و أصدرت زفرة العاشق حين يعلم أن السماء قد باركت له ...النهاية،قبل أن تمنحه فصولا لحبه!!
جلستُ على صخرة دونتَ عليها في ذلك اليوم إسمينا ورسمت قلبا بجانبه...أتراه كان قلبي؟لم أستطع الإجابة بل كفكفت ذاكرتي المنصبة،ورحت أنزلها قطرات قطرات،أنظر إلى ذات البقيعة التي إقتلعت منها بذور حياتي،لم أكن لأحاسبك على هذا خشية إغضابك،فلم تكن تقاسيم وجهك للتحمل هذا،عكسي أنا التي كونتها قالبا مناسبا لسكب الدموع،كنتُ أعطيك كل ما أملك و أدرسك كل فنون الحب،حتى كادت طليعتي تجف،لأراك ذات يوم تعلمها لفتاة أخرى و أنت تتصنع الإبتسام،لم أفكر حينها إلا في كلام قلته ذات غفلة مني أن أهلك يريدون لك زوجة ليست أنا ولن تكون يومًا ب"أنا"،هناك جفة صحيفة حياتي و إنتفضت روحي في السماء تُحلق بعيدًا كأنها لا تعرف أن لها جسدًا في الأرض،رفرَتْ مع آهات أطلقتُها صرَاخًا حين إبتسمت لك في آخر لقاء لنا،
لأعلن لك أنني كأي أنثى قد غَدَرتُ بك،لم تصدق حينها،قلت :"إذا أنت لستِ بأنثى"!!ألم تعلم يا سيدي أنني في تلك الدقيقة كُنتُها،و أن وفاؤها أزلي في الكون آبد،قد تزول السموات و لا يزول هو؟؟
عدت إلى "بيته" فنهض مسرعا إلي وقد أخذته الحيرة،يسألني أين كنت،لم أستطع رؤيته أمامي بل كانت همسات الرحيل تناديني،ذهبت إلى غرفتي كي ألملم بعض أشتاتي،مع ذكرياتك الغريبة،لم أستطع البكاء،بل بقية باردة جامدة لا أبالي بذلك الصوت الخائف الحائر الذي أتاني من الباب يسألني إن كنت بخير،لأرد عليه أنني أمامه فلماذا يسألني؟كنت أنوي أن أصرخ فيه على سؤاله الساذج،ولكن الصداع الذي زارني فجأة غيرّ رأيي ذاك...
لم أفكر فيه مُطلقًا،لأنه لم يكن موجودا ـ يومًا ـ في قاموسي المُكتظ بك،ملتُ برأسي على وسادتي و بقيت أقرأ رسالتك التي وصلتني صبيحة هذا اليوم،أنك تريدُ لقائي،لم تسألني إن أردت هذا بل أعطيتني عنوان المكان،كأنك تعلم أن أركاني التي كانت تجيبك لا تزال على عهدها القديم...
كغير العادة أصبحت أدرك الجمال في صبيحة يوم لقائنا،أصبحت أسمع صوت أقدام الريح وهي آتية تأخذني إليك بحنان بارد، "كما عهدتُك ،تلبسين دومًا الأسود لي "،رفعت ببصري لأتصفحك،عجبًا لم تتغير!ابتسمت لك،ثم رجت تجيب أركان الكلام...كنت مبحرة في عالم من الهذيان،لم أسمع ما كنت تقول بل كنت أحرك رأسي مجاراة لك فقط،فقد تملكني شعور غريب،لم يكن شعور الحب الذي طالما دغدغني بل كنت أشعر بالحزن يطفو علي،يسيطر على حواسي و يشتتها تماما،
انتهى اللقاء و أتى المساء،و نحن لم نفترق بعد،كانت أغنيات المطر خارجًا تتكالب حينا بعد حين،وسمفونياته الرائعة تعزف على أوتاري،انحنيت لتقبلني على خدي وأنت تهمس لي مكان لقائنا،هبت عاصفة هوجاء داخلي لتعبث بتلك المشاعر المكتظة من جديد،كان شعور الخيانة يُبَطنُ أنفاسي،ولكني أجبت بعد أن بقيت ننظر إلى المطر قليلًا"...لم يعد المطر جميلاً أليس كذلك؟ طالما رأيت فيه لوحة سحرية و أنت فيه فلماذا لا أراه كذلك الآن؟أليس غريبًا أن تعود الأشياء إلى طبيعتها تماما كالماضي،ولكن أن يتبدل الشعور في داخلنا؟كنت في غيابك كالغريق وسط بحار نكران الذات،أبني أصنام قنوطي بذكرياتك،و أتعبد في محرابنا حُبَكَ،كم كانت رغبتي تسابق أحزاني في لقائك،ولكني الآن قد أطفأت براكين إشتعالي،تماما كما فورتها "بك"،ربما لأنك حين خلقتني بين يديك و أقفلت على حبنا أنه أبدي خالد،لم ترد أن تغتاله هو و قررت أن تقدمني قربانا له عساه يقبل التضحية
ولكني الآن ما عدت أتذكر ذلك الحب،وتلك المشاعر العنيفة التي جمعتنا يومًا،قد غسلتُها اليوم بقطرات المطر هاته تماما كما غسلت أنت مشاعرك لي حين هطولها الأخير،
"لن آتي،أجل لن آتي،"
كنت ومع كل وقع لصوت حذائي "المُغادر" أجرد نفسي من حبك "الواهم"،أتمرد على مشاعري،و أنفض من حولي بقاياك بملئ إرادتي،بيدي،بل بقلبي الذي غسلت سمومه زخات المطر،
دخلت لمنزلنا فوجدته نائما على الأريكة و قد أخذه التعب من انتظاري،نظرت إليه قليلًا،ثم أبعدت بصري عنه،كنت أريد أن أنزوي بخطيتي لوحدي،أن أطهّر نفسي بعيدًا عن نقائه،ثم أستدرت له و همست في أذنه:"و أخيـــرًا وجدت فيك قلبـــي الضائع أيها الزوج الحبيب".