حي من أحياء الحي المحمدي تتوسطه عمارتين عتيقتين واحدة من خمس طوابق والأخرى من ثلاتة،  تفصلهما مساحة محاطة بأشجار عاصر غرسها مسنون الدرب، مساحة من أمتار مربعة الشكل لطالما  ركضنا ولهونا في كل أركانها ونحن صبية . يتناوب على ملأها كل شرائح الحي صباحا المتقاعدون ومسنون الحي بالكارطا أوالضاما وأحيانا كثيرة  مجرد الاستمتاع بشمس الصباح وتبادل ذكريات وأساطير الله وحده كان يعلم مدى صحتها، بعد الظهيرة  تسوتل الأمهات على أغلب جنباتها مرات بالجلوس على الكراسي ومرات عديدة بخرق قانون ممنوع الجلوس على العشب مستسلمات لتعب البيت وتحضيرات الصباح، ومع حلول الظلام تسكن الحديقة  وتهدأ  بعد كل يوم ملييء بالزوار. كان يوم الأحد مختلفا تماما عن باقي الأيام فما ان كنا نجد فيه الحديقة  فارغة ومستقلة من مستعمريها حتى  ننقض عليها ببالون متواضع لنكسر هدوئها ونجبر المارين على الوقوف ومشاهدتنا ونحن نلعب فتتحول الحديقة الى ملعب حقيقي. فرضنا وأخدنا حقنا وارثنا  المشروع حتى صرنا ننضم دوريات ونلعب مباريات وبحضور وموافقة كل  أفراد الحي وبدون اعتراض.وما أن يقترب شهر رمضان وفي أواخر شهرشعبان حتى نتأهب لتنظيم دوري رمضان الذي اعتدنا على اجراءه  مند سنين،وما أن يحل الشهر العظيم حتى نقص شريط الدوري بمباريات جدولت بكل احترافية من طرف لجنة اختيرت  بموافقة أغلبنا.  كل فرق الأحياء المجاورة كانت تشارك في هدا الدوري الذي يلعب طيلة الشهر المبارك وتتنافس بكل روح رياضية  اللهم بعض الاحتكاكات الطبيعية في مباريات الكرة،ومع التقدم الى الأدوار النهائية ورغم حرارة الجو والصيام كان عدد الجماهير يرتفع والتشجيعات تتعالى من أنصارالفرق المتبارية ،أتذكر جيدا  أن تلك السنة عرفت استثناءا خاصا ففي المبارة النهائية وقف في ركن الملعب ثلاتة أشخاص بعيدين شيئاما عن الجماهير وماهي الا دقائق مرت حتى انتشر الخبر في كل الحي وهو أن العربي  الزاولي   شخصيا حضر ليتتبع المبارة سارع الكل لاحضار كراسي وكان من الممكن تقديم ضيافة له لولا الصيام . كان لحضور المرحوم العربي الزاولي معنى واحد الا وهو المستوى الجيد للفرق المشاركة و المستوى العالي للتنظيم ومجيءه كان من باب معاينة بعض اللاعبين الجيدين، حضوره أشعل المبارة ورفع من ايقاعها ومستواها وكان الكل يركض وفي مخيلته حلم اللعب للطاس،انتهى الدوري بفائزين ومنهزمين وحتى بمعطوبين،انتهى بحسرة في القلب على فراق أصدقاءنا وحزن و شوق حارق سوف يطول لسنة بكاملها. وأخيرا : وقفت اليوم أنظرالى حال الحي والحديقة  الذي لا يسر عدوا ولا حبيبا بالنهار مراهقين و مراهقات يملؤون  كل كراسي الحديقة ودخان سجائرهم المخلوطة بالحشيش  تتعالى في السماء حتى اصفرت أوراق الأشجار منه، وتنشط جلسة القاصرون والقاصرات بموسيقى من الموبيلات وبرقص أمام الملأ، قمة  الانحراف بشى ألأوان ومناظر لاتوصف في عز النهار وأمام العموم. وحينما يسقط الظلام تفتح الحديقة أبوابها لكل المتسكعين والمجرمين ولن يستطيع أحد المرور من بينهم لأنه يعرف مصيره المحتوم،وتتعالى أنكر الأصوات بغناء أو صراخ  يسرق النوم من جفون الساكنة . وتتحول الحديقة الى وكر لكل من لا وكر له يختلط فيها الجنسين فيفرغان  كل النزوات والغرائز بكل حرية ودون أي حياء. ياسبحان الله أهدا هو المكان الذي نقش في ذاكرتنا وأرخ طفولتنا ؟؟وهل هاته هي الساحة التي كانت تشهد دوريات ومباريات بين فرق الأحياء؟؟وهل هاته هي الحديقة التي كانت فضاءا شريفا لكل ساكنة الحي أطفالا نساءا وكهولا؟؟؟ غابت دوريات رمضان وغابت حتى دوريات الشرطة فرقصت الشياطين حتى الصباح.... دمتم في رعاية الله وحفظه لكم مني أغلى وأصدق التحايا أعضاء ومشرفين.