كيمياء جسد...؟؟
لم تكن "سناء" جميلة جدا و لا قبيحة،كانت متوسطة الجمال ، عادية، خجولة جدا ، لا تستطيع تركيب جملتين مفيدتين أو صحيحتين
مع الجنس الآخر، تتلعثم و تضطرب و تتناثر الحروف من فمها تناثرا بدون أي معنى مفهوم كلما كلّمت رجلا.
لم تكن من الفتيات اللواتي يُتقنّ اصطياد الرجال و لا جذبهم ،فهي عفوية في كلامها ، لا تتكلف و لا تصطنع تصرفاتها.
كثيرة هي الخيبات التي عاشتها،فقررت بعد كل معاناتها أن تتوقف عن غبائها و أن لا تحب و تعشق و تتعذب من طرف واحد دون أن يبادلها محبوبها الإعجاب و لا الانتباه حتى...
في عامها الدراسي الأخير كانت أكثر تفاؤلا و حبا للحياة، أغلقت الباب على قلبها،لم تسمح له بحب هذا أو الإعجاب بذاك
اقتنعت أخيرا أن رجلها سيأتي في اليوم المقدر له......
كان مطلوبا منها - في الدراسة - القيام ببحث طويل حول موضوع ما،بدأت تحضر و تبحث و تقوم بدراسات ميدانية،
وصدفة دخلت تلك المكتبة تطلب المعاونة، وجدت كهلا في الخمسينات ،لم ترتح لتلك النظرة الحذرة في عينيه لكن لم يكن لديها حلا آخر،
وافق على طلبها فهو من الأعمال التي تقوم بها مكتبته، وبينما هي توضح له ما تريده،دخل فتى ظريف ،ناداه ذلك الكهل باسم "حمزة"،
وأشار إليه قائلا لسناء:
- هذا من سيقوم بعمل ما تريدين ، أفهميه مرادك و ما تبحثين عنه
- أريد كذا و كذا، المهم أن يكون عملا متقنا و غدا إن شاء الله سأعود لأخذه.
- بإذن الله ، غدا سيكون حاضرا
خرجت "سناء" دون أن تنتبه لملامح "حمزة" ففي تلك اللحظة كل ما كان يشغلها بحثها و فقط.
في الصباح الباكر توجهت كنحلة نشيطة لتلك المكتبة وجدت الرجل ،طلبت منه بحثها ، أحضره لها ،
فغرت فاها فقد كانت بواجهته أخطاء غبية جدا
- ما هذ؟؟ا ....صاحت فزعة
- ماذا هناك يا ابنتي،خيرا .....رد الرجل
- كيف حصل هذا الخطأ، أنا لم أطلب هذا، من المسؤول عما حصل؟
- تعال يا "حمزة" وضّح لها...
- اقترب "حمزة" و دنا منها قائلا بصوت هادئ واثق:
- أنت طلبت هذا، ربما لم أنتبه، آسف....لكن لا تخافي سأعدل الأمر في دقائق...
لم تكن تعي مايقول و لا ماذا سيحدث لبحثها ،كل ما كانت تحس به كيمياء غريبة و مغناطيس مُنوم،
رغبات و أحلام استثنائية لا تُقاوم تصدر من "حمزة" ،لقد بدا لها كل شيئ صغيرا و ضئيلا بجانب "حمزة" ...
ابتعدت عنه قليلا فربما سيزول تأثير ذلك السحر..
كبتت ما اجتاحها في تلك اللحظة دون أن تخبر صديقتها شيئا ، وماذا تخبرها فهي نفسها لم تفهم ما حصل لها ..؟؟
هل ما شعرت به سببه "حمزة" بالذات أم سببه أنه لم يقترب منها شخص هكذا أبدا...؟؟
لم يكن "حمزة" وسيما جدا و لا أنيقا و لا ذكيا أبدا، إذ يبدو عليه غباء شديد،لكن قلبها هبّ له،
ليس حبا بل انجذابا غريبا لم تفهمه تلك المسكينة، و لم تفهم سره ولا مصدره،ربما لباقة "حمزة" هي السبب....
قطع كل تلك الخيالات في بالها ،صوته الرخيم الآسر:
- تفضلي أمانتك،كل شيء تمام..
- شكرا لك ....
وقع بصرها على ذلك الخاتم في تلك الأصبع من يده اليسرى ،فخُنقت كل آمالها، خرجت و هي باهتة دون أن تقول شيئا أو تُلمح لشيء،
تكبت ألما و حرقة في قلبها، رغبة و أمنية أخرى موءودة لأنها الأنثى في هذه الحكاية ، أنثى مازالت تحمل حياء فطريا و حشمة في زمن
تزداد فيه أوراق الحياء و الخجل تساقطا مع خريف كل عام....