لا يختلف اثنان على مساهمة الإعلام الرياضي في ما تعيش الرياضة الوطنية من نكسات, و على أن أغلب ما تقدم هذه الوسائل من برامج ليس له علاقة بالمهنية و لا بالواقع لا من قريب و لا من بعيد, و الغريب أن العاملين في هذه البرامج يعتقدون أنفسهم أنهم الأفضل و لهم تأثير على الشارع الرياضي, رغم أنهم فقدوا لمصداقية منذ أول ظهور إعلامي لهم, و بقاءهم في مهامهم لم يكون يوما ثمرة جودة أعمالهم بقدر ما كان نتيجة سباحتهم مع التيار و عدم انتقادهم للفساد و الفاسدين...
أصبح الإعلام الرياضي وسيلة لا لإيصال الحقيقة بل إلى سلاح في أيدي الفاسدين, و من أهدافه إخفاء الحقائق لدرجة نرى إن جميع الجماهير الوطنية على اختلاف انتماءاتها ترى فيه متجاهلا لقضايا بل هناك أيضا من يرى فيه مستهدفا لمصالحه, كيف لا و هذه البرامج و أخبار تعتمد على توجه و خط تحريري هدفه الأساسي تخدير الجماهير و شغله في معارك ثانوية تلهيه على السعي وراء الحقيقة و طلب تغييرها...
الغريب هو اعتماد هذه الوسائل الإعلامية في برامجها على أشخاص عديم الكفاءة و التكوين لإعداد و تقديم هذه البرامج بل و يستضيفون ضيوف في ثوب الخبراء و المحللين أغلبهم لاعبين سابقين انقطعت عنهم أخبار الكرة منذ اعتزالهم أو مدربين يحاولون البحث عن فرص تدريب جديدة, و من أجل هدفهم هذا هو مستعدون لإسماع رؤساء الفرق و المتدخلين في القطاع الرياضي ما يودون سماعه حتى و لو كان الأمر يصل لحد الاستخفاف بالجماهير الرياضية و تحملهم لها مسؤولية آي فشل, فالأهم هو تجسيد المسؤول الرياضي في شخص المصلح و الغيور على الكرة الوطنية أو على فريقه...
أعلم بأن ما جاء في موضوعي ليس بالجديد, و أن هناك مواضيع سبق لها و تطرقت و انتقدت الإعلام الرياضي و برامجه السخيفة, لكن و مع بزوغ أي قضية تثير الشارع الرياضي تتجدد عثرات هذا الإعلام و سقطاته, و مع كل كبوة إعلامية نتسأل ... ألا يخجلون من أنفسهم ؟ أبظنوننا سذجا أو ربما أغبياء لنسقط في فخاخهم الإعلامية ؟
لا ننكر إنه بين الحين و الأخر يظهر بعض الإعلاميين ذوي الضمائر الحية, لكن أغلبهم إما تم تهميشه و إبعاده عن الأضواء و اعتزل قصرا مهنة الصحافة, فهذه الأخيرة تحولت من مهمة البحث عن الحقيقة و المتاعب إلى مهنة البحث عن الشهرة و المال, و الشرفاء لا مكان لهم في معادلتها, فأصبحت هذه المهنة وكرا للمسترزقة و الساعين لتحقيق مصالحهم الضيقة...
الصحافة و الإعلام هي رسالة و ليست تجارة و لا شعارات تتغير و تتبدل بتغير الأذواق و المصالحة, هي رسالة عقل مفكر مدبر له هدف و غاية, هي رسالة تخاطب العقول و الرأي العام المسؤول, هي رسالة تنقل الحقيقة دون تحيز شخصي, هي رسالة تحترم الحقائق و ترتبط بقانون أخلاقي و تلتزم بتقديم توجيهات و نقد و تقويم و ربط الحاكم بالمحكوم معا بالمصلحة الكبرى و التي هي مصلحة الوطن العليا...