ناولني جدي الميت منذ أمد بعيد كيسا من البذور الفاسدة، نتن الرائحة..
- خذ يا حفيدي السادس، هذه بذور فاسدة، ازرعها في أفضل وأطيب وأخصب أرض تملكها عائلتنا..
شعرت بالرعب ويدي تمتد دون إرادتي لتمسك الكيس..
وأنا أحاول أن أمنعها عساي أستفيق من حلم مزعج
أبصرت جدتي قائمة بجانب جدي كأنما وجدت من العدم، وبدورها ناولتني
وعاء طيب اللون والرائحةيحوي بذورا يُظهر لونها الجميل خصوبتها وطيبتها..
- خذ يا حفيدي السادس، هذه بذور صالحة من أنقى سلالات البذور، ازرعها في أرض فلاة مقفرة..
أحسست بقلبي وهو يتخذ من قفصي الصدري طبلا له، تسارعت أنفاسي وأردت أن
أهرب منهماخاصة وقد بدآ بالوصايا:
- اعتني جيدا بالأرض والبذور، ابذل جهدك، حاول أن يكون الخراج مضاعفا، وإلا ستلحق بك اللعنة..
تلبدت السماء بسحب سوداء وتلاشى جدي وجدتي كأنهما كانا مجرد طيفين ولم يبق إلا صدى اللعنة
يتدردد في الأرجاء يطرق آذاني ويشعرني بالخوف...
تنهدت ثم قلت:
- تبا لك يا جدي، حتى وأنت ميت لا زلت تتعامل بالحيلة، يمكن للأرض البور المقفرة أن تصلح وتنتج
لكن بذورك الفاسدة لن تنتج ولو زرعتها في...
- ربيع.. ربيع.. حبيبي ربيع.. أفق..
- ماذا هناك، أين جدي وجدتي؟؟؟
وقمت أحاول أن أرفع أجفاني المطبقة على عيني بإحكام..
- لقد كان مجرد حلم يا زوجي العزيز.
نظرت إلى وجه زوجتي الباسم الذي لم يتأثر بريقه وجماله بالنوم، ابتسمت ثم رسمت على ثغرها
قبلة خفيفة سريعة وقلت:
- كم أنت جميلة يا زوجتي كريستينا..