¤¤ المرأة المغربية وكرة القدم ¤¤
حرب جهاز التحكم "الريموت كنترول" تبدأ مع أي مقابلة على الشاشة الصغيرة، وصراع الازواج يحتدم مع كل مباراة كرة قدم على من يأخذ التلفاز، وكم من مرة ينتهي الصراع بتخاصم الزوجين والسبب هو كرة القدم. انها الساحرة المستديرة وما تفعله داخل عش الزوجية، فليس من السهل أن تجد زوجين على توافق خطي بحيث يتشاركان الهوايات ويحبان معا الرياضة الاكثر شعبية في العالم، من الصعب أن تجد زوجين يشتركان شاشة التلفاز ويتابعان مباراة كرة قدم ويشجعان فريقا واحدا ومع أي هجمة أو لقطة هدف يصيحان ويتفاعلان، لقطة نادرة بل يمكن أن نقول انها مستحيلة، ولن تجدها في البيوت المغربية إلا في مباراة للمنتخب الوطني المغربي يكون طرفا في نهائي أحد النهائيات الافريقية او العالمية والذي يمكن ان اعتبره من المُحال.
هاته الحالة تلخص عدم اهتمام المرأة العربية عامة والمرأة المغربية خاصة بمجال كرة القدم، والكثير من النساء يقولون أن لعبة كرة القدم لعبة الاغبياء، لعبة عنيفة قائمة على الضرب والعن، والتي تتنافى مع سمات الرقة والانوثة التي تحيط بالمرأة، وكم من مرأة تمنت لو تكون كرة في بعض الاحيان حتى تلقى جزء من الاهتمام الذي يعطيه الرجل للكرة بحيث ساعات طوال يقضيها الرجل في مشاهدة التلفاز تُحرم منها المرأة.
المرأة المغربية والتشجيع
برجوع الى اهتمام المرأة بالكرة لا يمكن ان ننكر أن هناك بعض النساء اللواتي يتابعن بشغف مباريات فرقهم المفضلة ويتابعون أخبارها من الالف الى الياء لكن عدد هاته النساء قليل مقارنة بنظيراتها الاجنبيات. وقد تجد فئات من جماهير الجنس الناعم في المدرجات لتشجيع المنتخب ويحملون زي فرقهم ويزينون وجوههم بعلم المنتخب، لكن السؤال المطروح، هل هناك حماس رياضي لدى هاته النسوة يمكنه ان يعطينا ويولد لنا تشجيعا رياضيا نسائيا مغربيا وحقيقيا؟
ان الاجابة عن هذا السؤال يحيلنا الى طريقة حب المرأة المغربية لكرة القدم، فغالبا تجد أن الفتاة تشجع ما يشجعه والدها وأشقاؤها، وحب كرة القدم يكون حبا مفروضا وليس عن طواعية لان الوالد أو الاخوة أو حتى الزوج بقوة الجنس يفرض عليها متابعة اللقاءات، والمتابعة تكون فقط مجاملة للجنس الاقوى. وحتى ان سألت أُمًا "هل تحبين ان يلعب ابنك كرة القدم؟" ترفض الفكرة وتقول ان الدراسة تأتي في المرتبة الاولى، رغم قناعتها بدور الرياضة في تكوين نفسية الابن، الا ان عقدة كرة القدم تجعلها ترفض الفكرة بتاتا.
ودائما مع التشجيع النسائي، فرغم التسهيلات من الاتحادات العربية، بحيث أنه بالنسبة للفرق يسمح للمرأة بدخول المقابلات مجنا، وهذا من اجل تحميس الجنس اللطيف على ارتياد الملاعب، الا ان دخولها للملعب يبقى ضعيفا، لان أولويات المرأة لا تأتي في مقدمتها الرياضة كما قلنا سابقا، وحتى في مجتمعنا المغربي، فمفهوم الرياضة سواء كممارسة أو تشجيع فرق أو منتخبات وطنية غائب. وربما يرجع السبب لعدم وجود ثقافة رياضية نسائية، ويمكن القول بأن ابرز اسباب هذا الجهل الكروي هو ان النساء المغربيات غالبيتهم يجهلن قوانين كرة القدم.
علاقة المرأة المغربية بكرة القدم
بالرجوع الى الرياضة عامة والمرأة فالإسهاب في هذا الموضوع لن يكفين الحديث فيه، فمن بين التحديات الكبرى التي تعرفها الرياضة النسائية وخاصة في مجال كرة القدم هي كيفية رسم خارطة الطريق من اجل النهوض بهاته الرياضة؟ وان كنا مازلنا نجد المشكل في النهوض بالرياضة الرجالية فبالنسبة لنظيرتها النسائية فحدث ولا حرج. فكما نعلم جميعا فالإقبال على هذا النوع من الرياضة قليل، خاصة ان غالبية النساء لا يجمعهن بكرة القدم غير البر والاحسان. وان فكرت احدى النساء بلعب كرة القدم فقد تمنعها نساء اخريات متحججات بأن كرة القدم رياضة رجالية لا تتناسب مع انوثة المرأة، وكما نعلم فهذا انعكس على المنتخبات النسائية بجميع اعمارها التي لحد الساعة استمر غيابها في النهائيات العالمية لأنه ليس لدينا لاعبات كرة قدم بشكل كبير.
هذا ايضا جعل النهوض بهذا القطاع أمرا صعبا، اضافة انه ليس هناك ارادة وطنية من اجل تطوي الرياضة النسائية، ومع الاسف ليس هناك خطة على المدى الطويل أو استراتيجية من اولوياتها تأسيس الرياضة النسائية من اجل دفعها للوصول الى اعلى المراتب وارقى المستويات المهارية والفنية. أيضا ليس هناك دوري منظم لكرة القدم النسائية متطور وينافس الدوريات العالمية، وليس هناك أي برنامج واضح المعالم للنهوض بالرياضة النسائية. كلها اسباب جعلت كرة القدم النسائية في الحضيض.
ان تطوير البلاد والمساواة بين الجنسين لا تقتصر على التهليل بذلك في الحافل الدولية والوطنية وليس الاحتفال الصوري بالثامن من المارس كيوم عالمي للمرأة هو من يدفعنا لذلك. بل يجب تكريس ذلك على أرض الواقع رغم انه ليس من الضروري ان يكون للنساء المغرب يوم عالمي لنهتم بمشاكلهن في مجالات الحياة. فالاهتمام بهن لا يقتصر ذكرة وفعله على يوم ما من ايام السنة بل يجب على كل اب وزوج وابن واخ ان يتذكره ويقوم به دائما وبدا، لان المرأة هي الام والاخ والزوجة والابنة، وهن اعمدة هذا المجتمع وبهن يكون صلاح هذا الجيل.
وفي الختام، لكي تخطو كرة القدم المغربية خطوة الى الامام في ظل العولمة الاجتماعية لابد ان تواكب ما وصل اليه نظيراتها من الرياضات في العالم، وان تستقطب حب المغربيات لان من يحب كرة القدم يجب عليه أن يضحي. وبطبيعة الحال التغير سيأتي لا محالة. ولن يتغير شيء ان لم تتغير الافكار، وان لم تتغير نظرة المرأة المغربية لكرة القدم وتتغير نظرة المجتمع للمرأة التي تمارس وتتابع هذا النوع من الرياضة، لن يكون هناك تشجيع وممارسة نسوية للرياضة عامة ولكرة القدم خاصة.
بقلم : القلم الجاد / عـــــــــــــادل
