۩ عازفــة العـــــذاب ليــــــلا ۩ بقلمي
آخر
الصفحة
ناسك الحروف

  • المشاركات: 39986
    نقاط التميز: 8505
مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
ناسك الحروف

مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 39986
نقاط التميز: 8505
معدل المشاركات يوميا: 6.3
الأيام منذ الإنضمام: 6341
  • 18:06 - 2013/03/14

الســـــــــلام عليكم ،،

 

راح يفكّر كيف كان يتنفّس، كيف كان يشتم، كيف كان..ينام !

ويكأنّ شيئاً حياً راح يحاول الحراك وسط رأس، جسد، سيقان ميْتة..

العجز، الحشر..اختفاء الصوت بعد صدور أوامر تحتّم الصراخ : كلّها كانت أنسجة تالفة وسط ما بدا فعلا شيئا يريد أن يعيش..

تعوّدت حواسه -مُكرهة- تلك الرائحة النتنة.ذلك الصمت، غدا صاخباً! ..صحيح أن الخطوات شحّت  نحوه مؤخراً، لكن ضجيج تلك الأرواح المشتاقة له ،ما فتئ، يزوره..

بفم نصف مفتوح، بعينين عاتمتين انسدلت ستارة جلدية واهنة لتحجب النور عنهما : استقبلها ككلّ يوم ..ليلاً

راح يصيخ لخطواتها تقترب من جسده السجن..أحسّ بها تجلس بقربه، تبتسم بخبث قبل أن تبدأ ما جاءت لأجله ..

جعلت تمرّر كفها الساخن عابرة سيقانه نحو بطنه ، نحو صدره ..لتستقر أصابعها الملتهبة فوق قمة رأسه..لقد أراد من أنامله أن تصد حرقها كبرياءه لكنّها لم تحرّك ساكنة..

صدر صوت هسهسة موجع من حلقها المشتعل، نفثت غباراً ساماً  -لا دافئاً ولا بارداً- التصق بعضه بجدران بصره الخائف فيما نفذ معظمه نحو جوفه لافاً الأعضاء ..بألم!

لم يستطع التحمل أكثر، ليس مرّة أخرى، ليس  بعد الآن !

كاد يصرّح طالباً الموت، لكنّها كمكمت فمه بخرقة عذاب جعلت لسانه يتورّم، يتقرّح، يهيج ..يصمت!

راحت وكما السحر، تشدّ عليه حبالاً كاوية كبّلت ذراعيه، جرحت ساقيه..سلخت جلده وحرمته..الفرار!

تخبّط..وتخبّط، سال الماء من حبيبتيه ..علا ضجيجها مسكتاً نحيبه. توقّف الزمن للحظات عندما أراد قلبه أن ينهي كلّ شيء ثم ما برِحَ الإحساس أن عاد معلناً فشله ..لتعود الدقّات!

كأنّ ملامح نصف مشفقة غمرتها بعد ما آل إليه حاله، لقد بات يرتجف أمامها برداً ..راح يهذي حزناً..

استلمت أفرشة ثقيلة غمرته بها، جعلت تضع عليه كلّ ما صُنع من الصوف والقطن ، من الخيوط والقش: غطته وغطته، خنقته وأغرقته..

تصبّب العرق منه كما السيل، جحظت العينان وتورّمت العروق..تسعرّت الجحيم ..و ..و..أنْ.

أنَّ حلقه عازفاً قطعة شجية عنوانها (الوجع) : علا صوت الراء ثمّ خبا..ارتقت الحاء ثمّ ماتت دفعة واحدة..صرخت الميم ثمّ انتحرت وكذلك فعلت التاء

رحمة: اختفى الصوت وظلّ الجزء الحي يرّدد..

انتهى العرض أخيراً، اختفت بوادر الصمود..لم تظل سوى الخاتمة تترقّب: فم نصف مفتوح ، عينان منسيتان، رائحة نتنة ، شيء حي وسط ثلج ينشد السبات  ..

لم يبق أمامها- بعد أن سمعت صوت انكساره- سوى شيء واحد تعمله، رفعت السكين تريد حشوها بين اللحم والدم  لكنّها توقّفت ، ضحكت ..قالت قبل أن تفرّ مغادرة :

"نجوت اليوم .."

تسرّب الضوء فجأة ، سال بارداً أطفأ حريق لسانه المتخشّب، حاداً مزّق قيوده وكلّ العلل..دافئاً جعل روحه تلتئم: تختلط بالجسد وتتوحّد..

 

قالت الممرضة وهي تحقن ذراعه بدواء كاد يتأخّر : " كيف كانت ليلتك؟"

" الحمى.. زارتني" ردّ العجوز بمشقّة..

 

 

أحمد

this is the end

 

 ۩ عازفــة العـــــذاب ليــــــلا ۩ بقلمي
بداية
الصفحة