|
الإقتصاد الرياضي
تجاوز الكرة لمفهوم الهواية
تغيرت الكثير من الأمور في علاقتنا بكرة القدم بعد أن تجاوز الزمن المفاهيم القديمة التي إعتبرت ممارسة هذه الرياضة من قبيل الهوايات و الكماليات فكانت العلاقة القائمة متلازمة في إتجاه واحد صرف الأموال ← متعة الممارسة
اليوم أدى تطور الرياضة بصفة عامة و كرة القدم بصفة خاصة إلى خلق علاقة جديدة تضمنت ثنائية متلازمة :
[الاقتصاد ] ↔ [ الرياضة]
فأي حقيقة أفرزتها التطورات على صعيد العالم؟ و مامدى إستفادة المغرب منها؟ ثم كيف هي الوضعية الإقتصادية الأندية المغربية؟ بين الواقع و المأمول و الأسباب و الحلول؟.
الواقع الجديد
هو الواقع الذي تتضح معالمه من خلال إستقراء الوضعية المادية للأندية العالمية و معاملاتها المالية بالأرقام و من خلال الإهتمام المتزايد لقطاع المال و الأعمال بكرة القدم, و أيضا أنشطة الشركات الكبرى العالمية.
لغة الأرقام تؤكد أن الأندية الكبرى أضحى تفوقها على المستطيل الأخضر مرتبط بإستقرارها المالي و بإيراداتها السنوية و حجم معاملاتها ,فهي تعمل على الجانبين معا حيث الرياضة في خدمة الإقتصاد و المال في خدمة الرياضة.
فحين يقرّر إجراء الكلاسيكو الإسباني الأشهر عالميا في وقت الظهيرة لا يتعلق الأمر بإختيار عبطي بل هو تسويق المنتوج الكروي في شرق آسيا للحصول على المزيد من إيرادات النقل و المستشهرين و المحبين الشغوفين بشراء علامة الناديين.
تتضح الرؤيا أكثر من خلال الشركات الكبرى و رجال المال و الأعمال بعد أن أصبح الرهان على التظاهرات الكبرى و اللاعبين المشهورين كعوامل مؤثرة للتسويق و زيادة الأرباح
و كمثال بسيط في مجال النقل التلفزي الذي يعد الأكثر إستفادة قدرت تقارير الفيفا عدد مشاهدي المبارة النهائية لنيل كأس العالم بثلاثة ملايير و نصف ما يسيل لعاب شركات الإعلانات المؤثرة في العادات الإستهلاكية للمشاهدين.
فالكرة هي أكبر الجسور للشركات الكبرى لتحقيق الأرباح بإستقطاب الجماهير
المغرب بين المال و الرياضة
رغم أن الإستثمار في القطاع الرياضي بالمغرب لا يرقى للتطلعات شأنه شأن باقي دول العالم الثالث مقارنة بالغرب الذي أدرك أهمية كرة القدم , و ذلك راجع لعدة إكراهات كالأزمة الإقتصادية من جهة و نظام الأولويات الإجتماعية و من جهة اخرى لغياب بعد النظر , إلا أن السياسة الرياضية في طريقها نحو التغيير و لو على إستحياء و من أبرز مظاهر التغيير مثلا مراهنة البلاد على إستضافة التظاهرات الكبرى لتحقيق الإقلاع السياحي و الترويج للوجهة المغربية ما من شأنه التأثير الإيجابي على قطاعات إقتصادية عديدة و لا يكون ذلك إلا عبر الإستثمار في البنية التحتية التي بدورها تساهم في خلق مناصب الشغل , سياسة تبقى محدودة النتائج في غياب مساهمة القطاع الخاص و الإستثمار العربي و الأجنبي
الأندية المغربية
الواقع و المأمول / الأسباب و الحلول
عمق الأزمة
قد يكون من المبكر الحكم على أنديتنا التي لازالت لم تحقق بعد كل شروط دفتر التحملات الخاص بالإحتراف رغم شروطه الميسرة مقارنة بدول أخرى,
إلا أن تشخيص الحال يعري على غياب بعد النظر لدى المسؤولين على الأندية من خلال طريقة تسيير تجعل من النادي أكثر إرتباطا بالمعونات و عائدات النقل التلفزي المحلي التي تبقى ضعيفة و غير مجدية لتحقيق الإقلاع الإحترافي الحقيقي كما أن المراهنة على بيع اللاعبين لفرق أغنى كوسيلة لتنمية الموارد يجعل من تطورها المادي رهين أمور ظرفية و ليس برامج مسطرة.
قد تكون العقود الإستشهارية نقطة ضوء لكنها لا ترقى للتطلعات إذ أن في أغلبها تأخذ حكم المعونات الخاصة أو العامة بإعتبار محدودية إستفادة الشركات من عقود الرعاية للغياب عن الساحة القارية و العالمية.
إذا كان هذا حال أندية الصفوة فلك أن تتصور دون الحاجة إلى برهان أحوال أندية القسم الثاني و أقسام الهواة حيث لا نقل تلفزي و لا إشهارات و يبقى الحصول على المحتضنين بأرقام محترمة أمل كاذب.
تظهر تجليات الأزمات المالية للأندية في فشلها بالوفاء بإلتزاماتها إتجاه عقود اللاعبين و المستخدمين و حتى تراكم ديون الملاعب على كاهلها و الحجز على ممتلكاتها.
نحو الخروج من الأزمة
إن دخول الأندية المغربية لهذا العالم الذهبي رهين بتوفرها على كوادر و هيئات إدارية متخصصة في مجال المال و الرياضة و التسويق تستطيع الإبتكار و التنويع من مصادر الدخل و لعل فتح الباب لتحول الأندية من جمعيات إلى شركات مساهمة قد يحمل الكثير من الحلول.
كما أنه رهين بإستثمارات كبرى سواءا على مستوى البنيات التحتية و مراكز التكوين و هو ما لا تملك الدولة وحدها مفاتيحه ما يتطلب جر القطاع الخاص نحو فوائد هذا المجال الخصب للإتجار و الربح و البحث عن التمويل الخارجي.
يعد خلق الشراكات الفاعلة التي تتعدى أخذ الصور و المجاملات مع الأندية الكبيرة في أوربا و في العالم العربي طريقا نحو الإستفادة من تجاربها و خبراتها و من قيمة الشراكة معها.
رسالة
لقد حان الوقت ليستوعب جميع المتداخلين في قطاع الرياضة المغربي بصفة عامة و الكروي بصفة خاصة و قطاع المال و الأعمال أهمية دخول مجال الإستثمار في هذا القطاع المثمر بما يعود بالنفع على الجانبين حيث تحقق الشركات الخاصة مرادها بالتوسيق و إرتفاع الأرباح و تحقق الأندية تمويلها الذاتي المنشود الكفيل بالرفع من تنافسيتها المحلية و القارية و العالمية
مع تحيات
 | 
