كليبتومانيا
نامت بجانب السرير الصغير المهترئ و هي تحتضن كتابا أصفرا كانت تقرأ منه بعض القصص لصغيرها، تحركت عيناه البريئتين في محجريهما و استقرتا على جسد الأم المنهك، تخلص من الغطاء الرقيق الذي لا يكاد يقيه قر البرد الذي يعوي خارجا
غادر الغرفة متجها إلى المطبخ يبغي اكتشاف سر هذه الزهرة المتأججة التي تمنعه أمه من الإقتراب منها طيلة الوقت، أمسك العلبة السحرية الصغيرة بين أنامله، أخرج أحد الأعواد و حكه إلى جانب العلبة الخشن، و بدأ يتأمل الزهرة الساحرة في انبهار، ثم حك عودا آخر ثم آخر ثم آخر
لم تعد تكفيه هذه الزهرة الصغيرة، لم لا يجعلها أكبر؟؟
حرك عينيه في المكان، ثم استقر بصره على كومود خشبي و اتسعت ابتسامته أكثر
خادمة شرعية
يريدني خادمة لا زوجة!!"
هكذا صرخت في وجه أبي و أنا أصر على عدم العودة إليه، لن أسمح لوالدي بأن يرغمني على الرجوع إلى بيت أشعر فيه بالعبودية، كانت ابتسامة والدي تستفزني فعلا
أمسك بيدي و جرني نحو المطبخ كما لو كنت طفلة صغيرة، كانت أمي تدندن لحنا جميلا لفيروز و هي تضع البهارات في طاجين تزكم رائحته الأنوف، ثم تسرع لتقطيع السلطة و هي غافلة عن زوجي العيون التي تراقبها، كنت أنظر إليها و أنا أقطب حإجبي في عناد فهمس أبي في أذني
"إذا كنت تظنين والدتك خادمتي فلا تعودي إليه!!"
بريد جديد
"بريد جديد"
خفق قلبي و أنا أرمق العبارة المرسومة على حاسوبي، بدأ خيالي يرسم ألف قصة و ألف مسرحية، عرفت أن خصامنا لن يدوم، عرفت أنه لن يطيق في غيابي صبرا، ألست شمعته المنيرة كما كان يقول لي دوما، فهل هناك من يطيق العيش في الظلام؟
مررت يدي على شعري في أناقة و ثقة و أنا أنقر على نص الرسالة
"المرجو إفراغ علبة البريد الوارد لأنها تجاوزت الحد المسموح به!!!"
فستان أزرق
"هائل!! استديري الآن!!"
استدارت العارضة ليلتقط لها المصور صورة أخرى، كانت شاحبة من الإرهاق، لكن أحدا لا يهتم، تنفست بعمق و هي ترسم على وجهها ابتسامة لا طعم لها لتواجه المصور من زاوية أخرى، تعددت ضربات الفلاش في وجهها حتى ما عادت تذكر كم مرة استدارت و كم مرة ابتسمت و كم مرة عضت سفتها السفلى في إغراء غبي، أصبحت تميز ما بين الأشياء بصعوبة، تداخلت الموجودات في بعضها و أضحى مجال إبصارها مغلفا بطبقة كثيفة من الضباب، وضعت يدها على خصرها و مالت بجذعها للأمام كما طلب المصور لكنها داست على طرف الفستان الأزرق اللامع فتكورت على نفسها و انبطحت أرضا و وجهها يعض السيراميك، شهق المصمم و المصور معا و جريا إليها و الرعب يلتهم ملامحهما لكنهما ما لبثا أن تنفسا الصعداء و أحدهما بيهمس في أذن الآخر "الحمد لله، الفستان بخير!!!!!"
رجولة
يئست تماما من إصلاح هذا الفتى، لن يفلح أبدا!!
لا دراسة و لا ذكاء و لا حرفة، كيف لي أن أجعل منه رجلا قادرا على مواجهة هذه الحياة الصعبة؟ كيف له أن يكون صلبا لا تخدش كرامته وعورة الدرب و تجبر الناس؟
قطع أفكاري دخول صديقه "خالتي، ابنك فجر نفسه في ثكنة للصهاينة، زغردي يا خالة"
ليلة العمر
ابتسامة خجولة ارتسمت على شفاهها و هي تختلس النظرات إلى هذا الذي أصبح بحكم الشرع و القانون زوجها، داعبت خيالها أفكار مجنونة بطلها الحب فوضعت أصابعها على فمها تكتم ضحكة خجولة كادت تنفلت من بين شفاهها، تسارعت دقات قلبها و هي تنتظر اقترابه، بدأت المسافة بينهما تتقلص و تتقلص و تتقلص، احتبست أنفاسها و صار من العسير عليها أن تتنفس، أصبح وجهه يواجه وجهها تماما، ابتسمت له في فرح طفولي لكن ابتسامتها انكمشت و غابت عندما قال في لامبالاة "أريد ماء ساخنا، قدماي تقرحتا من ارتداء هذا الحذاء الضيق!!"
عقاب
"لا اريد"
كررتها للمرة الثالثة و انا منزو في ركن الغرفة الباردة، كانت الطبلية على الارض، يتزاحم حولها افراد عائلتي، يتوسطها طبق حديدي مصبوغ ممتلئ بحبات العدس المطبوخة، كان حجم المزيج الحديدي يتقلص كلما مد احدهم يده الى الطبق
عادت امي تدعوني للمائدة و لسان حالها يقول بان الأوان سيفوت ان لم أتحرك حالا، تقلصت معدتي جوعا و تمردت على عنادي مصدرة صوتا غريبا جعل إخوتي يضحكون لتتطاير حبات العدس من أفواههم، اختلست النظر اليهم و انا ابلع ريقي، موسيقى المضغ و البلع كانت تعذبني، لكنني عدت انظر للحائط بعدما تذكرت انني ضربت و همست للمرة الألف
"لا اريد"