
السلام عليكم

منذ أيام الصبا وأنا عاشق للقراءة الليلية والكتابة ليلا ومراجعة الذات في أواخر الليل ... استمرت
معي هكذا حالة مرضية أو اعتيادية -لا أعرف كيف أسميها- لحد اليوم وأنا أدخل سنوات الكهولة
الأولى -أليست الأربعينات من سنوات الكهولة ههه؟- وهكذا أجد نفسي دوما في حالة إلهام كلما
نام الجميع ... وبما أني مدمن كتابة ، فهاهو ذا الإلهام يستفز مخيلتي بعدة أفكار وعدة رؤى ،
وأتمنى اللحظة أن أكتب مواضيع في موضوع واحد ، ولكن قانون المواضيع المنتدياتية لا يسمح
بغير موضوع واحد حتى يتسنى له الحظو بردود في الصميم ...
أليس هذا قانونا مخالفا للطبيعة ؟ فالأصل في الأشياء الحرية والإستثناء هو القيد ... طيب
علي الخضوع لحالة القيد تماما كما هو حال كرتنا المغربية !!!
ومن قال أن كرتنا مقيدة ؟
بل أقول أكثر من ذلك ... إنها في حالة موت سريري منذ نشأتها الأولى وإلى اليوم؟؟؟
هاتي دليلك يا أنا ...

لمن نبيع الوهم ؟ وعلى من نكذب ؟ وما المراد من كل هذا المسخ الكروي؟ ... وإلى أين المصير؟
علينا الإقرار أيها الأفاضل والإعتراف في واضحة النهار بأن ما بُنِيَ على باطل فهو باطل ...
لذا فمن خلال عودتنا للظهور الأول للكرة المغربية في شكلها "المنظم" سنكتشف أن أنديتنا الأولى
وعلى رأسها الوداد البيضاوي -كأول فريق مغربي مشكل بكامله من اللاعبين المغاربة- كان الهدف حينذاك
هو سياسي ووطني لأجل إعلاء صوت الشعب والمطالبة بكل الوسائل المتاحة باستقلال البلد من نير الإستعمار
الفرنسي الغاشم ... وهكذا توالت الأيام والأحداث والظروف وظهرت العديد من الأندية في شمال المغرب
وجنوبه إلى أن حظينا ب"الإستقلال" وبعدها وجدنا أنفسنا في مواجهة الواقع بكل حمولاته الإقتصادية و
الإجتماعية ، ودخلنا للمنظومة الكروية العالمية ، كنوع من التعبير عن حقنا في الوجود ، وهو الشيء ذاته
الذي قامت به كل الدول العربية والإفريقية في نهاية الخمسينات وبداية الستينات ، بعد ذهاب الفرنسيين
والإسبان والإنجليز ....
وبدأت الحكاية الكروية المغربية حتى لا أخرج عن إطار القيد ...

دخلنا منافسات ومنافسات ، وشاركنا في مباريات وبطولات ، ونلنا منها ما نلنا ،وعاكستنا الظروف
في أخريات ، وكنا في كل وقت وحين نكتشف أننا أطفالا صغارا ،صغار جدا في المجال الكروي،
بحيث أننا وإلى هذه الدقيقة ما تعلمنا بعد الوقوف الصحيح ، بل مشيتنا ظلت مرهونة على الحبو
الذي يتقنه أطفالنا الصبية ، فيمشون على أربع وحين يقفون بالكاد يستطيعون الخطى لمتر أو مترين
على أبعد تقدير ، فيعودون مرغمين للحبو على الأربع -اليدين والرجلين- ...
وتستمر المعاناة وتستمر حالة الإنتظار ، وشتان مابين انتظار طفل صغير لحين وقوفه بعد
شهر أو شهرين أو حتى سنة ،وما بين الوقوف الكروي الذي طال انتظاره أكثر من خمسين سنة
وما زلنا لحد اليوم لا نعلم كم سننتظر أو لعلنا نموت قبل وقوف حالنا الكروي ...
ليس من العيب ولا من العار ، أن نعترف-الصحيح هو أن يعترفوا- بأن منظومتنا الكروية هشة
بما فيه الكفاية وأنها معرضة في كل وقت للإنهيار الكلي ،وأن أبسط نسمات الهوى قادرة على أن
ترمينا لحيث لا نعلم ، وبالتالي علينا أن نقف وقفة حقيقية وصارمة مع الذات ، وأن نعطي تشريحا
صادقا وحقيقيا لكل تاريخنا الكروي وإلى اليوم ، وعلينا أن نطرح كل السلبيات بأدق تفاصيلها
دون خوف ولا مواربة ولا تجمل ، فأول سبيل للشفاء هو اكتشاف الداء ، وبعدها ليس بالأمر
المستحيل أن نجد الوصفة الدقيقة للشفاء الكامل والتام ...
مررنا من مرحلة الهواية أو العشوائية والتخبط ،ومررنا ذات زمن بما سمي بالإحتضان ، ودخلنا
اليوم ما يطلقون عليه "الإحتراف" ولكن ظل الحال هو الحال ... نتألق هنا ونندحر هناك ،
نفوز هنا ونخسر هناك ، نفوز ببطولة للأندية أو للمنتخبات وبعدها نتوارى عن الأنظار لسنوات
وسنوات ...
وتظل الجماهير تنتظر الدب الذي دفعت ثمن جلده من شهور وأعوام طويلة !!!!!
ليس العيب أن ينهزم منتخبنا أو تنكسر أنديتنا ... لا لا هذا ليس عيبا أبدا فكل منتخبات
وأندية الدنيا تنهزم ، ولكن العيب كل العيب أن نلدغ دوما من ذات الجحر ،أو لسنا أحرارا ؟؟؟؟
حان الوقت أن نبدأ من الصفر ولكن على أسس قوية ومتينة وصحيحة ... حان الوقت أن نعرف
ماذا نريد وأي هدف هو منشود ... حان الوقت أن تكون أجهزتنا المسيرة لشأننا الكروي سواء في
الجامعة أو العصب أو في الأندية ، هي نتاج لأهل الدار وليس أصحاب "الشكارة" أو المظلات التي
لا نعرف أي طائرة رمتهم علينا ... حان الوقت أن نرى مناظرة كبرى تناقش الهم الكروي حقيقة
وتصدر عنها قرارات ملزمة وعميقة تُرضي الله وجماهير الكرة الوطنية ...
لا يمكننا بـأي حال من الأحوال أن نظل إلى مالانهاية نعيش على المسكنات التي تتحفنا بهم جامعتنا
الغير شرعية ولا وزراء الرياضة الغير فاهمين لحقيقة أمر الرياضة ...

نحن شعب نتنفس كرة القدم ونموت عشقا في كرة القدم وبالتالي نستحق أن تكون لنا كرة قدم حقيقية
بمواصفات مغربية وذات أهداف احترافية طويلة الأمد ... والله لا تنقصنا الإمكانيات المادية
أو اللوجيستيكية ،ولا تنقصنا العقليات المغربية المشبعة بالإحتراف ، ولا تنقصنا المواهب ولا
الكفاءات ...
إذن ما الذي يمنعنا من خلق نظام كروي قوي ومتين ؟
بالعزيمة والإرادة والعمل والتوكل على الله من القمة والقاعدة يمكننا أن نرى من كرتنا ما يسر
الناظرين في الحاضر والمستقبل

مع كبير تقديري واحترامي للجميع |