مـــا عندنـــاش غيـــر الكـــــورة : الدراما التلفزيونية المغربية ، والقدوة الغائبة ,,
آخر
الصفحة
فرس النهر

  • المشاركات:
    29374
مشرف كووورة مغربية
رئيس لجنة تحرير مجلة كووورة مغربية
مدير معهد الثقافة الرياضية
فرس النهر

مشرف كووورة مغربية
رئيس لجنة تحرير مجلة كووورة مغربية
مدير معهد الثقافة الرياضية
المشاركات: 29374
معدل المشاركات يوميا: 5
الأيام منذ الإنضمام: 5929
  • 03:53 - 2012/12/14
 

http://sites.google.com/site/ahmedreda89/Salam2.png

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ،، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،، وأشهد أن لا إله الإ الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ورسولنا محمد عبده ورسوله ..

 

 

لقد عرفت الدراما التلفزيونية المغربية إنتعاشا كبيرا خلال السنوات الأخيرة ، جاءت هاته الإنتعاشة كمد طبيعي لتطور المشهد الإعلامي المغربي مع تزايد القنوات والدعم الكبير الذي خصصته الدولة من أجل عودة المشاهد  المغربي نحو الديار ، بعد هجرة دامت لسنوات ، حينما إتجهت الصحون المقعرة نحو الشرق العربي مستفيذة من تعدد الخيارات المتاحة ، مع تواجد قنوات مشرقية بميزانيات ضخمة وبخبرات قوية ، هاته القنوات أكانت شرقية أم غربية ، إستهدفت بدون شك الشخصية المغربية وأصابتها في مقتل عبر تحريف واضح للمفاهيم التي تربى عليها جل أبناء الوطن ...هاته الإشكالية كان لزاما على القائمين على المشهد الإعلامي المغربي أن ينتبهوا إليها ، بل حتى محاولة التصدي لها إن أقتضى الأمر ذلك ...محاولات الحصار جاءت عبر إعادة هيكلة المشهد الإعلامي من جديد ، ولإستكمال مشروع التصدي ، كان لابد من خلق دراما مغربية تستقطب المشاهد المغربي وتعيد إليه تلك الحميمية المفقودة مع قنواته المحلية ...

لا جرم  أن الدراما المغربية عرفت كثرة واضحة من حيث الكم ، وكان بعضها قادر على إعادة التوازن إلى المشاهد المغربي الذي فقد بوصته وترنح ذات اليمين وذات اليسار ، حتى يجد متسعا له داخل المشهد العالمي ...

هذا الترنح لم تسلم منه حتى الدراما التلفزيونية المغربية ، والتي حافظت على الموروث التقني الهزيل عبر إخراج وتصوير وسيناريو يفتقد إلى الكثير من الإحترافية ، وبات من شبه المؤكد أن آليات إستخدام أدوات الإنتاج الحقيقي هو بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير ، وفي خضم هذا الموروث التي حافظت على إستمراريته فإنها للأسف لم تستطع المحافظة على موروث مهم بل هو الأهم داخل تطور هاته الدراما التي يقال عنها أنها مغربية اليوم ، لقد تخلت عن ثقافة المنتوج الدرامي الذي طالما إحترم مفاهيم الإنسان المغربي ، عبر خطوط حمراء تتعامل مع الأخلاق والتربية بكثير من الحزم ، وكانت حقا  متواجدة في بداية الثمانينيات والتسعينيات ، فدخلت في بند ما سمي أنذاك بالدراما العائلية ، حيث كانت العائلة تجتمع لمشاهد مسلسل من أربع حلقات يعرض مرة واحدة في الأسبوع ، إلاّ أنه كان غني بقيم الأخلاق المغربية رغم أنه كان ينتقد بعض التصرفات التي لا يخلو منها أي مجتمع عبر المعمور ...

 

 

اليوم أصبحت الدراما المغربية إستنساخ غبي لبعض الدرامات العربية والغربية ، حتى لم نعد نلتمس تلك القيم التي يجب أن تمررها لنا هاته الدراما ، التي زعموا بهتانا وظلما أنها مغربية وتخاطب المغاربة ، لم نعد نعرف هل نحن أمام تغريب حقيقي أو مشرقة خالصة ، فالأمر تعدى ذلك إلى خروج منتوج هجين بين هذا وذاك ، لكنه في الخلاصة منتوج بطابع بعيد عن القيم والأخلاق المغربية الأصيلة، وبذلك غابت القدوة عن المشهد الإعلامي الذي هو أولا وأخيرا وسيلة لتبليغ الدراما المغربية إلى المنازل عبر ربوع المملكة ، ولكي نكون أكثر دقة وأكثر أمانة وجب التوضيح أن المنتوج التلفزي المغربي عبر المسلسلات والأشرطة التلفزيونية ، يعرف تصادما حقيقيا بين نهجين أساسيين ، الأول كلاسيكي تقليدي لازال يعيش داخل قوقعته، متشبع بروح الإنغلاق والتزمت المعرفي ، وآخر يقال عنه نهج معاصر ومتحضر ، غابت عنه روح المغربة وتفتح على الآخر حتى تناسى أنه يقدم منتوجه نحو مجتمع له جذور متصلة بالقيم والأخلاق ...

فكلاهما في النتيجة تغيب عنهما القدوة التي هي عصارة أي فكر درامي تلفزي ملتزم بقضايا المجتمع...

فالأول أي الفكر التقليدي الذي يحمله بعض المخرجون المغاربة لازال جامدا ومواكبته للعصر غير ناضجة تماما والقدوة تكاد غير ملموسة في صياغة السيناريو والإخراج وحتى الحوار الذي يمرر بين شخصيات وأبطال العمل .

فالأم في المفهوم الكلاسيكي :

جاهلة غير متعلمة لباسها عبارة عن أسمال متراكمة فوق جسدها ، لا تفقه من أنشودة الحياة سوى كثرة  الصياع والبكاء والعويل ، وكثيرا ما تظهرها الدراما أو لنقل فلاسفة هذا الإتجاه بأنها مستسلمة توافق بناتها في الخطيئة متصلبة نحو الذكور من الأبناء ، جشعة تحب المال و مشعوذة.

أما في المفهوم المعاصر فالأم :

تظهر بملابس لا تليق بسنها تتكلم الفرنسية مع القليل من الدارجة متسلطة أنانية ، لا تهتم لا بالحلال ولا بالحرام ، وبالرغم أنها في هاته الجزئية هي متعلمة إلاّ أن نبرة التجهيل لاتزال قائمة ..

الأب في المفهومين معا :

سكير عربيد مقامر غير مبالٍ ، طماع ، شرير أو مريض غير قادر على لجم من في المنزل ، أو قاس لدرجة أنه لا يتحدث إلى أبناءه إلاّ لماما موافق على فلتات البنات والأبناء على حد سواء ...

 

 

هاته المفاهيم التي تم ترسيخها عن علم أم جهل ، هي بدون شك تعجن مع شخصية الطفل الذي أصبح مستهلكا لفقرات عديدة من ما يقدمه التلفزيون ومن بينها الدراما المغربية التي تحمل السم في العسل ...

ففي دراما باتت تظهر فيها المخدرات كنشاط يومي لبعض الشباب ، ونمط اللباس الغريب والتسريحات التي تكاد تواكب فيما نراه في بلدان غربية لايمكن لهذا الطفل إلاّ أن ينهل مما يراه في الصباح والمساء ، ومهما فعلت الأسرة لمنع هذا الطفل من المشاهدة ، إلاّّ أن الطفل سيشاهد تلك المشاهد لو لخمس دقائق يوميا وهي فترة كافية لتسكن تلك الهواجس ثنايا شخصيته ...

لقد باتت السيجارة أمرا بديهيا في الدراما المغربية وإن كانت سابقا ملتصقة بأنامل بعض الشباب فاليوم نراها ملتصقة بين أنامل الصبايا والفتيات ، كأن السيجارة أمر عادٍ  وليس بالشيء الذي يمكن أن يقودنا إلى أنواع أخرى من المفسدات...

ناهيك عن العلاقات الخارجة عن مؤسسة الزواج والتي باتت عنوانا عاديا لمنتوجنا الدرامي للأسف الشديد

كخلاصة لما سبق ومن خلال متابعتي للدراما المغربية ، فإنني أرى أنها بدون شك تطورت وبشكل ملحوظ ، لكن هذا التطور كان ولازال على حساب الكيف ، فالكم لم يكن دوما ظاهرة صحية بل يكاد أن يكون ظاهرة مرضية وجب التخلص منها عبر رقابة ذاتية وعبر تصنيف الأعمال الجادة من الأعمال الرديئة ، نريد عن جد دراما لا نحتاج أن نحمل بيان أيادينا جهاز التحكم عن بعد لكي نقوم برقابة لم يستطع صانعوا العمل ولا مقص الرقيب عبر قنواتنا أن يجز تفاصيلها ، لكي يصلنا العمل نقيا وصافيا ...

لا نستطيع الجزم أن هاته الظواهر التي تصورها الدراما غير موجودة ، بل هي موجودة ونحن نقر بها ، لكنها هي الإستثناء وليست القاعدة ، ولا يجب أن نعطيها أكثر من وضعها حتى لا تصبح هي الأساس  ، لانريد أن تنجر الدراما المغربية إلى ما وصلت إليه السينما المغربية التي أصبحت تعالج قضايا هامشية هدفها ربحي من منطلق ( الجمهور عاوز كده )

ما نتمناه جميعا أن تكون الدراما المغربية عنوانا بارزا للدفاع عن كينونة المجتمع المغربي ، ولا يجب أن تكونا سيفا مسلطا على رقابنا ، لانريد دراما تلفزيونية مستوردة بل نريدها محلية بجودة عالية ، قبل أن تعالج القشور عليها معالجة الجوهر.

 

لكل المناقشين لهم :

 

 

مودتي للجميع   

 

 مـــا عندنـــاش غيـــر الكـــــورة : الدراما التلفزيونية المغربية ، والقدوة الغائبة ,,
بداية
الصفحة