الحسنـــــــاء والـــراهب............. بقلمي
ط¢ط®ط±
ط§ظ„طµظپط­ط©
tebani130

  • ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 5225
    ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 3637
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
tebani130

كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 5225
ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 3637
ظ…ط¹ط¯ظ„ ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ ظٹظˆظ…ظٹط§: 1
ط§ظ„ط£ظٹط§ظ… ظ…ظ†ط° ط§ظ„ط¥ظ†ط¶ظ…ط§ظ…: 5016
  • 21:17 - 2012/12/12

الحسنــــــــــاء والــــراهـــــب


الحسنــــــــــاء والــــراهـــــب

كانت جميلة لدرجة أن الجمال صار يعرف بأوصافها، وجه كأن القمر تجلى في منتصف الشهر عينـان عسليتان يتدفق الأمــل من خلالهما، تمشي تتمايل كشجيرة غضة الأفنان تجرّ وشاحا جميل اللون يمتزج عبر قوامها الممشوق مع شعرها الذهبي، يتضوع المسك حول خطواتها لدرجة أن الورود تنحني أمامها تعيش حرة طليقة تتنفس الزمن وتنتشر كالشمس في كل مكان... يتردد اسمها على كل لسان، طويلا كان أم قصيرا.

- دنيا.. دنيا.. دنيا

على قمة الجبل المطل على المدينة أقام الراهب ذو الخلصة صومعة من الطوب أسوارها، واتخذ من جريد النخل غطاء لها ليحصنه من تقلبات الجو ومن الأصواف والأوبار متاعا له وأثاثا..

كان متفرغا للتدبر في ملكوت السموات والأرض، يطرق أبواب الحكمة يحاول الوصول إلى أعماق العلوم والسنن الكونية التي قامت عليها الخلائق بمختلف أشكالها وأنواعها لقد اختار طريق العبادة وأراد أعلى المراتب فكان يسابق السالكين على المدارج والسائرين على المنازل يحاول أن يكون أول الموقعين عن خالق الكون في البرية، صاحب الصدارة في ترجمة تــركــة الأنبياء كان القرار أن يعيش وحيدا بدون زوجة ولا أولاد يأخذون من وقته الثمين وأن يحيى بعيدا عن والديه حتى لا يضطر لهدر وقته في إجابة نداءاتهما وتلبية طلباتهما وأن لا يخالط العــامة من الناس، ولا أغلبيتهم، وأن لا يمشي في الأسواق حتى الصبيّة الصغيرة إذا أمسكت بيده تريد أن تريَه شيئا، يضربها على يدها ناهـرا:

- اتق الله يا أمة الله واغربي عن وجهي...

إذا لقيه رجل من المدينة وحاول أن يصافحه حيّاه من بعيد بإشارة من رأسه مبتسما في علو:

- رجل بمثل شهرتي إذا أقبل الناس عليه مصافحين فمن أين سيبدأ وأين سينتهي..

هكذا يخاطب نفسه وملامحُ وجهه كأنها تقول هل يراك من أحد ثم يلوي رأسه وينصرف من أمام الناس.

*******************************************************************

قرب صومعة الراهب كانت هناك شجرة وافرة الأغصان تقف على بساط جميل من الحشائش والأزهار كنت أواعد حبيبتي دنيا هناك كلما أتيحت لي الفرصة وقبلت هي بمواعدتي...

كنت أجلس قبالتها هناك أسند جذعي المتعب إلى جذع الشجرة الراسي أتأملها من تاج رأسها إلى أخمصي قدميها، كانت تتراقص على أنغام الحياة أمام ناظري تميل بجذعها يمنة ويسرة كأنها ثملة كل شيء فيها كان يدعوني لأقترب أكثر كي أستنشق أنفاسها الزكية، كي أستولي على عينها وعلى الأمل المتدفق منهما

- حبيبي ابق هادئا ولا تتعجل..

هكذا تزيد في اشتعال الثورة في نفسي بكلمات توحي إليّ بأنها تريد إخمادها أسافر معها في تلك اللحظات عبر عصور كثيرة وأقرأ في تفاصيل جسدها الجميل تاريخ الجمال وجغرافيا الشعور وفلسفة الرغبة اللامتناهية التي تتأرجح بين الطموح والجشع...

بعد أن أستفيق من نشوتي، أسند رأسي إلى صدرها وهي تغني بصوت عذب تخشع له العنادل يتناغم غناؤها في أذني مع دقات قلبها المطمئنة، ويمينها تداعب منابت الشعر في رأسي فأدخل بوابة اللاوعي واللاشعور كأنني شربت من أعتق الخمور، أنتشي جميعا قلبا وقالبا كل جزء مني ماديا كان أم معنويا يدخل معي في مرحلة متقدمة من السكر في فَنَاءٍ يمتد طول البصر ليس فيه سواي وحبيبتي دنيـــا... فجأة

- حبيبي أفق.. هناك حركة غريبة أعلى الشجرة.

قمت فزعا من مكاني أترصد تلك الحركة، ابتعدت خطوات إلى الخلف ونظرت عن كثب أحاول تمييز ذلك السواد الجاثم بين الأوراق:

- أنت ماذا تفعل هناك؟؟ انزل هيا بسرعة

هكذا صحت فيمن كان هناك ملتحفا في سواده دون أن أميز ذكرا هو أم أنثى..

سارعت دنيا لستر جسدها في لحافها ثم وقفت بجانبي ممسكة ذراعي تترقب نزول الذي كان يتجسس علينا أعلى الشجرة..

نزل ذلك الملتحف بالسواد إلى الأرض ووقف قبالتنا فزاد فضولنا لمعرفة من يختبئ خلف اللثام:

- أنــا آسفة يا شباب لأنني أخفتكم... وأزالت اللثام عن وجهها

سارعت مع حبيبتي دنيــا لتقديم التحية:

- سيدتي الملكة.. سيدتي الملكة..

واختلطت الكلمات في لساني وأنا أحاول أن أعتذر منها لأنها شاهدت منا ما لا ينبغي مشاهدته

- أنا آسف سيدتي.. في الحقيقة أنا لم أعلم .. ولو علمت..

فقاطعتني مبتسمة كأنها تطمئنني أن لا شيء يستحق الأسف:

- في الحقيقة إني أحضر متخفية إلى هنا منذ أيام أراقب الراهب ذو الخلصة..

استغربت مما قالت واحترت ما حاجة السلطانة لمراقبة الراهب، خاصة وأنها كانت تحمل إليه على عرشها لتستشيره وتأخذ مباركته في كثير من الأمور، فتساءلت في تسرع ناسيا أنني إنسان بسيط من الرعية أخاطب الملكة التي بيدها أمور البلاد:

- ولماذا تراقبينه سرا، قد ترين منه ما لا يسرك وربما ما يطعن في كرامته عندك..

فتبسمت ضاحكة من قولي وقالت:

- إنني أبحث عن منفذ، أريد هذا الرجل في صفي، أريده أن يقوم بتأييد كل خياراتي، فهو مشهور بين العامة وأغلب الناس يثقون فيه، حاولت معه كثيرا لكنني فشلت..

 لم أفهم ما كنت تشير إليه، فأمور الحكم والسلطان لا تهمني..

- هل تسمح لي أن أستعير منك فتاتك لساعة؟؟

احترت وارتعبت وخفت أن تدخل الملكة أفكارها الطويلة العريضة في رأس حبيبتي الصغير البريء

- لكن لماذا؟ هل هناك من خطب؟؟

- ههه لا تقلق ولا تخف، أحاديث نسائية، هيا انصرف بني، هيا أيها الغيور..

وصرفتني من بينهما بطريقة ذكية جعلت الفضول يتسلل إلى قلبي لمعرفة الراهب وأسراره فاتجهت مباشرة صوب صومعته، طرقت الباب أستأذن للدخول:

- من الطارق؟؟

- السلام عليكم، أنا رجل من عوام الناس؟

- وعليكم السلام، ماذا تريد وأوجز في الكلام فلا وقت لدي أضيعه.

- ألن تدعوني إلى الدخول، سأسأل فقط وأكف بصري ولن أؤذيك بطول مكوثي عندك.

حل الصمت قليلا ثم فتح الباب الخشبي المهترئ مصدرا صوتا مزعجا يشابهه صوت الراهب لما قال تفضل:

- هذه أول مرة ألتقيك يا شيخنا العظيم ذا الخلصة.

فابتسم مستشعرا عظمته ولم يرد إلا بإشارة من يده يأمرني بالدخول في المسألة:

- إني لم أرك في المدينة من قبل ولا في أسواقها، ألا تذهب للسوق لقضاء الحاجة.

فرد في غضب وعنجهية قائلا:

- أنا أمشي في الأسواق؟؟ ههْ، ألا تعلم أن الأسواق شر البقاع كما نصت على ذلك الآثار، ألا تعلم أن الأسواق مراتع شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، فتكون أغلظ الأيمان الكاذبة، والغش في السلع، والربا، والاختلاط.. الشعور والنحور والصدور والخصور.. قبحك الله من غاوٍ غافل عن الحق..

طأطأت رأسي خجلا ثم قلت محاولا أن أتدارك كلامي بطريقة تسمح لي بقص خبره مع أمور الملك والسلطان..

- أظن أنه من غير الضار أن تقصد المدينة أو السوق لتبادل المصالح مع العامة والخاصة.. أليس كذلك؟

فاعتدل في جلسته ونظر إلي كأنه يستثقلني، كأنه ينظر إلى ذنوبي الكثيرة، كأنه يعد علي سيئاتي:

- والله لا أحب اللقاء مع العامة، فهم سذّج ولا يتصرفون باحترام، خاصة حينما يرون رجلا مشهورا بالعلم والعبادة والحكمة مثلي، الكل يريد أن يصافحني، كل منهم يريد أن أجيب على سؤاله.. أوف العوام الهوام.

ضحكت بأعلى صوتي في تلك الصومعة العقيمة متعمدا إغاضة الرجل ثم قلت:

- من علامة الأنبياء أنهم يمشون في الأسواق ويأكلون الطعام، أما أنت فقد نصبت من نفسك آلهة على الناس بشهرتك الكبيرة بينهم، أتمنى أن لا يأتي يوم يستقسمون عندك بالأزلام كما كانوا يفعلون مع جدك الأكبر.. هاهاهاهاها

وخرجت تاركا الرجل في حيرة ولعله كان يقول في نفسه:

- عليك اللعنة أيها الوغد الحقير..

سرت إلى المدينة ولم أعرف ما حدث بين حبيبتي دنيا وبين ملكة البلاد العظيمة..

غابت حبيبتي عن ناظري، وخمدت نيران الطاقة في قلبي وأصابني الضنا وبدأت أداعب الوقت أتلمسه بيدي بعدما صار بطيئا يسحب الملل خلفه، زادت وحشتي فصارت لوعة تحرق أحشائي أحسست أنها لعنة من الراهب ألقاها عليّ فطارت دنيا حبيبتي من بين يدي على حين غرة بعدما ظننت أنني حزتها جسدا وروحا توجهت إلى المكان حيث كنا نتواعد أحاول أن أسترجع الذكريات الجميلة ففوجئت لما رأيت الشجرة قد اجتثت من أعماقها بجذعها الراسي ووضعت كأنها نائمة على جنب تسنتد الملكة إليها مقلوبة...

كان الراهب مكتوف الأيدي بوشاح حبيبتي دنيا، جاثيا على ركبتيه وعيناه مقصورتان على الجسد الجميل الذي كان يرقص على أنغام المُلك والسلطان...

كأني به كعكة فاسدة على طبق قدمتها دنيــــــــــــــا إلى ملكة البلاد..

فرّت دنيا من يدي على حين غرة، وأخذت قلبي وعقلي معها وصرت مجنونا أجوب الشوارع متخذا من سروالي ربطة لعنقي أتلفظ بالحكمة ألقيها عسى أن يسمعني أحد..

(اللهم أصلح أحوال أمتنا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا)

ربيع

 

 الحسنـــــــاء والـــراهب............. بقلمي
ط¨ط¯ط§ظٹط©
ط§ظ„طµظپط­ط©