الدوري المغربي دوري مميز و مثيرة لدرجة قد لا يضاهيها أي دوري عالمي, قد يستغرب الكثير كلامي هذا لكن الواقع تؤكد أن الدوري المغربي هو الأكثر إثارة في العالم, الإثارة ليست مرتبط بقوة المنافسة بين الفرق الوطنية أو جودة اللقاءات التي ابتلينا بمشاهدتها أسبوعيا, بل سببها أحداث تؤثث بطولتنا العالمية...
فالبطولة الوطنية أو كما يحلوا لجامعتنا الموقرة أن تسميها بالبطولة المغربية المحترفة عودتنا على إتباع المقولة القائلة: كل يوم بمصيبة جديدة, فبعد أن أصبحنا نشيع كل أسبوع أحد الأنصار نتيجة الشغب الجماهيري أخيرها الشاب زيد, و سقوط لاعبينا نتيجة السكة قلبية أخيرهم اللاعب الخلوق أقدار, الأمر الذي جعلنا نطرح تساؤلات حول مدى الاهتمام الأندية المغربية بالجانب الطبي, صراحة مشاكل لا تعد و لا تحصى, فثارة يكون الحادث نتاج عن سوء تدبير أو سوء التسيير (مشاكل الفرق الوطنية) و ثارة أخرى تكون نتيجة تفشي الفساد في جسم القطاع الرياضي (اختلاسات – صفقات مشبوهة)...
اليوم و أنا أتجول بين الصفحات و المواقع الإلكترونية و أصادف خبر يعتبر مصيبة أخرى من مصائب الكرة المغربية, مصيبة مفادها استدعاء لاعبي بعض الفرق الوطنية ليتم تعميق البحث معهم على خلفية تورطهم في قضية تزوير أعمارهم, الأخطر هو أن التحقيق يؤكد تورط عدة أندية كبيرة في القسم الأول تسهر على تزوير أعمار لاعبيها, حيث استفاد اللاعبون من تقليص أعمارهم من 4 الي 5 سنوات, و الهدف طبعا هو إغراء الفرق الأجنبية و المغربية و التي تفضل انتداب لاعبين شباب لاستفادة منهم أكثر, الغريب في الخبر هو أن الفرق المعنية هي فرق لها مكانتها في الساحة الرياضة المغربية, و إن كان هذا حال النخبة فما هي حالة الأندية في القسم الثاني و الأقسام الشرفية...
هذا الخبر يجعلنا نطرح أكثر من تساؤل حول إمكانية الكرة المغربية الخروج من هذا المستنقع و المليء بكل أصناف الهواية و الفساد, و غياب سافر لاحترام القوانين و أخلاقيات اللعبة, و هنا أستغرب من الجامعة و التي تسهر على سن قوانين منظمة للعبة و السهر على تطبيق الاحتراف في وسط يفتقد أساسا لأساسيات و أخلاقيات اللعبة...
ما خفي هو أعظم و الأكيد أن هناك مصائب أخرى سوف نكتشفها في الأيام و الشهور القادمة, فاللاعبين تحولوا إلى مجرد سلع ليس أقل و لا أكثر, و أنديتنا لا تهتم لا بقوانين منظم و لا بأخلاقيات اللعبة, فالأهم هو قيمة الربح المادي و السعي للاستفادة من اللاعب إلى أقصى درجة ممكنة, كيف لا و مسيرو هذه الفرق لا علاقة لهم بالرياضة, ميزتهم الوحيدة هي أنهم من أصحاب القوة المالية, و هم في الغالب يفتقرون لتحصيل العلمي الأساسي فهو لا يتوفرون في غالبيتهم على شواهد ثانوية ان لم نقول شواهد ابتدائية, هم أصحاب سياسة تعتمد على تحقيق الربح عبر نهج طريقة تربية المواشي و إتباع المقولة الشعبية "الله اجعل الغفلة بين البايع و الشري"...
و حتى نكون صرحاء مع أنفسنا فنحن و في غالبيتنا فقدنا روحنا الإنسانية, و أصبحنا نسعى لتحقيق الربح و النجاح بكل الطرق القانونية و غير قانونية, فكم من مواطن دفع رشوة للحصول على شهادة إدارية لا يستحقها ليستفيد منها, و كم من طالب غش في الامتحانات و تمكن من الحصول على شهادته التعليمية, و ابسط صورة توضح أن عقلية الفساد الأخلاقي هي عندما يوقفنا شرطي المرور بعد أن نقترف مخالفة لتنطلق المفاوضات لإقناع الشرطي بدفع رشوة ليتغاضى عنا و عن مخالفتنا, نحن شعب إذا تم اعتقالنا من طرف الشرطة لا نبحث عن محامي بل نبحث عن وسيط أو معرفة ليتدخل لانقاد الوضع و بطبيعة الحال هناك مقابل مالي لهذا التدخل....
الكرة في المغرب تعاني من تفشي الفساد, و هذا أمر طبيعي لان الكرة و الرياضة ما هي إلا انعكاس لما يقع في مجتمعاتنا, فالعقلية و الثقافة السائدة تعتمد على أن جميع الطرق مشروعة لتحقيق الأهداف و هي بالمناسبة أهداف شخصية لا تراعي مصلحة العامة أو المبادئ الأخلاقية أو القانونية, و هو الأمر الذي يتطلب من وجهة نظري تغيير جدري في العقليات السائدة ...