||ـ| وفــــــــاء |(خاص بمسابقة قلعة ستار القصصية .الجولة الأولى )|ـ||
آخر
الصفحة
جد محمد
  • المشاركات: 2423
    نقاط التميز: 1687
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
جد محمد
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 2423
نقاط التميز: 1687
معدل المشاركات يوميا: 0.5
الأيام منذ الإنضمام: 4816
  • 14:43 - 2012/11/28

 

 نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

زمن خريفي قد حط و سيول مطر تنهمر على المدينة. و- وفاء- كعادتها تجلس لتطالع أو تكتب خواطرها بحروف ندية ،أو لتصارع أدغال النت .

 اليوم كانت على موعد مع صفحات من دفتر ذكريات المرحوم أبيها. لفت نظرها عنوان كتب بخط رمادي : كفالة يتيم

فطفقت تجني من تلك السطور ثمار الكلمة ،و ألق الحرف و الإبداع ، فبدأت تقرأ :

 

بعد تعييني بإحدى المدارس ، هناك برأس الجبل لم أجد أنيسا و لا صديقا غير كتبي و نهر يمر بجوار المدسة ،يولد في أحضان الخريف .. يشمخ في الشتاء .. ينثر الحياة على ضفاف الربيع قبل أن تجف منابعه في الصيف ،ليشكل بذاكرتي دورة كاملة للحياة . كانت السنة تزحف لتتعدى نصفها عندما تعرفت على إحدى المعلمات ( ليلى ) .بعد ان التحقت بنفس المدرسة تبادلنا أحاسيس العشق فغرقنا في حوارات بين الماضي و الحاضر و المستقبل ، و اغترفنا الهوى فانتهى بنا المطاف الى الزواج .

يمر الزمن هاربا و انا أدون بين صفحاتي الحياة بحلوها و مرها .كانت علاقتنا الزوجية تتأصل و تزداد صلابة ،لكن للقدر أساطير حيث تبين أننا نعاني من العقم أنا و زوجتي . مر الزمن بسرعة موحشة و نحن نصارع أمواج الأيام الهاربة !، بدت لنا الحياة رتيبة ..و بدأ يتسرب الى نفسينا بعض الملل و كانت ترافقنا في هذه الرحلة و تعيش معنا زهرة خادمة بيتنا ، فقدت زوجها بعد صراعه مع مرض عضال لم ينفع معه دواء ، فورثت عنه فقرا مذقعا و بنتا آية في الجمال ،عمرها لا يزيد عن العامين كانت الهم الوحيد الذي تحمله المرأة . سكنت معنا في المنزل بمحض ارادتنا ، و شاء القدر أن تصاب زهرة بمرض ، نقلت على إثره الى المستشفى المركزي . زرتها ذاك المساء ،فوجدتها ترقد بجسدها النحيف على سرير أعياه الوقوف هاهنا ..زجاجة السروم مغروسة في ساعدها الأيسر ..و وجهها اعتلته شحوبة و ذبول . تقدمت نحوها ببطء السنين و هي تتأرجح بين حشرجة و انين. دار بي المكان ،فجلست على الكرسي المجاور للسرير .سلمت عليها لم تقو على رد السلام و لكنها قالت و هي تقاوم طوفان الإحتضار: محمد تركت - وفاء - أمانة في عنقك و عنق زوجتك ، .آه.!! لقد كسرت جدار الصمت لتبلغني وصيتها (كفالة بنتها اليتيمة ) ثم عادت لتصارع الموت من جديد . انفجرت باكيا ، و احسست أن الحياة تافهة و لولا قوة الإيمان لكانت فعلا لا معنى لها .عدت حاملا أحزان زهرة و وصيتها . أخبرت ليلى بالوصية فصرخت صرختين الأولى حزنا على زهرة و الثانية فرحا لأنها أخيرا ستصبح أما بعد أن حرمت نعمة الأمومة !!. ماتت زهرة فشمرت ليلى ساعدها لتخدم المنزل هي بنفسها و لتمارس فعل الأم ،و تكرس حياتها لتربية وفاء . شكلت و بحق هذه البنت نعمة من نعم الله. أدخلت على قلبينا الفرح و البهجة ، فإلى جانب التعاليم التي يحملها القرآن الكريم من أجل اليتيم أحسسنا أننا الآن نحمل رسالة في الحياة !.

 

 أتمت وفاء قراءة هذه الصفحة اجتاحها شعور غريب .

و عندما نادتها أمها لتذكرها أن زمن زيارة قبر والدها قد حان . لم ترد - وفاء - بل أطلقت العنان للبكاء بعد أن عرفت حقيقة ظلت غائبة عنها . أسرعت الأم لتجد بنتها غارقة في دموعها . اندهشت و هي تحتضن وفاء فتساءلت: ما بك حبيبتي ؟

ما أبكاك ؟

كانت التحاريق تضاجع أحاسيسها و الجفاف يوشك أن ينشر خيوطه على القلوب و نواقيس الزمن الحزين تدق بعنف دفعة واحدة بين دروب الخريف ..

القت ليلى نظرة على الورقة لترى خط المرحوم زوجها فتذكرت أنها من مدوناته الخالدة . هناك خارج البيت لازالت السحب النازحة ترتق ثوبها القرمزي و تنثر مطرا ربما قد يعيد للحياة دورتها العادية !!

 

 

                                                                                        انتهى!                                                                                 بقلم : أمازيغ1

 ||ـ| وفــــــــاء |(خاص بمسابقة قلعة ستار القصصية .الجولة الأولى )|ـ||
بداية
الصفحة