إن ما حصل في موقعة أم درمان لنموذج حي للدور الإيجابي أو السلبي
الذي قد يلعبه الإعلام في تغطية حدث ما،
فقد شهد اللقاء الفاصل و المؤهل لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا
والذي جمع بين منتخبي مصر و الجزائر و إنتهى بتأهل هذه الأخيرة
بهدف نظيف مما خلق موجة من الإحتجاجات و الإضطرابات بين الجانبين،
فالعلاقات بين البلدين والشعبين إختُبرت على أسوء نحو
وعرفت إضطرابا شديدا بسبب التعصب الكروي الذي جثم على معظم المشجعين،
فقد إعتبر الإعلام كعادته أن هذا اللقاء لا يحتمل الهزيمة،
و الفوز فيه خيار أوحد وعليه فليتنافس المتنافسون،
فإنعكس ذلك بالسلب على الأجواء الأخوية بين الشعبين،
ولم يكتف الإعلام بنقل الأحداث بل ساه
م في خلق الحراك والتدافع نحو الشر والتحكم في عقل المتلقي وتوجهيه
بصنع أحداث بتنويعات مختلفة كادت أن تودي بالعلاقات بين الدولتين
إلى نفق مظلم لولا الألطاف الإلهية التي جنبت أبناء الأمة الواحدة
من مواجهات كانت أسباب حراكها جوفاء،
بل جرفت أحداث هذه المباراة كل الروابط الجميلة التي تجمع بين الدولتين،
وإنتقل التعصب الكروي إلى خارج مدرجات ملعب أم درمان ليؤجج
مشاعر الجماهير و يصل حتى إلى رجال الإعلام فلم يعد خفيا على الكفيف
أن بعض وسائل الإعلام إستثمار تجاري هدفها الربح قبل الحقيقة،
و دولبها المصلحة في تمرير المواقف والقناعات الباطلة على حساب الحق،
والسخرية من المبادىء وإنتهاك حرمة أشرف المهن...