نتحدث عن ... أظن بأنه!
الكثير منـا يمتلك جملة او كلمة او حتى حرف فريد يستعملهـا كورقة رابحة او شفرة غريبة يلجئ إليهـا عن طريق الترديد عند كل تلعثم في الكلام لربح الوقت وترتيب الأفكـار، وكما تعرفون فأن تتحدث في وسيلة أعلامية والأضواء مسلطة عليك تكون نسبة 'التلعثم' اكبر وبالتالي اللجوء للورقة الرابحة يتم بطريقة اكبر، فإن كان أغلب وزراءنـا المبجلين يلجئون لترديد حروف متقطعة غير مفهومة عند كل 'عكلة' من قبيل 'اوو ، ايي ، اااا ، ععع ، بببب'!!! قبل ان يتهجئو كلمة بعربية مكسرة فإن الأعلامي الكبير عبد المجيد الشجعي يلجئ لكلمة شهيرة أحب ان أسمعهـا منه دائمـا وهي ' نتحدث عن..' فإبن الصحراء المغربية كثير الترديد لهذا المقطع خلال ظهوره في قناة الجزيرة الرياضية، ولأنني اقدر واحترم هذا الأعلامي المميز فقد أحببت ان أعنون موضوعي هذا بطريقة الشجعي .... ادن اهلا بكم نتحدث عن الجمهور..، !
الجمهور في المباريات كالملح في الطعـام، الجمهور هو اللاعب رقم 12 في كل فريق، والعديد العديد من الألقـاب التي تطلق على الجمـاهير بيد انه هـناك فارق كبير بين الجماهير المتفرجة والجمـاهير المنـاصرة فالأولى تذهب للملعب كأنهـا تتابع مسرحية لفرقة الحي او فلم سنمائي قصير تقضي وقتهـا جالسة تمضغ العلكة او 'تنقب' الفستق او اي فاكهة جافة، امـا النوع الثاني فيحضر للمنـاصرة والتشجيع والصراخ وترديد الشعـارات وطبعـا الوسـائل تختلف والحمد لله في المغرب نجد الوسائل تطورت مع ظهور الإلترات، وبمـا انني في منتدى مغربي فدعنا نتحدث عن الجمهور المغربي وبعض تصرفاته العجيبة!،لن اتحدث عن الشغب الذي اصبح في الأونة الأخيرة عنوانا عريضا للكثير من المواجهـات في الدوري الوطني، وأضحى شبحـا أسود يعصف باواصر 'تامسلاميت' و 'تامغرابيت' التي تربطنـا كمغاربة لكن سوف اصور بعض الأشيـاء العجيبة في الجمهور المغربي والتي احببت التعليق عليهـا.
ولأن الجمـاهير يكون احتكاكهـا أولا ومعـاينتهـا اكثر مع انديتهـا فإنني أصبحت أستغرب ممن يحـاول تصنيف الجمهور المغربي على انه الأقوى والأبرز عـالميا بل ان بعض الحالمين يضعونه ضمن العشر الأوائل وشخصيا ارى ان هذا ضحك على الدقون وكذبة صدقنـاها ، فأن تكون جمهور مميز ليس عليك قط رسم لوحة ' تيفوتية' على المدرجـات في المباريات الكبيرة، لكن عليك ان تكون حـاضر دائما ابدا في جميع المبـاريات وبنفس الكثافة وبنفس الحمـاس وبنفس الحب والرغبة ولا يجب التخلي عن الفريق عند أول هزيمة او منعرج وانزلاق،يجب ان تكون دائمـا اللاعب رقم 12 الذي لا يمكن ان تنطلق المبـارة من دونه، غير اننا في المغرب تقريبا في اغلب المباريات تكون المدرجـات فارغة اللهم في اللقـاءات القوية مثل الديربي البيضاوي او نهـائي الكأس ومعروف ان هذه المباريات احتفالية اكثر بمعنـا ان الحضور لا يقتصر على المناصرين، وكثير من الجماهير تربط الحضور للمدرجـات بتحقيق نتائج جيدة وهذا عايناه مع جمهور الوداد والرجاء والجيش السنة الماضية وايضا جمهور أسفي هذه السنة وجمـاهير الجديدة والحسيمة ... وهذا مـا يجعل من الجمهور المغربي جمهور نتائج بإمتياز،عندمـا تتابع المباريات في الدوري الألمـاني مثلا ترى كيف الجمهور يشجع دائما مهمـا كانت نتائج فريقه بل احيانا تشك انهم يتابعون نفس المبارة التي تشاهدهـا امـا الحضور فالملاعب دائمة ممتلئة مهمـا كان الحدث وبصرف النظر على نتائج الفريق، صحيح الوضع يختلف بين المشجع المغربي والمشجع الألمـاني لإسباب يصعب حصرها إلا انه من الطبيعي وانت تعتقد انك جمهور عالمي بأن تكون اهلا للعـالمية ولا يكون حضورك مرهونا بالنتائج ، فالرياضة فوز وخسارة والبطل وحيد لا ثاني له والفريق يحتاج للتشجيع عند الحسرة وليس عند الرخـاء واللاعب يحتاج للجمهور لكي يتطور ويبذل المزيد من الجهد.
ولان جمهور الأندية هو تقريبا نفسه الجمهور الذي يتابع مبـاريات المنتخب او لنقل اغلبه فإنني استغرب كيف اتابع مبـارة للمنتخب االمغربي في حين الأعلام التي اجدهـا في المدرجات تختلف حسب انتمـاء المشجع فذلك يرفع شعـار الوداد والأخر شعـار الجار الرجـاوي ثم ياتي الثالث بعلم البارسا او الريال بل احيانا يتعدى الأمر ذلك فيمكنك معاينة اعلام بلدان اخرى في المدرجات وكأن الأمر يتعلق بهيأة الأمم المتحدة، وهناك اتسـائل هل المبارة تخص المنتخب الوطني المغربي ام احد الأندية المغربية ومـا يجعلك حـائرا اكثر هي الشعـارات التي تسمع الجمهور يرددهـا بين الفينة والأخرى فأغلبهـا تخص الأندية ولا علاقة لهـا بالمنتخب، وعلى ذكر الشعـارات فإن كنا قد قلنـا سابقا انه اصبح صعبا الدخول للملعب مع احد افراد العـائلة ومتابعة مبارة كرة القدم في المغرب بسبب الكم الهـائل من التراشقات و'النيزكات الخاسرة' التي يجود بهـا المعجم الأدبي المغربي فإننا الأن اصبحنـا نستحيي من متباعة مبارة كرة القدم مع العـائلة حتى في منازلنا بسبب هذه الثروة الفاحشة فلا يخلو اي لقـاء من كلام نابي خـادش فاسد غير اخلاقي منحط ... ثلاث نقاط للحذف وقل اي شيئ سيئ اردته.
امـا الصورة الأخرى التي تحيرني في الجمهور المغربي متعلقة باللافتات،فبينمـا يمكن لأي شخص يدخل للتشجيع ان يحمل العلم الوطني او لافتة تشجيعية او شعـار ناديه فأن فئة اخرى وهي عريضة تفضل ان تدخل الملعب وهي محلمة بصور الملك واحيانا صورة الملك رفقة زوجته الأميرة والأمير الصغير قد يكون عـاديا حمل هذه الصور ووضعهـا في مكان ما بجانبك رغم ان الموقف لا يخلو من الغرابة، لكن الأغرب هو انهم يلوحون بهـا ويقبلونهـا، بل في نهـائي الكـاف السنة الماضية ظهر احد المشجعين المعروفين وهو يحمل صورة للملك وزوجته قبل ان ينهمك في تقبيلهـا بنهم واشتياق فعلامات الجوع 'التقبيلي' كانت بادية عليه ولبرهة اعتقدت ان جلالة الملك هو من صد ضربة ترجيح اللاعب التونسي وان الأمير الصغير هو من نفذ ضربة الخلاص...بل قد تعتقد ان النصر في تلك المبارة جـاء بفضل السياسة الحكيمة للملك وتعليماته السامية والتطبيق الرشيد من طرف رئيس الحكومة المبجل فلولا ان رئيس الحكومة يقوم بعمل جيد لمـا أستطاع الزنيتي صد ضربة الجزاء..!،شخصيا حـائر مع هذا النوع من المجشعين الذين لا يوجدون إلا في المغرب فأتحدى اي شخص يعثر على جمهور يحمل صور العـائلة المالكة في بلاده إلى الملعب او حتى رئيس البلد بمـا ان الملكيات قليلة في العالم فمـا الدوافع يا ترى ...؟ ربمــا حب جارف!
الصورة التي اشمئز منهـا اكثر هي تلك التي اعـاينهـا عندمـا يتعلق الأمر بالمنافسات الخارجية حيث التشجيع يكون للفريق الأجنبي ضدا في الفريق المغربي الذي تربطني به حسابات حول دوري محلي وكأس محلية بلا طعم، وللحظة تظهر لترات وخلايا جماهيرية كانت نائمة أستيقضت خصيصا بمناسبة حضور الفريق الأجنبي لتكون له دعما ودخرا على الفتك بأبن البلد وممثل الوطن ، هذا عايناه كثيرا في المغرب بين الرجاء والوداد والجيش وايضا بين طنجة وتطوان وأتذكر جيدا تلك المبارة الشهيرة للمغرب التطواني في ملعب مرشان ضد الوحدات الأردني برسم دوري الأبطال العرب وكيف تحول الطنجاويين إلى وحداتيين في رمشة عين،اظن بأنه من العار ان نمتلك هذه الثقافة الدخيلة فأي انتصار لفريق مغربي على المستوى الخـارجي يعتبر انتصارا للمغرب والكرة المغربية فكفاكم...، وعلى ذكر 'اظن بأنه' دعوني اعرج على الناخب الوطني رشيد الطاوسي الذي يظاهي مجيد الشجعي في ترديد كلمته السرية فأن كـان للشجعي كلمته 'اتحدث عن' فأن للطـاوسي ايضا نغمته 'اظن بأنه' وفي روايات اخرى يقول ' اعتقد بأنه'، ما يجعلني اتحدث عن الطاوسي ليس هو طريقة انفعلاته التي تدعو' للتأمل' فمثلا في نهـائي كأس الكـاف كان يحمل قرءانا اثنـاء المبارة وكأن ينتظر القرءان من اجل مبارة كرة القدم والمنافس ليس إلا فريق تونسي مسلم وليس كلامه الغريب واستعماله لأيات قرائنية في غير سياقهـا الصحيح بل حرصه في بعض الخرجـات على التأكيد ان الأنتصار جـاء بفضل احدى الخطابات الملكية.
ليس لهذا السبب سأتحدث على 'اظن بانه' عفوا اقصد الطاوسي ولكن لأطـالب الجهور بدعمه وتركه يعمل بهدوء وعدم الضغط عليه فيكفي الضغط الذي يحس به كمغربي يريد ان يعـاين منتخبه في احسن حلة ويكفي العراقيل التي لا اشك ان توضع في طريقه من محيطه فقط لأنه مدرب وطني مغربي وليس اشقر بعينين زرقاوين، وشخصيا احسست بالأأحباط بسبب تصرف الجمهور البيضاوي مع المنتخب في اخر مبارة حينمـا لجئو لتشجيع المنتخب الطوغولي بطريقة مستفزة جدا وتحبط المشاهد قبل ان تحبط اللاعبين ثم المدرب الذي اختار 'كازا' بعناية ليلعب هذه المبارة لأنه كـان ينتظر من الجمهور الكزاوي منح شحنة اضافية واظهار تعـاطف وتشجيع قوي للعنـاصر الوطنية حتى تذهب للأمم الأفريقية القـادمة وهي تحمل ذكريات جميلة عن جمهور بيضاوي يشجع بحماس حتى لو تعلق الأمر بمبارة ودية، جمهور ينتظر الأفراح ويناصر بلا هوادة ويعشق الكرة بمنطقهـا الكامل الفوز والتعـادل والخسارة، نتمنى كل التوفيق لرشيد الطاوسي ولمنتخبنـا الوطني ولن احزن كثيرا ان خرجنا من كأس أفريقيا من الباب الضيق كما فعلت العام الماضي ،لأن المدرب وطني والطاقم مغربي وهذا منتخبنا وذاك مغاربنا.
نتحدث عنالصور التي حضرتني الأن ،' واظن بأنه قد اطلت عليكم، فأعتذر لكم والسلام. |