السلام عليكم عشاق منتديات ستارتايمز و كوورة، معكم العضو أسامة من طاقم المنتخب المغربي المشارك في مسابقة المنتدى الذهبي ،
وأتمنى بإسم منتدانا المغربي أن ينال إعجابكم ، وأُحيي بالمناسبة الإخوان الأعضاء و المشرفين و المراقبين ،
الذين سهروا على إخراج هذه الفكرة للوجود، والتي تمّنها الجميع كبادرة راقية تعكس السمو الفكري
لهذه اللجنة و مساهمتها الفعالة في خلق تقارب و تعارف أعمق و تنافس شريف بين مختلف مكونات منتديات ستارتايمز و كوورة ،
و أتمنى كل التوفيق لهيئة التحكيم في هذه النسخة الغير مسبوقة في تاريخ المنتدى.
على أي، كان لي عظيم الشرف بل كل الشرف أن أخط لكم هذا المقال المتواضع و أتمنى صادقا أن ينال إعجابكم،
وبإسم الله مجراها و مرساها و على الله فليتوكل المؤمنون.

بين الغرب والعرب أية مسافة ؟

تقديم

أسئلة كثيرة تتراود بالأدهان حينما نحاول التفكير في هذا الفارق الكبير في الرياضة العربية والأجنبية ,
إختلاف ما فتئ يتحول إلى ضباب بدأ يحجب الرؤية عن العالم الأخر الذي يعيش فيه الأوروبيين بالخصوص،
وبالتالي فحلم الوصول إليه تحول إلى مسلمة من المسلمات التي تعبر عن المستحيل ونشير إليه بكلمة واحدة وهي "المحال "
لماذا صرنا أكثر انجذاب للكرة الأوروبية وأكثر هجرة لدورياتنا بل بالأحرى لرياضاتنا ؟
أين يكمن هذا الإختلاف الذي حول عدستنا إلى ما هو أبعد من مجالنا البصري ؟ هل بالفعل فاتنا القطار،
نحو التطور وومحاكاة الرياضة الأوروبية . وهل صرنا نحتاج إلى البحث في السماء عن العشرة عصافير المحلقة في السماء.
ونترك العصفور الذي يتواجد في راحة أيدينا ، وقد ضربنا بذلك مثلا معروفا "عصفور في اليد خير من عشرة في السماء " عرض الحائط ؟ .....
أسئلة كثيرة ممكن أن يصل إليها المشاهد العربي , أسئلة تجعله يتساءل عن حال رياضاتنا العربية
وكيف صار مدمنا على رياضات أجنبية أبعدته كل البعد عن ما هو عربي محلي .
ولكي نقترب أكثر من بعض الأسباب التي جعلتنا ننحذر إلى هذا المستوى المتدني رياضيا .
فقد حاولت أن اتطرق إلى أبرز العوامل وخاصة في كرة القدم التي جعلتنا نعاني من هذا التقهقر الذي ما فتئ يتحول إلى سقوط حر .
وبالتالي فقد سطرتها لكم إخواني القراء في عدة نقاط أبرزها:
1- سياسة النظرة البعيدة أبرز علامات النجاح الأوروبي.
2- مدارسنا ومدارسهم.
3- التدريب والبحث عن التطوير.
4- سياسة اللاعب الجاهز ضد سياسة إسم اللاعب.

1- سياسة النظرة البعيدة أبرز علامات النجاح الأوروبي

كرة القدم هي بحد ذاتها مشروع يحتاج لتخطيط ودراسات وتخطيط وأيضا تحليل لكل الإحتمالات المرافقة للنجاح والفشل ,
عربيا من طبائعنا أننا نبحث عن الإنتاج السريع فمع أي تعثر في البداية نبدأ في نكس أعلامنا وكبح تفاؤلنا .
وبالتالي ننادي بإقالة المدرب الذي من البديهي أن يكون المسؤول الأول عن أي سقوط كروي .
وكما هو معروف عالميا النجاح يعم المدرب والإطار الفني معا ، وأيضا الرئيس والمسؤولين واللاعبين .
بينما أي فشل يتحمل مسؤوليته المدرب فقط .وأوتوماتيكيا فإن رؤساء الأندية أو مسؤولي الجامعات العربية ،
يبحثون دائما عن ستار يقيهم هول الكلام الذي ممكن أن ينتشر مثل النار في الهشيم ، لا من المشجعين ولا من الصحافة،
وهكذا فهم يسرعون وثيرة إقالة المدربين ، ويتم إسكات كل تلك الأفواه بإطار جديد سواء كان محلي أو أجنبي
وهكذا فإن الخسارة تكون من عدة جهات لا ماديا ولا حتى تسييريا . لأن ذلك المشروع الذي خططه ذلك المدرب تعرض لإجهاض مبكر.
مما يجعل المدرب الجديد يرسم برنامجا جديدا يتماشى مع سياسته التفكيرية ،
وهكذا فإن سياسة الإقالات تستمر مثل الموضا وبالتالي يبقى ذلك المشروع المستقبلي.
الذي يمكن أن يبنى عليه ازدهار أي منتخب أو نادي عربي عرضة للضياع مع كل خروج عن الطريق لذلك الفريق أو المنتخب .
وبالتالي فإن مسارنا يتحول إلى مسار دائري داخل حلقة مفرغة ومع مرور الوقت نجد أنفسنا غير بعيدين بالمرة عن نقطة الإنطلاقة.
أما أوروبيا فسياستهم غير سياستنا بالمرة , لو عدنا بالزمن للوراء قليلا ومباشرة بعد مونديال 2006
فقد عرف المنتخب الإسباني تحولا كبيرا في سياسته الكروية بالخصوص ، فبعد انتداب لويس اراغونيس ،
فان الفريق راهن على هذا الرجل الكهل ووضعوا الأساس لمشروع عرفوا قيمته بعد مرور السنين ,
مشروع لا زالوا يتذوقون ثماره إلى يومنا هذا حينما تحول المنتخب الإسباني من حصان أسود في البطولات القارية.
إلى منتخب يدخل البطولة وهو مرشح للفوز باللقب . ولو ابتعدنا عن المنتخب الإسباني قليلا واتجهنا الى برشلونة
وفي أيام غوارديولا الأولى فسنجد أن هذا المدرب صنع الأمجاد مع الفريق الكتلوني على الرغم من أن انطلاقته كانت سيئة .
في أول ثلاث مباريات في الليغا حينما خسر وتعادل وتعادل خرجت كل الصحف تطالب بإقالة هذا الفتى ،
الذي يتلاعب بتدريب فريق كبير كبرشلونة وقالوا كلاما غير ناضج عن لابورتا وأن برشلونة ليس فأر تجارب ،
لكي يجرب فيه مدرب صغير كغوارديولا , ولكن ومع ذلك فإن الرئيس ثبت تقته في غوارديولا.
وفي نهاية الموسم الكل صار يهلل باسم بيب غوارديولا ويصفونه بالبطل الأسطوري حينما فاز بالسداسية التاريخية
والفضل يعود له وللرئيس الذي لم يستسلم للكلام الذي خرجت به الصحافة في بداية الموسم .
ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا فإن غوارديولا ترك بصمة في برشلونة تعبر عن فكر رجل بدأ من الصفر ولكنه وجد سند وراءه .
المشاريع المستقبلية دائما تكون بطابع النظرة البعيدة المدى، أما أن يتم الحديث عن ثمارها في فترة لم تخرج أزهارها الأولى
فهي تعتبر مشاريع تستعجل الفشل وغالبا ما نسقط في هذا المضمون نحن العرب ,
والمشاريع التي تحدثت عنها لا تخص فقط عالم الفرق والمنتخبات إنما أيضا يكون لها مفعول كبير على مدارس الأجيال الصاعدة.

2- مدارسنا ومدارسهم

حينما يتحدث الإسبان عن مدارسهم يقولون لك كان لنا بوتراغينيو وبويو وزوبيزاريتا وهييرو والقائمة طويلة،
ولدينا الأن فيا وتشافي وكاسياس وماتا ... وحين تحدث البرتغاليين يقولون لك كان لنا فوتري وفيغو وفيكتور بايا
ولدينا الأن رونالدو وبيبي ... وهكذا فالأرجنتين تستعرض ماضيها بمارادونا وحاليا بميسي .
والبرازيل في الماضي بيلي والان اجيال رائعة كاكا ونيمار ، ولكن حينما نصل للعرب فيجب أن تستعمل أفعال الماضي فقط .
لأننا لا نمتلك لا حاضر ولا بشائر المستقبل فمدارسنا تعتبر ميتة إكلينيكيا , هل يمكن أن تتحدث عن لاعب يضاهي رابح ماجر
حاليا في كل الجزائر ؟ هل يمكن أن تجد جيل مثل نبيل معلول وطارق ذياب في تونس ؟
هل لك أن تجد جيلا أسطوريا مثل التيمومي وبودربالة وخيري في المغرب ؟ لا جواب إذن.
مدارسنا هي بمثابة معامل تستورد منها أوروبا متى شاءت , بنزيما ونصري وبنعرفة وخضيرة وزيدان وأفيلاي ورامي
والقائمة طويلة أسماء نعتز بأنها تجري في عروقها دماء عربية، إلا أننا نحزن حينما نعرف أنها حملت قمصان منتخبات أجنبية ,
منتخبات سرقت منا موهبتهم وكنا لنفخر برؤيتهم بقمصان تونس والجزائر والمغرب ولكننا اكتفينا بترديد أصولهم
فقط أما البقية فهي كانت هجرة الأقدام تحاكي هجرات أخرى للأذمغة العربية .
عربيا مدارسنا لا تعرف سوى تهميش المواهب والإعتماد على ما هو خارج الوطن ،
وقد عاصرنا العديد من المنتخبات تهمش بطولاتها وتبحث في البطولات الأوروبية عن لاعبين أصولهم عربية ،
وينادون عليهم مهما كانت أسماؤهم أو مستوياتهم (سأعود للحديث عن هذه النقطة في الفقرة القادمة )
وبالتالي فإن هذا التهميش ممكن أن يكون له مفعول سلبي جدا على اللاعبين الشباب المهمشين .
مما قد يدخلهم في ازمة تشكيك في القدرات الفنية لهم وأيضا البحث عن منتخبات أخرى يمثلونها
طالما أنهم لا يملكون الحق في تمثيل منتخباتهم الأصل , اذا ما عانوا من مشكلة التشكك في القدرات الفنية.
فقد يدخلون في دوامة قد تعيدهم مراحل عديدة للوراء وقد يؤدي ذلك إلى انحدار في المستوى وتدمير للمواهب الشابة .
أما اذا ما اتجهوا إلى بلدان أخرى لتمثيلها فنكون قد خسرنا شعاع اسم اخر كان من الممكن أن يسطع في سمائنا العربية في المستقبل.
وفي كلتا الحالتين يبقى التضرر مشترك في حين أن الشطر الأكبر يبقى للبلد الذي يفقد ماساته تباعا .
أما اذا حولنا الإتجاه وألقينا نظرة على المدارس الأوروبية فسنجد اختلافا كبيرا بين مدارسنا ومدارسهم ,
المنتخب الاسباني مثلا منتخبه يتكون تقريبا من 4 مدريديين و6 من برشلونة وهذا الخليط فهو ناتج عن نجاح مدارس برشلونة
ومدريد بالخصوص، وذكاء المنتخب الاسباني ومسيريه دفعهم لخلق هذا المزيج من اقوى فريقين في اسبانيا وبالتالي فهم ضربوا عصفورين بحجر واحد
- تفعيل المدارس الإسبانية وعدم تهميشها
-رفع نسبة الإنسجام في المنتخب طالما أن الجزء الأكبر من لاعبيه يتكون من فريقين فقط .
هكذا فإن المنتخب الإسباني قد حقق نجاحات كبيرة لا أوروبيا ولا عالميا وذلك راجع بجزء كبير لهذا النجاح الذي تعرفه الأجيال الصاعدة.
فالمدرسة تمثل مستقبل المنتخبات والفرق العربية وبالتالي يجب أن نبقي الأعين مفتوحة عليها ولا نغض الطرف عنها
بحيث كلما أبرزنا اهتمامنا بهذه المدارس وفعلناها كلما زادت ثمارها ,
وهذا الإهتمام لا يأتي من فراغ وإنما يحتاج إلى حسن تسيير وعقول تعرف كيف تطور المواهب .

- التدريب والبحث عن التطوير

التدريب يجب أن يكون بنهج متنوع وأكثر بعدا عن الملل الذي قد يدخله اللاعبون بتكرار التمارين والتنويع يخلق للاعبين
مجالا كبيرا للابتكار والبحث عن اكتشاف امور جديدة , في اسبانيا غوارديولا قاد برشلونة لتكتيك اللعب بالمهاجم الوهمي
وذلك لانه يعرف ان جل لاعبي المقدمة سريعين ويستطيعون الابداع من الاطراف وحينما ينطلقون من الوراء.
وبالتالي فان تكتيكه حقق نجاحات كبيرة وهذا التنويع جعل من هجوم برشلونة أكثر فعالية .
مما كان في السابق واربك دفاعات الخصوم بسبب الحركية المستمرة للاعبين داخل وخارج منطقة الجزاء .
غوارديولا استنتج في التدريبات أن الفريق لا يملك مهاجما كلاسيكيا . ممكن أن ينشط في منطقة الجزاء.
مع تواجد لاعبين حركيين فتح له المجال لخوض تجربة المهاجم الوهمي .
المدرب الذكي هو الذي يشتغل على تنويع الافكار في التداريب ودائما ما يبحث عن رد فعل ايجابي من اللاعبين
مع نهاية كل تدريب ولو نعود للوراء قليلا في وقت كرويف حينما كان يدرب الاجاكس فقد كان يطلب من اللاعبين
بعد كل تمرين ان يصيغوا له استنتاجا شاملا ، والغاية من التمرين اليومي وهكذا فهو ينمي قدرة اللاعبي على الابداع والابتكار .
المدرب حينما يستمر في نفس النهج لا في التداريب ولا حتى في تكتيكاته وحينما تجده عاجز عن قراءة المباراة
بين فتراتها فهو يصبح بمثابة الكتاب المفتوح للخصوم. وايضا لا يتواجد اي شغف عند اللاعبين في التمارين
طالما انها تتكرر يوميا وبالتالي فهو يخلق عجزا روتينيا للاعبين وضعفا في ردة الفعل لديهم وهكذا فان المدربين يصيرون متعلقون بمجهود فردي للاعب ما في المباراة او ضربة حظ ..

4- سياسة اللاعب الجاهز ضد سياسة إسم اللاعب

من أهم الأمور التي أثرت علينا مؤخرا وهي اعتمادنا على أسماء اللاعبين لا مستوياتهم وأيضا ضعف شخصية أبرز المدربين،
أمام هؤلاء الأسماء , لاعب لا يلعب طوال الموسم أساسي في فريقه ولكنه يلعب أساسي بالمنتخب
نظرا لأنه متواجد مثلا بأبرز الفرق الإنجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية , لاعب لا يريد السفر لمسافة بعيدة
في إفريقيا وويختلق أوهاما وإصابات كاذبة وبعدها يستدعى مرة أخرى للمنتخب وكأنه يدخل خانة المحصنين ,
وأخر يشتم المدرب على العلن مثل حال ميدو مصر وأخر يغضب بعد تغييره مثل بلهندة المغرب
ونمر على إهاناتهم لشرف المنتخب مرور الكرام وكأن شيئا لم يحدث , في حين في المقابل أوروبيا أراغونيس منع راؤول غونزاليس
من لعب كأس أوروبا مع إسبانيا بحجة أن مستواه صار ضعيفا وهنالك من هم أفضل منه ,
أن تقول لا لإسم مثل راؤول في إسبانيا لهو بمثابة خرق لاحد القوانين الاساسية لكرة القدم باسبانيا فراؤول ليس لاعبا
فقط وانما كان رمز من رموز اسبانيا بيد أن المدرب ارتكز على المستوى لا الإسم ونجح مع اختياراته البديلة لراؤول وكانوا فيا وتوريس .
وكمثال أخر فإن كابيلو كان قد أجلس رونالدو وبيكهام في دكة الريال نظرا لتراجع مستوياتهما
وأيضا بيليغريني عاقب غوتي وريكلمي على التوالي في الريال وفياريال طالما أنهما لا يمثلان الحالة المثالية للاعب كرة القدم
لا أخلاقيا ولا فنيا مما أثبت أن هؤلاء الشريحة من المدربين يملكون من الكاريزما ،
ما يسمح لهم بالسيادة داخل الفريق أو المنتخب وطالما أنهم قادرين على هذه السيادة
فالسيطرة على التدريبات وغرفة الملابس لن يجدوا معها أي مشاكل طالما أن شخصيتهم تبرز فوق الجميع .

خلاصة
تطور رياضاتنا يحتاج للعديد من الأليات والتدابير لكي نقترب قليلا مما وصل إليه الغرب خاصة ,
نتحسر حينما نشاهد مدرجات الملاعب الأوروبية مملوءة عن آخرها .
وحينما نشاهد حشودا من الجماهير العربية تتابع الدوريات الأروبية في المقاهي بينما عزوفها عن الملاعب في بلداننا
والجهل كل الجهل لكرتنا التي هي بأمس الحاجة إلينا .
حينها فقط يمكننا يقينا معرفة أن هنالك خلل عميق لازال يتربص بلعبة كرة القدم
في بلداننا العربية من المحيط إلى الخليج .