كان حلمي أن أصبح لاعب كرة, نشأت وسط أسرة متواضعة, فوالدي كان اسكافي و كانت أمي منشغلة بتربيتنا أنا و أخوتي الخمسة, عشنا في حي شعبي, حي انتشرت فيه تجارة المخدرات...
في سن ال 13 قررت الهجرة و البحث عن مستقبلي في مكان أخر, تعددت المحاولات لكنها بآت كلها إلي الفشل, لكن رغم فشل محاولتي لم أفقد الأمل و حاولت مجدد إلى أن نجحت في عبور و الوصول إلى الضفة الأخرى, هناك استقريت عند أحد أفراد عائلتي, رغما أني لم أكون مرحبا به, كان من الضروري أن أجد شغل و هذا أمرا كان صعبا, خاصة و أني مهاجر غير شرعي لا أتوفر على أي وثيقة, و إن تم إيقافي من طرف الشرطة فسوف أرحل إلي المغرب, الأمر الذي جعلني اعمل في الحقول لجني العنب بطرق سرية...
مرت شهور و أنا أعمل في الحقول, تحملت الصعاب و كل مرة أكلم فيه أسرتي في المغرب, أجد نفسي مضطرا للكذب و القول أنني بخير و قريبا سوف أبعث لهم بعض المال لمساعدتهم, الشئ الوحيد الذي كان ينسني همي هو تلك اللحظات القصيرة بعد فترة الغداء في حقل حين كنت أداعب الكرة, كانت هذه اللحظات كالمخدر الذي ينسني الواقع...
في إحدى الأيام و أنا أداعب الكرة, جاء احد التجار لشراء المنتج من صاحب المزرعة, فتوجه نحوي و سألني إن كنت أنتمي إلى فريق ما, فأجبته بالنفي, و عرض علي عرضا لم أتخيل أنني سوف أتلقاه في حياتي, لقد عرض علي إجراء اختبار في أحدى الفرق الكبرى الفرنسية, فوافقت رغما أني لم أصدق ما يحدث لي,توجهت للمدينة وفق لموعدي مع الرجل, أجريت الاختبار, و تم قبولي للانضمام لمدرسة الفريق و اللعب رفقة شبان الفريق...
كان هذا الرجل كالجني في قصة علاء الدين و المصباح السحري, فقد حلت كل مشاكلي, و تدخل الفريق لتسوية وضعيتي القانونية, و أصبحت لي بطاقة إقامة, و أصبح لي مسكن خاص, أتذكر جيدا المرة الأولى التي صرفت فيها شيكا, كنت قد لعبت 4 مباريات لفريقي, حيث قال لي مدربي "بني ستحصل على بعض المال غدا", صدمت عندما علمت قيمة الشيك الذي تحصلت عليه, فقد حصلت في شهر على الأموال التي يأخذها أبي في عام, لم أستطيع النوم تلك الليلة, و في الصباح الباكر اتجهت لأقرب وكالة بنكية لتحويل نصف المبلغ لعائلتي في المغرب, و لأول مرة استطعت فعل أمر يعبر عن شكري و امتناني لعائلتي...
في عامي الثاني رفقة الفريق عرض علي المدرب حمل الجنسية الفرنسية, فهذا سوف يساعدني مستقبلا لتطوير أدائي و يمكنني من اللعب رفقة المنتخب الفرنسي لشباب, لم استطيع قبول العرض فقد كان حلمي أن ألعب يوما ما رفقة منتخب وطني المغرب, فقد كنت متأكد أن هذا سوف يجعل أسرتي و عائلتي مفتخرة بابنها, بطبيعة الحال هذا الرفض لم يمر مرور الكرام, فقد تغيرت طريقة معاملة المدرب معي, و أصبحت احتياطي بالفريق بل و تم إلحاقي بالفريق الرديف لشباب, لم أستسلم لضغوطات, إلي أن جاء دلك اليوم الذي غير مسار حياتي, طلب مني رئيس الفريق إعادة الدرجة النارية التي منحها الفريق لي, فأرجعتها دون أن أطرح أي استفسار, لكن و بعد أسبوع تم استدعائي لمركز الشرطة, و اكتشفت أن الفريق سجل شكاية ضدي يتهمني فيها بإستلام دراجة نارية و رفض إرجاعها للفريق, اعتقلت احتياطيا لمدة 48 ساعة, و هنا جاء المدرب لزيارتي و عرض علي عرضه السابق, حمل الجنسية الفرنسية و تمثيل منتخبهم أو السجن و ترحيل للمغرب, فكان لابد لي أن أصل لقرار الصائب...
يـــــــتـــــــــبــــــــع....