ضعت في تضاريس الأرض ولم أجد لنفسي مخرجا، متاهة وطرق ملتوية ولا دليل إلى حبة الجزر التي تنتظر الأرنب في نهاية الطريق، أحجيات تفوق ذكاء دافنشي وحتى موروث البنائين الأحرار المحاط بالشبهة.. تمنيت أن ألتقي بلارا كروفت الليدي حتى تساعدني على الخلاص، تمنيت أن أستخدم نظام جي بي أس، ليحدد موقعي وتأتي يد الكونغرس الطويلة لتخرجني، تمنيت أن يدعوَ لي المصلون في مكة حتى يستطيع قلبي الإبصار وأسير على درب الهدى لأتخطى كل الحواجز وأنال الجزرة في الأخير.. - ماذا تفعل في هذه المتاهة أيها الغريب؟؟؟ صوت عجيب لفتى مريب، يلبس قريشا ويضع بغداد على رأسه.. - أنا ضائع أيها الفتى... ثم نظرت إليه بدقة وقلت: - ألست سندباد؟؟؟؟ - نعم أنا سندباد، وأنا هنا لمساعدتك، شرط أن ترافقني في مغامرتي القادمة.. لم أكد أصدق عينيّ، لدرجة أنني خلت نفسي مجرد رسم وصورة قد تمحى في أية لحظة.. أنا برفقة سندباد، ما أروعه من حظ، أتمنى فقط أن تكون أخت ياسمين أو إحدى صديقاتها حاضرة في الرحلة، حتى لا نتحاسد أو نتباغض أو نتنافس على القيادة وننسى الرحلة والمتاهة التي تهددنا بالضياع.. سرنا فبلغنا البحر، ووقفنا على سفينة ضخمة، لم تكن لسندباد ولكن كانت لأحمدي نجاد.. - ما هذه اللعنـــة ـــــــــــــــــــ الكبيرة الراسية على مينائك يا سندباد؟؟ فنظر إلي بابتسامة وقال: - هكذا فقط يمكننا الوصول إلى حيث سفينتي، عليّ أن أستردها من البرانس أوف بارسيا، ولن أحتاج إلى ثري هاندرد 300 مقاتل، بل سترافقني أنت، وياسمين وفلفولة أختها الصغرى.. ركبنا في السفينة، واخترقنا أمواج الزمن وبلغنا ميناء ما قبل البعثة المحمدية، ووقفنا على اليمامة وعلى ديار بكر، وتفرجنا على امرئ القيس وهو يتسلل إلى امرأة في غياب زوجها ورأينا سالما يسبح في الخمرة وحوله عشرون جارية بألبسة السباحة مشكلة العلم الأمريكي الحالم.. رأينا تأبط شرا يحمل خروفا تحت إبطه ويجري يسابق الجياد لا يبالي إن بال الخروف أو شعر بالإثارة.. رأينا بني الحيرة يتقاتلون مع بني كندة لخدمة قباذ وحتى أنوشروان كسرى.. رأينا مزدك الخليع وهو يحاول أن يتمتع بزوجة قبــاذ أم كسرى باسم الأخوة والحرب.. رأينا كسرى ينحني وهو طفل يقبل رجل مزدك ليُحرم نكاح المتعة على نساء البلاط.. رأينا الجزيرة تحترق تحت نيران فـــارس... موجة كبيرة قوية شديدة فاجأتنا فصاح سندباد.. - ستتحطم السفينة... اقفزوا إلى البحـــر.. احبسوا أنفاسكم.. لم أتساءل كيف لموجة تحطم السفينة أن لا تحطم البشر، بل وثقت في كلام سندباد، واحتضنت فلفولة وقفزت إلى المــاء وما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسي على الشاطئ.. سفينة ضخمة وسندباد يحمل ورقة قديمة كأنها خارطة لكنز ومفتاح لمغامرة أخرى.. سلمني الخارطة لأقرأ ما فيها: - من محمد رسول الله.. إلى كسرى عظيم الفرس.. أسلم تسلم.. استغربت وتساءلت وخلت أنني أهذي، كيف لهذا العربي أن يخاطب كسرى بهذه اللغة الجريئة وقبل قليل كان كسرى يطرح فضلاته في أرجاء الأرض العربية.. صمت رهيب خيم على المكان قبل أن تقطعه ياسمين بقولها: - هل تعتقد أن كسرى وقباذ ومزدك سيسكتون، أظن أنهم سينتقمون من هذا المصطفى (عليه الصلاة والسلام) ومن قومه وممن اتبعه.. ثم قالت فلفولة التي كنت بدأت أحبها: - سيزرعون الفتنة وسيسعون لاستعادة الملك الضائع، وسيصير مزدك الخليع فقيها يبيح نكاح المتعة والدعارة، وتبادل الزوجات و.. و.. عندها أخذت نفسا عميقا وقلت: - سيستثمرون في محبة أهل البيت، وفي أبناء علي رضي الله عنه وسينتجون مذهبا ومنتخبا لكرة القدم وفندقا للسياحة وأنهار من دماء المسلمين تسيل دون ردع.. ليصيح سندباد في الأخير: - هيـــا اركبوا في السفينة سنعود إلى الديار.. - ربيع.. ربيع.. قم لتتسحر، قم الطعام باللبن على المائدة.. - فلفولة.. فلفولة.. دعينا هيا ما زال الليل طويلا..