كان اول لقائي بها ,في عالمها الخاص الغريب عني.. اذكرها واذكر كل التفاصيل ,فهي محفورة هنا في داخل جمجمتي.. غرفة صغيرة بيضاء لا تختلف كثيرا عن جيرانها ورفقائها.. بلاطها قديم مهمل ,غزته الشهول فأصبح كلوحة تشكيلية رسمها الزمن.. المكان للموهلة بدى لي رتيبا مملا.. تغمرة اوقات من الضجيج ولحضات من السكون..لا اختلاف فهو خانق وقاتل... لكنها وهي تتجول في الاركان اشعرتني انها كطائر فتح جناحيه في سماء شاسعة بلا حدود.. ! عالم هي ملكته وسعيدة به..

محت الصورة الثانية معالم الصورة القاتمة الاولى, فرحت اتفحص المكان من جديد.. ارضية احجارة سوداء وبيضاء ,ربما كأيام حياتها بحلوها ومرها..وعلى ذلك السرير مكان لقطة مع صغارها تحيطهم وترعاهم أمنتا مطمأنة... وفي الجانب الاخر من الغرفة خزانة قديمة تخفي اسرارا ومتعلقات.. تمنيت لو اني اعرفها جميعا ولكني لم اكتشف الا محتوى الدرج الاول فقط فدق فتحة امامنا وسحبت منه علبة بسكوية , قسمتها علينا جميعا مع ابتسامة...

خرجت من الزيارة الاولى ويدي في يد والدي يتبعنا بقية العائلة متوجهين ناحية السيارة , انتهى اليوم وانتهى كل شيء وخلف ظهورنا ذلك المبنا الضخم بحديقته الخضراء..

ابي من هي الخالة فجرة ؟ ولما هي هنا لوحدها..

صمت والدي لبعض الوقت بدى وكأنه يختار فيه الكلمات المناسبة ثم قال

خالتنا , هي هنا لان جميع اخوتها تخلو عنها.. لكل منهم مشاغله واسرته...

ابي ولما تغمض عينيها وتسير بهما هكذا طول الوقت ؟؟

سألته وانا اشير بوجهي تجاه مكانها فتلفت نحوه ثم اجاب

الخالة فجرة عمياء لا تبصر..

اجابة مختصرة حيرت عقلي الصغير فرحت اتساء في داخلي , كيف كانت تتحرك بطلاقة دونما عائق ؟؟ وكيف عرفت امكنتها وهي توزع علينا قطع البسكوة اللذيذ ؟؟ ربما والدي لا يعرف انها مثلنا تبصر.. !