بــســـــــــــــــــــــــــــــــــــــم الله الرحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمن الرحــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــم      في وقت متأخر من الليل ،رجعت الى المنزل وانا اتمايل من شدة الارهاق ،دخلت الى غرفتي وتمددت على السرير للحظات حتى رن الهاتف فجأة وايقظني من غفوتي ،رفعت السماعة واجبت : - آلو ؟ من معي ؟؟؟ - انا خالتك نادين ..اسرعي الى منزل جدتك ..لقد فارقت الحياة .. بصوت يلفه الحزن ويتخلله الالم المرير،اخبرتني خالتي بوفاة جدتي العزيزة حملت حقيبتي وانطلقت نحو منزلها حتى اكون حاضرة في هذا الحدث الاليم . وصلت لأرى وجوها قد ابكاها الحزن دما ،وجوها لم اعرفها من شدة الحسرة ،فمن أواسي؟خالتي ام اختي ؟امي ام زوجة خالي ؟ الكل يعتصر ألمه في دموع حارقة تسيل باستمرار .. لا احد في هذه الغرفة يتحمل فقدان المرأة الشجاعة وسيدة البيت القوية والروح الخفيفة على القلوب ،انها جدتي التي احبها من كل قلبي..حاولت مواساتهم واحتفظت بالاسى داخلي ، واخفيت اوجاعي كي لا ازيد الطين بلة .تهافت الناس على المنزل غير مهتمين بالوقت فقد كانت عقارب الساعة تدور بسرعة ،والليل يهب بالرحيل حتى يطل الصباح ويأخذ احاديث الليل اليائسة والعبوسة ليطردها بعيدا ،استجمعنا قوانا وحاولنا التخلص من وجع الفراق ،استقبلنا النهار الجديد بعزيمة اكراما لجدتي التي كانت لا تتخاذل ولا تستسلم للاحزان ، بعد دفنها عدنا جميعا الى منازلنا ،لكن خالتي اتصلت بي مجددا واخبرتني ان هنالك موضوعا هاما تريد التحدث فيه معي ،فعدت الى منزل جدتي حتى اكلمها . جلست خالتي نادين ثم اخرجت صندوقا صغيرا من الدرج ،وبعدها قالت : بنيتي ..موت جدتك صامت كصمت هذا المنزل الحزين لم تتعذب او تصارع الموت بل فارقت الحياة بابتسامة خفيفة وارتياح كبير ،وكأنها شعرت بالموت يسدل ستاره على الفصل الاخير من حياتها ،ولذلك طلبت مني ان اسلمك هذا الصندوق من يدي الى يدك دون ان يعلم احد ،لهذا انتظرت حتى يغادر الجميع لأعطيك اياه . استغربت ولم اعرف ماذا يمكن ان يكون بداخله ،فتحته لأجد بداخله ورقة تحتها مفتاح كبير الحجم .قرأت محتوى الورقة الذي كان : *حفيدتي العزيزة ،اليك هذه الكلمات من عجوز افنت عمرها تخفي عن الاعين ما لا يحمد عقباه،انا لم افكر في العواقب حتى رأيتك تكبرين ..وادركت انك عاجلا ام آجلا ستعرفين الحقيقة فلماذا اخفي عنك اكثر واكثر؟ المفتاح الذي يوجد بالصندوق يفتح بابا في نهاية الرواق الشمالي من هذا البيت ..الباقي تكتشفينه بنفسك ....جدتك التي تحبك*                   هرعت الى الرواق ابحث عن هذا الباب ،نزلت الدرج ثم فتحت الباب الحديدي بالمفتاح،لقد كان باب السرداب، نزلت اليه وقد كان مظلما اشعلت النور حتى رأيت ما اثقل كاهلي  من الحيرة ،كتب في كل مكان وقطع اثرية غريبة الشكل وفي الزاوية صناديق عتيقة ،فتحت احدها واذا بداخله ملابس مهترئة لطفل عليها غبار كثير ،والبومات صور قديمة قد استرعت انتباهي         بعد ساعات من التفتيش هنا وهناك عن شيء لا اعرفه ،دخلت خالتي لتنهي مهزلة الركض كالمجانين للبحث عن المجهول وقالت :جدتك قد اقدمت على التفريق بين والديك بسبب قضية ثأر وانتقام ،صراع أزلي بين عائلتنا وعائلة والدك ،كانت امك الوحيدة من عائلتنا التي وقعت في غرام رجل من عائلتهم ...تزوجته في الغربة واخفت الحقيقة عنا انجبتك في ظروف صعبة ،وكانت جدتي تنوي ان تبعثك الى دار الايتام حتى تتخلص منك لكنها تراجعت فيما بعد... حرمتك من رؤية والدك وتسببت في عدة مشاكل واختلقت الكثير من الاكاذيب حتي تشعل نار الحرب بين العائلتين ،والدك حي غير انك عشت في كذبة انه توفي في حادث قبل ولادتك بساعات ...وهذه الالبومات هي صور والديك عندما كانا في الغربة جدتك ورغم حبها الكبير لنا ولك ،فعلت امورا بشعة تحت ذريعة الثأر والانتقام وبعث الاطمئنان والسكينة على ارواح اجدادنا ..وغسيل الشرف والعرض بعد ما فعلته والدتك وما اطلقت عليه جدتك باسم *الخطيئة العظمى* ..وحتى تتخلص من تأنيب الظمير دفنت كل الحقائق وصور الماضي داخل هذا السرادب المظلم ... كان بإمكان خالتي ان تواصل الكلام لكنني اوقفتها ..انهارت اعصابي وخرجت من هذا السرداب وانا اردد:لا يمكن ..لا لا لا ..مستحيل ..................................... غادرت وقد غادرت روحي هذا الجسد المثقل بالجراح ....اتساءل ماذا سأفعل وكيف سأنسى و و و ..... أسئلة اخرى لا اجوبة لها عندي... كنت الضحية في كل شيء ،لكن كيف سأعيش مع واقع كوني البنت الغير مرغوب فيها ؟ووصمة العار على قبور اجدادي وثأرهم المزعوم ..؟ وتخاريف غسيل الشرف ؟ وددت لو ادفن نفسي في ذلك السرداب حتى تهنأ روحي ....لكنني تراجعت عن هذا التفكير وانطلقت نحو رحلة اخرى لأفتش عن الحقيقة واتعرف على والدي الحي الميت *                                                 تمت